قدم هارون الرشيد الى المدينة، وأرسل الى مالك وزيره البرمكي طالبا منه كتاب «الموطأ» وأن يأتي إليه ليرويه له. قال للبرمكي: بلّغ مالكا السلام وقل له يحمل اليّ الكتاب فيقرأه عليّ. فأتاه البرمكي، وبلّغ له الرسالة وأجابه مالك بقوله: بلّغه السلام وقل له إن العلم يزار ولا يزور، وإن العلم يؤتى ولا يأتي فأتى البرمكي الرشيد وأخبره وكان عنده أبو يوسف القاضي تلميذ ابي حنيفة فقال: يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت الى مالك بن أنس في أمر فخالفك، اعزم اليه وبينما أبو يوسف يحض الخليفة على اتخاذ موقف ازاء مالك وإذا مالك يدخل ويسلّم ويجلس.
فقال الرشيد: يا ابن ابي عامر ابعث اليك فتخالفني؟ كيف ذلك؟
فأجاب مالك: يا أمير المؤمنين الا ينبغي لي أن أعزّ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأجلّه؟ وأن الله تبارك وتعالى رفعك وجعلك في هذا الموضع فلا تكن أنت أول من يضع عزّ العلم فيضع الله عزّك!
فقام الرشيد يمشي مع مالك الى منزله ليسمع منه «الموطأ» وجلس معه على المنصة طالبا القراءة. يتبع