من يصدّق أنّ مدينة المال والأعمال تختنق صيفا وشتاء ومن يصدّق أنّ عاصمة المشاريع الكبرى لا تزال تعاني الأمرين في انتظار مشروع يخفف وطأة الاختناق المروري اليومي والازدحام الذي أصبح السّمة الطاغية على طرقات صفاقس. حيثما ولّيت وجهك وحيثما كانت وجهتك لا تصادف سوى الازدحام والتعطيل وطوابير من السيّارات والدّراجات العاديّة والناريّة بمختلف أنواعها وأحجامها وفي المقابل يصاب زائر صفاقس بالذّهول عندما يعلم أنّ مدينة المليون ساكن وخليّة النحل العاملة طوال اليوم بلا محوّلات وبلا قطار أقصد « ميترو خفيف» يخفّف عن المدينة أعباء الاختناق المروري.
في ساعات الصّباح الأولى قبيل الثامنة وحتى قبل ذلك ترتفع أصوات المنبهات وتصطفّ الطوابير على امتداد مداخل المدينة كطريق المطار وطريق تونس وطريق قابس وغيرها ... كلّ يصرخ وكلّ ينتظر دوره للمرور والعبور إلى مكان العمل أو دكّان التجارة أو مركز الإدارة. والسّعيد من هؤلاء من يقتطع بعد شق الأنفس تذكرة عبور حتى لو تسلّل الرّصيف أو «حرق» إشارة المرور في لحظة غضب ويأس.
اختناق لا يطاق
فمدينة صفاقس التي ضاقت بسيارات أبنائها لم تعد تتحمّل طرقاتها المزيد فما بالك إذ علمنا أنّ الآلاف يدخلونها يوميّا بسيّاراتهم من مدن الجنوب والوسط وحتى الساحل لأنّها تعتبر بوابة الجنوب وعاصمة المشاريع علاوة على ازدهار الحركة التجاريّة بها ونشاط تجارة «الموبيليا» كلّ صيف حيث موعد التأثيث وموسم الأعراس.
وبرغم الحديث عن مشروع «الميترو الخفيف» وإعداد المحوّلات الممكنة فإنّ الأهالي أطلقوا صيحة فزع منادين بضرورة التعجيل بإنشاء خارطة طريق واضحة المعالم لحركة النقل داخل صفاقس الكبرى لأنّ الوضع بحسب بعض المتخصّصين لم يعد يحتمّل الانتظار أكثر لما له من انعكاس سلبي على الحركة الاقتصاديّة في عاصمة الجنوب.
ففي ساعات الذروة وخصوصا في هذه الأيّام تختنق طرقات صفاقس وتكتظّ بالسيّارات حتّى إنّ المترجّل أصبح بدوره غير قادر على التحرّك بيسر وبسرعة بل أصبح عبور الطريق خطرا على حياة الناس وحتى الأرصفة فإنها أصبحت خطرا على المارّة بفعل «نزوات» و«شطحات» أصحاب الدراجات الناريّة المهرولين والفارّين من الدوريات الأمنيّة التي والحق يقال تحاول أن تنظّم حركة المرور لكن الكم الهائل من السيّارات وغياب المحوّلات يعيق عملهم.
انفلات في قطاع التاكسيات
وما دمنا بصدد الحديث عن الاختناق المروري في صفاقس لابدّ أن نشير الى أنّ العديد من المواطنين لا يمكن لهم أن يظفروا بسيارة أجرة تاكسي أوقات الذروة إمّا بسبب شلل حركة النقل أو بسبب رفض أصحاب التاكسيات الذين عادة ما يفرّون عند الزوال تاركين المحطات وجوانب الطرقات تعجّ بالناس المنتظرين باستثناء طبعا البعض من أصحاب التاكسي الجماعي الذين يسلكون المسافات البعيدة عن قلب المدينة.
قطاع التاكسيات بصفاقس عرف بدوره مؤخّرا عديد المشاكل وعديد التجاذبات وحتى الاضرابات بفعل تضخّم وتفاقم مشاكله منها المتعلّقة بالمعلوم الموظّف على الغاز حيث طالبوا بحذفه ومنها المتعلّق بقانون إسناد الرخص.
وأعلمنا العديد من أصحاب التاكسيات والذين تحدثنا معهم حول أبرز مشاغلهم أنّ هذا القطاع زحف عليه الدخلاء وهمّشوه وأن لا شيء تغيّر رغم الثورة حيث ظهرت أشياء جديدة زادت الطين بلّة منها على سبيل المثال وجود تاكسيات في المدينة تتجوّل بنفس الرقم ولقد استغلّ الكثيرون موجة الانفلاتات ليتمعشوا من التاكسيات بدون رخص ممّا جعل أسطول سيارات الأجرة يتضاعف والحال أنّ عدده لا يتجاوز 2400 سيارة تقريبا إلّا أنّ الرقم الذي يتحرّك على الطرقات يكاد يصل إلى الضعف.