صفاقس.. الاحتفاظ برئيس بلدية سابق أحدث مكتبا للمهاجرين    فسفاط قفصة لديها 2ر3 مليون طن من الفسفاط التجاري الجاهز للنقل لكن النقل الحديدي لا يؤمن المطلوب    تسجيل عجز بالمليارات في ميزانية الجامعة التونسية لكرة القدم    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ أكثر من 50 عائلة في عزلة جراء انزلاق الطريق بهذه المنطقة..    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    سوسة: الاحتفاظ برئيس المجلس البلدي المنحل والكاتب العام للبلدية    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    هل يفعلها الفريق المجري ويُؤهل عربات القطارات المُتهالكة!    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    غار الدماء...90 إطارا طبيا وشبه طبي يؤمنون 300 عيادة طبية لسكان منطقة القلعة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    سحق الإفريقي برباعية: المنستيري يُشعل المنافسة    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور    عاصفة شمسية شديدة تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    حالتهما حرجة/ هذا ما قرره القضاء في حق الام التي عنفت طفليها..#خبر_عاجل    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    جندوبة: السيطرة على حريقين متزامنين    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    أنس جابر في دورة روما الدولية للتنس : من هي منافستها ...متى و أين ؟    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقاه عبد الجليل المسعودي وخالد الحداد : الباحث توفيق المديني في «منتدى الشروق»


المنتدى

«المنتدى» فضاء جديد للتواصل مع قرائها بصيغة جديدة ترتكز على معرفة وجهات نظر الجامعيين والأكاديميين والمثقفين حيال مختلف القضايا والملفات ووفق معالجات نظريّة فكريّة وفلسفيّة وعلميّة تبتعد عن الالتصاق بجزئيات الحياة اليوميّة وتفاصيل الراهن كثيرة التبدّل والتغيّر، تبتعد عن ذلك الى ما هو أبعد وأعمق حيث التصورات والبدائل العميقة اثراء للمسار الجديد الّذي دخلته بلادنا منذ 14 جانفي 2011.

اليوم يستضيف «المنتدى» الباحث التونسي توفيق المديني الّذي اشتغل على العديد من القضايا منها خاصة معضلة السلام في الشرق الأوساط والمشاريع الأمريكية بالمنطقة الى جانب دراسته لمفهوم الانتقال الديمقراطي والاسلام السياسي الليبرالي على ضوء ربيع الثورات العربية.

وقد سبق للمنتدى أن استضاف كلا من السادة حمادي بن جاب الله وحمادي صمّود والمنصف بن عبد الجليل ورضوان المصمودي والعجمي الوريمي ولطفي بن عيسى ومحمّد العزيز ابن عاشور ومحمد صالح بن عيسى الّذين قدموا قراءات فكريّة وفلسفيّة وسياسيّة معمّقة للأوضاع في بلادنا والمنطقة وما شهدته العلاقات الدولية والمجتمعات من تغيّرات وتحوّلات.

وبامكان السادة القراء العودة الى هذه الحوارات عبر الموقع الالكتروني لصحيفتنا www. alchourouk. com والتفاعل مع مختلف المضامين والأفكار الواردة بها.

انّ «المنتدى» هو فضاء للجدل وطرح القضايا والأفكار في شموليتها واستنادا الى رؤى متطوّرة وأكثر عمقا ممّا دأبت على تقديمه مختلف الوسائط الاعلاميّة اليوم، انّها «مبادرة» تستهدف الاستفادة من «تدافع الأفكار» و»صراع النخب» و«جدل المفكرين» و»تباين قراءات الجامعيين والأكاديميين من مختلف الاختصاصات ومقارباتهم للتحوّلات والمستجدّات التي تعيشها تونس وشعبها والانسانيّة عموما اليوم واستشرافهم لآفاق المستقبل.

وسيتداول على هذا الفضاء عدد من كبار المثقفين والجامعيين من تونس وخارجها، كما أنّ المجال سيكون مفتوحا أيضا لتفاعلات القراء حول ما سيتمّ طرحه من مسائل فكريّة في مختلف الأحاديث (على أن تكون المساهمات دقيقة وموجزة في حدود 400 كلمة) وبامكان السادة القراء موافاتنا بنصوصهم التفاعليّة مع ما يُنشر في المنتدى من حوارات على البريد الالكتروني التالي: news_khaled@yahoo. fr.

هناك اختلافات لدى الأكاديميين والجامعيين في توصيف ما حدث في بلادنا بين قائل بأنّها ثورة وآخر يصفها بالانتفاضة ويتمسّك شق ثالث بكون ما جرى انقلاب في السلطة. . ما قراءتكم لطبيعة التحوّل الّذي جرى في تونس؟

تعتبر الثورة التونسية الأكثر «سلمية» على الرغم من سقوط 300 شهيد، بالقياس الى موجة الثورات التي انتشرت في العام 2011 من شمال أفريقيا الى الشرق الأوسط، وهي سلمية بالمقارنة مع الحرب الكارثية في ليبيا المجاورة، التي حصدت حوالى 50 ألف ضحية.

لكنّ مزايا هذه الثورة التونسية، لا يجوز أن تخفي عنها نقاط ضعفها الأساسية، فهي ثورة لم تفرز حزبها السياسي الثوري، ولم تكن لها قيادة موحدة،ولا برنامج سياسيّ، ولا مشروع مجتمعي بديل لكي تكون لها القدرة على النهوض بشؤون المجتمع بعد الاطاحة بالرئيس المنبوذ.

باسم الحرية،والكرامة الوطنية، والعدالة الاجتماعية ،حقق الشعب التونسي ثورته السريعة وغير المتوقعة، وأسقط نظاما ديكتاتوريا موغلا في القمع والتسلط والفساد المؤسساتي . وجاءت الثورة التونسية، ومن ورائها الثورة المصرية لتفتحا بريق أمل جديد للشعوب العربية المضطهدة،لكن ما حدث في تونس،ومصر حتى اليوم ليس ثورة بالمعنى العلمي للكلمة قياسا بما اتفّق عليه علماء الاجتماع والمؤرخون (الثورة هي تغيير عميق في النظام والمجتمع والسياسة والاقتصاد والثقافة وليس تغيير رأس النظام فحسب، وتحمل في سيرورتها قطيعة معرفية وفكرية وسياسية وأخلاقية مع النظام الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي السابق، وتؤسس لمشروع مجتمعي جديد: (قيم الحداثة ومبادئها وأفكارها ومناهجها)، وهذا هو حال الثورات التي عرفها العالم منذ الثورة الفرنسية 1789، مرورا بالثورة البلشفية في روسيا القيصرية1917، والثورة الصينية عام1949، وانتهاء بالثورة الايرانية عام 1979.

رغم أن الرأي السائد لدى النخب والقوى السياسية التونسية، أن الثورة حققت القطيعة مع النظام السياسي لعهديْ بورقيبة وبن علي اللذيْن حكما البلاد دون ديمقراطية وحريّة تعبير ولا عدالة في التنمية بين مناطق البلاد، فان هناك رأيا آخر يقول بأن الثورة التونسية – وهذه مفارقتها- لم تحدث التغيرات الكبرى المطلوبة في بنية النظام السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لجهة تحقيق الانقلاب الشامل في كل الموازين والميادين،واعادة هندسة الطبقات الاجتماعية والقيم والمفاهيم، وهي التغيرات التي تتطلبها كل ثورة حقيقية.

ما حدث في مصر وتونس ليس ثورة بعد، بل هي بذور ثورة في طور التكوين. فقد سقط الرأس وبقي النظام بكامل هيكليته في السياسة والاقتصاد والمواقع المدنية والدينية وفي الادارة العامة والجيش.

كما تذهب الصحفية فريدة الدهماني، في هذا الاتجاه، حين تقول: ان الرجال، والمؤسسات، ووسائل الاعلام، ورجال الأعمال في تونس، لا يزالون قابعين هناك. فقد كانت اعادة توزيع الأوراق من قبل الحكومات الثلاث المتعاقبة، بطيئة، وخرقاء وغير مرئية، وذهب البعض أيضا الى الكشف عن تغيير في اطار الاستمرارية في أفضل الأحوال ،وفي أسوئها هناك تأثير واضح لثورة مضادة في الطريق. وأولئك الذين كانوا يتولون اليد العليا في 14 جانفي 2011 بدأوا يتخوفون من مصادرة ثورتهم.

في قراءته للأسباب والعوامل التي أدّت الى اندلاع الثورة التونسية التي استطاعت أن تسقط النظام السياسي، وتفسح في المجال لاقتحام المجتمع التونسي مرحلة الانتقال الديمقراطي، رغم أنها من دون قوة سياسية منظمة تقودها، يلجأ الباحث التونسي العربي صديقي في تعريفه للثورة التونسية الى الاستعانة بالتعريف الذي قدمه عن الثورة «أيرك هوبزباوم» (Eric Hobsbawm)، حين يقول: انّ الثورة هي تحوّل كبير في بنية المجتمع. ويركّز على فكرة التحوّل (Transformation) ولكن زمكانيّة التحوّل الذي تحدّث عنه الكاتب هي أوروبا ما بين عاميْ 1789-1848. ويشير الى أربعة عناصر تسترعي الاهتمام عند الحديث عن الثورة وهي: الخصوصية: وهنا يركّز هوبزباوم على أنّ لكل ثورة خصوصيتها من حيث الزّمان والمكان، وليس هناك تشابهٌ أو تطابق بين ثورتين.

وفى السياق العربي فان لكلّ بلد خصوصيته من التكوين الديمغرافي والطبيعة الجغرافية وحتى الطبائع البشرية، فتونس تختلف بتركيبتها الديموغرافية وطبيعتها الجغرافية عن الشعوب المجاورة، ولها خصوصيتها التي تميّزها عن الآخرين. ولعلّ في ذلك نفيا لبعض المقارنات التي حاولت القول بأنّ الثورة التونسية جاءت شكلا مكرّرًا للثورة في ايران عام 1979.

النصر: ويعني انتصار منظومة جديدة على منظومة قديمة، ويشير هوبزباوم هنا الى انتصار الفكر الرأسمالي الليبرالي على الفكر الاقتصادي الاقطاعي. وفي الاطار العربي لهذا العنصر يمكن الحديث عن غلبة منظومة قيمية عربية بكافة جوانبها على منظومة قيمية قديمة. وبيت القصيد في الحالة العربية حدوث حالة قطيعة بين منظومتين تختلفان عن بعضهما البعض بصورة كاملة.

البعد الجغرافي للثورة: حيث يشير هوبزباوم الى تأثير هذا البعد في مناطق دول الجوار وفي صيرورة التحوّل (في اشارة منه الى تأثير أوروبا في أمريكا الشمالية). وفي السياق العربي يبرز هذا البعد بصورة جليّة في انتقال الثورة من دولةٍ الى أخرى، وذلك نظرًا الى التقارب الجغرافي ووحدة الدّين واللغة والتاريخ المشترك والى تقارب الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأغلب الدول العربية. وثورة تونس يجب أن تفهم ضمن هذا السياق، حيث امتدّت موجات الثورة الى مناطقَ جغرافية مجاورة في اتّجاه الشرق والغرب.

التراكمية: وهنا يُرجع هوبزباوم تفجّر الثورة الى عوامل متراكمة عبر عدد من السنين أحدثت ضغطًا على القاعدة فولّدت الانفجار الذي يجسّد حالة الثورة. وفي السياق العربي يمكن القول بأن ثورة تونس هي نتاج تراكم عوامل ضغط اجتماعي واقتصادي وسياسي على القاعدة الشعبية ممّا أدّى الى تفجّر الثورة التونسية، وهذا ينسحب كذلك على العديد من الدول العربية التي شهدت وستشهد ثورات مشابهة.

الثورة الديمقراطية الحقيقية لا تقتصر على تحقيق التغيرات في البنية الاقتصادية والاجتماعية و السياسية في البلد الذي تنجز فيه، بل ان أهم انجاز تقوم به هو تأسيس لثورة ثقافية جديدة، تحتضن ديمقراطية حقيقية، وحرية تعبير، وتجسد قطيعة فعلية مع ارث النظام الثقافي القديم الذي كان سائدا، لا سيما لجهة الاستعمال الكامل للّغة الوطنيّة على المستويين الشّفهي والكتابي،والحال هذه في تونس اللغة العربية باعتبارها اللغة الوطنية حسب ما ينص عليها دستور البلاد، التي يجب احترامها والاعتزاز بها والغيرة عليها والدّفاع عنها.

بحسب رأيكم ما هي العلاقة بين ما جرى ويجري في جل الدول العربية تحت ما سمي بربيع الثورات العربية؟

الثورة التونسية التي فجرت ربيع الثورات العربية، جاءت بعد الأزمة الاقتصادية والمالية التي اندلعت في سنة 2008. وجاءت بعد أن بلغت المديونية الأمريكية حدّا لم يسبق له مثيل في حاضر أمريكا. وتزامنت مع افلاس اليونان، وأضواء اقتصادية حمراء مقلقة في اليابان، ومع خطر محدق بالبرتغال واسبانيا وايطاليا وبريطانيا وفرنسا وغيرها. وجاءت الثورات متزامنة مع الاعداد للانسحاب العسكري من العراق ومع العجز عن ضرب ايران، ومع ارتفاع موجة الهجمات على القوات الغربية في افغانستان، والجدل الدائر في أمريكا وفرنسا حول انسحاب مبكر لهذه القوات ولو على مراحل.

جاءت الثورات العربية، وفي القلب منها الثورة التونسية، بعد أن بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تفقد سيطرتها على العالم العربي، وبعد أن أدركت أن حركات الاسلام السياسي أصبحت تمثل القوة الوحيدة المنظمة وعابرة الحدود في العالم العربي، والحالة هذه توصلت الى قناعة أنه لا يمكن استمرار السيطرة الغربية المفقودة من دون التحالف مع الحركات الاسلامية المعتدلة في العالم العربي. والنموذج التركي في ظل حكم حزب العدالة والتنمية كان يشجع الولايات المتحدة الأمريكية على اقامة مثل هذا التحالف.

الانفتاح الأمريكي على الحركات الاسلامية في العالم العربي، والذي سيرتقي الى مستوى التحالف يقوم على احترام هذه الحركات الاسلامية المعتدلة للمبادئ التالية: الالتزام الواضح بالديمقراطية، وتطابق تصريحات قادة الاخوان بين النص العربي والنص الانكليزي بحيث لا يكون لهم خطابان مختلفان، والتركيز على العمل كقوة اسلام معتدل ومعاد للارهاب، وتعزيز الديمقراطية الداخلية التي تسمح لشباب جماعة الاخوان بالتعبير عن مناخ جديد من الحرية في الآراء السياسية.

ومن الواضح أن الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة يُكَرِّرُ تقريبا الالتزام بهذه المبادئ، والأمر عينه لباقي زعماء الحركات الاسلامية المعتدلة في مصر، وسوريا وغيرها. فقد بات محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة (حزب الاخوان في مصر) يقول علانية «ان الجماعة تريد برلمانا متنوعا بعد انتخابات أيلول المقبل ولا تسعى لفرض الشريعة، وأن الحزب كما الجماعة يدعون الى دولة مدنية». وأفسح «حزب الحرية والعدالة» المجال لدخول 93 مسيحيا قبطيا الى صفوفه، وبينهم النائب الثاني لرئيس الحزب. ذهب الشيخ راشد الغنوشي الى حد التأكيد بان حركة النهضة مع اقتصاد السوق، والعولمة الليبرالية المالية، ومع تعزيز علاقات الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي. .

هل لذلك علاقة بمشروع غربي لاعادة تشكيل المنطقة العربية، المفكر المصري حسنين هيكل يقول اننا حيال سايكس بيكو جديدة ؟

في الواقع التاريخي، علينا أن نرى هذا الانفتاح الأمريكي الجديد والكبير على الحركات الاسلامية المعتدلة في زمن ربيع الثورات العربية، يدخل في سيرورة عملية استبدال النخب العربية في علاقاتها التبعية مع الغرب. في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت الحركات الوطنية الاستقلالية، والجيوش العربية التي استلمت السلطة، هي القوى التي انخرطت في عملية التبعية الكاملة للغرب، الآن استنفدت هذه الدول التسلطية العربية دورها بعد أن ثارت الشعوب العربية ضدها وأسقطتها في ثلاث دول عربية رئيسة، تونس وليبيا ومصر.

يستند هذا التحالف الجديد بين الولايات المتحدة الأمريكية والحركات الاسلامية المعتدلة في العالم العربي الى مرجعية التحالف الأمريكي التركي، لا سيما أن النموذج التركي بات يستهوي تقريبا الحركات الاسلامية المعتدلة التي استلمت السلطة في العالم العربي. ومن الواضح أن حركة النهضة التي استلمت السلطة في تونس بعد فوزها في الانتخابات الأخيرة، لا تملك خيارا اقتصاديّا جديدا على صعيد الاقتصاد الكلّي،وهي ليست مع العولمة البديلة، بل ستسير في سياسة النظام السابق للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي على الصعيد الاقتصادي، ألا هو برنامج اعادة الهيكلة البنيوية للاقتصاد وسائر «الترسيمات الموجّهة لعملية الحدّ من الفقر».

حيث أن حركة النهضة لا تستطيع أن تحظى بالمصداقيّة، اذا لم تحظ برضى المؤسسات الماليّة الدوليّة؛ حيث تبدو الطبقة السياسيّة الجديدة التي تشكل الحركة الاسلامية نواتها الصلبة، عاجزة عن فك علاقات التبعية بالغرب.

جاء في تقرير كتبه « شايماس ميلن» بالاستعانة بالأرشيف البريطاني «باثي نيوز»، ونشرته صحيفة «الغارديان »البريطانية، يقول فيه، أنه ومنذ يوم سقوط حسني مبارك في مصر، ظهر اتجاه مضاد متعنت بقيادة القوى الغربية وحلفائها في الخليج لرشوة أو تحطيم أو السيطرة على الثورات العربية. «ولديهم معين من الخبرة المتأصلة يمكّنهم من استنتاج أنَّ كل مركز للثورات العربية، من مصر الى اليمن، عاش عقودا تحت الهيمنة الاستعمارية. وكل دول حلف ««الناتو»» الأساسية التي قامت بضرب ليبيا، ومنها على سبيل المثال - الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وايطاليا- كانت لديهم قوات تحتل المنطقة ومازالت ذكراها حية في الأذهان».

وسرد الكاتب سبعة دروس من تاريخ التدخل الغربي في الشرق الأوسط، بالاستعانة بأرشيف «باثي نيوز»، «صوت بريطانيا العظمى التي لا عهد لها أبان الحقبة الاستعمارية».

وتوصل الى ان الغرب لا يكل ولا يمل أبدا في سعيه للسيطرة على الشرق الأوسط، مهما كانت العقبات. وذكّر بالمحاولة الأخيرة التي سعت فيها الدول العربية الى الخروج من المدار الغربي - في الخمسينيات من القرن الماضي، تحت تأثير الوحدة العربية التي أطلقها جمال عبد الناصر، في يوليو(تموز) عام 1958، حيث أطاح بعدها ضباط جيش عراقيون قوميون متشددون بنظام وصفه ب «الفاسد والقمعي والمدعوم من الغرب (هل يبدو ذلك مألوفا؟)، ومحميّ من قِبل القوات البريطانية». وأصاب طرد الملكية العراقية، النظام المهادن الموثوق به، «باثي» بالفزع. فأطلقت صيحة تحذير في أول تقرير اخباري لها تعليقا على الأحداث بأن العراق الغنية بالبترول أصبحت «منطقة الخطر الأولى»، بالرغم من «وطنية» الملك فيصل «وهو الذي تلقى تعليمه في مدرسة هارو» والتي «لا يُختلف عليها»، يؤكد التعليق الصوتي لنا أنَّ الأحداث تحركت بسرعة شديدة، «لسوء حظ السياسة الغربية».

ما يهم الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الغربية هو الابقاء على حرية تدفق النفط الى الأسواق الرأسمالية العالمية، و ضمان أمن اسرائيل . والحال هذه فان الثورات العربية اذا تخلت عن حق تقرير مصيرها بأنفسها، من أجل احتضان الغرب لها، يمكن بالفعل أن تلقى مصيرا مشابها تماما للأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي لم تترك مدارها قط عن الهيمنة الغربية.

ومن المعروف تاريخيا، أنه في عهد الصعود المُدّوِي للحركات القومية العربية التي كانت تحمل مشروعا قوميا متصادما مع الامبريالية الغربية، والمشروع الصهيوني، كانت الدول الغربية تنعتها بالحركات «المتعصبة »و«المتطرفة»، وعملت على اقصائها سواء في العدوان الثلاثي عام 1956، أوفي حرب حزيران/يونيو عام 1967. فالغرب لن يقبل أن يحمل العرب مشروعاُ مناهضا للاستعمار والامبريالية و الصهيونية العالمية. و عندما يستشعر بأن الثورات العربية ستقوض فعلا النظام الاستراتيجي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، لن يتوان عن التدخل العسكري. فتجربة العقد الأخير واضحة بشكل كافٍ، وسواءً كان ذلك غزوا واحتلالا بشكل كامل مثل العراق، حيث تم قتل مئات الآلاف، أو قصفا جويا لتغيير النظام تحت شعار«حماية المدنيين» في ليبيا، حيث تم قتل عشرات الآلاف، فقد كانت الخسائر البشرية والمادية كارثية.

البعض يرى انها دورة تاريخية عربية جديدة يقودها الاسلام السياسي بعد دورات أخرى قادتها التيارات القومية والبعثية والليبرالية العلمانية؟

الغرب ليس مع الديمقراطية الحقيقية التي تقود الى بناء دول عربية وطنية قادرة أن تتعامل معه من موقع الندية والشراكة المتكافئة, فالغرب يتحدث بلغة ضرورة القبول بما تفرزه العملية الديمقراطية من تولّي الاسلاميين الحكم في المنطقة العربية، بهدف ابقاء سيطرته على العالم العربي التي اهتزت جديا بعد اندلاع ربيع الثورات العربية، وما تحالفه ضمن سياسته الجديدة مع الحركات الاسلامية المعتدلة الا تأكيد على دوره في مصادرة مضمون الثورات العربية، الذي يكمن في المطالبة ببناء دول عربية مدنية وديمقراطية تعددية تحترم قيم الحداثة والعلمانية والديمقراطية، وتؤمن حقا بالهوية العربية الاسلامية في بعدها الحضاري والتاريخي، لا تلك الهوية المنغلقة على الماضي الاستبدادي.

وقد اعتبر العديد من المحللين الغربيين أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد تفجر «ربيع الثورات العربية »، باتت مقتنعة بالتحالف مع الحركات الاسلامية المعتدلة لمواجهة تنظيم «القاعدة» و توابعه الذي يمارس العنف، رغم يقينها التام أن الديمقراطية أضحت جسرًا يعبر عليه الاسلاميون الى الحكم في العالم العربي، وهو ما وضع ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام خيارين لا ثالث لهما، اما الاستمرار في نشر الديمقراطية والقبول بنجاح الاسلاميين في الانتخابات، أو دعم الأنظمة الديكتاتورية الموالية لها والمخاطرة بالتالي باحتمال اندلاع ثورة اسلامية ثانية ضد تلك الأنظمة، وهو الخيار الأقرب للادارة الأمريكية، حيث هدأت في الفترة الأخيرة حديثها عن نشر الديمقراطية، الأمر الذي لم يجد صداه عند كل من الاسلاميين والليبراليين على حد سواء.

هناك حقيقية ثابتة في الاستراتيجية الغربية عامة، والأمريكية خاصة، تجاه العالم العربي، أن الغرب لن يسمح للثورات العربية أن تخرج عن سيطرته. وقد أكدت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها ذلك من خلال محاولتها ترويض الاسلاميين الصاعدين الى حكم الدول العربية على السياسة الأجنبية والاقتصادية، بدلا من تفسيرات الشريعة.

والأحزاب الاسلامية التي ستخضع لذلك سوف يتم اعتبارها «معتدلة» أما الباقي فسيظل من «المتعصبين». علما أن الثورات العربية التي اشتعلت شرارتها الأولى في تونس في بداية عام 2011،و انطلقت لاسقاط الديكتاتوريات المدعومة من الغرب، شكلت تهديدا استراتيجيا للهيمنة الغربية، رغم أنها ركزت على القضايا الداخلية: الفساد والفقر وانعدام الحريات، وليس على الهيمنة الغربية أو الاحتلال الصهيوني لفلسطين وباقي الأراضي العربية الأخرى .

فالعالم العربي الذي تحتوي أراضيه على أكبر ثروة نفطية وغازية في العالم، و بسبب موقعه الاستراتيجي على خريطة الكرة الأرضية، لم يحصل على استقلاله الكامل حتى بعد حصوله رسميا على الاستقلال. والسبب في ذلك يعود الى تقسيمه الى دول صورية بعد توقيع اتفاقية سايكس بيكو في نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم احتلاله من قبل الدولتين الاستعماريتين فرنسا وبريطانيا، ووصولا الى الغزوات والتدخلات العسكرية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، واتمام محاصرته بالقواعد العسكرية الأمريكية والأنظمة الاستبدادية العربية المدعومة من الغرب.

هل لحركات الاسلام السياسي القدرة على ادارة شؤون الدول والمنطقة بالشكل الايجابي ؟

لقد أفسحت حركة «الاخوان المسلمين» في المجال لجيل جديد من الاصلاحيين الذي تحكمه خلفية براغماتية، بأن يقود التحولات التي حصلت في خطاب «الاخوان المسلمين »الذين تخلوا عن مقولة الدولة الاسلامية والخلافة الراشدة والوحدة السياسية الجامعة لكل الأمة الاسلامية والتزموا بطرح برنامج لا يبعد كثيرا عن برامج الأحزاب الوطنية الأخرى، بل والليبرالية منها على وجه الخصوص.

فالبرنامج السياسي للاخوان المسلمين تتأكد يوما بعد يوم مفارقته تماما لكل ما كان يقدمونه عن «المشروع الاسلامي». فهناك تأكيد مستمر على القبول التام والنهائي بالديمقراطية دون أي حديث عن خصوصية حضارية أو دينية - كما كان يحدث سابقا- وهي ديمقراطية صريحة لا تتدثر في ثياب «الشورى» الاسلامية التي كانت مرتكزا للمشروع السابق، وهي ديمقراطية أساسها الاحتكام التام للشعب أيا كانت خياراته، والقبول بحق ومبدأ تداول السلطة والتسليم باختيار الشعب مهما كانت وحكم الشريعة فيها مرتهن بقبول الشعب له، دونما أي حديث عن مرجعية دينية يرفضها المواطنون أيا كانت أديانهم . ويقدر الباحثون أن «الاخوان» يمثلون بين 25 و30 في المائة من الرأي العام، في مصر، وفي غيرها من البلدان العربية. .

غير أنه الى جانب تيار «الاخوان المسلمين »المهيمن في العالم العربي، هناك التيار الاسلامي المستنير الذي يقوده راشد الغنوشي، والذي بلور الأطروحات الاسلامية الجديدة حول الديمقراطية وعلى صعيد الفكر السياسي. ومن أجل تبديد الشكوك المناوئة للاسلام السياسي، ما انفك الشيخ راشد الغنوشي يؤكد انحياز حركته للمبادئ الديمقراطية الحديثة، وأن الخيار الديمقراطي القائم على التخلي عن أي نوع من أنواع الاحتكار للاسلام والحقيقة، أو أي نوع من أنواع الوصاية على الشعب هو اختيار استراتيجي لحركته، وليس اختيارا تكتيكيا ظرفيا يتم التخلي عنه في أقرب فرصة مناسبة. وأن حركته ليست لها أي مشكلة أساسية مع العلمانية بالمعنى الغربي، التي تضمن حرية العقل، وحرية الصحافة، وحرية الشعب في أن يكون هو السيد الذي يصنع القانون، وتبني المجتمع المدني، وتحقق المساواة القانونية بين الناس، وانما هي تتناقض مع العلمانية بالمعنى السياسي المضاد للدين، على اعتبار أن النظام التونسي لا يتمثل العلمانية وفقا للنموذج الغربي الليبرالي الا في تمرده على الدين واباحيته. رغم هذا التحول الحقيقي في فكر الشيخ راشد الغنوشي لجهة تبني مقولات الحداثة، والديمقراطية، وعدم تنصيص الشريعة الاسلامية في الفصل الأول من الدستور التونسي، فانه في الوقت عينه لا يجوز أن ينسحب هذا الموقف على أداء حزب النهضة الاسلامي، الذي يقول الشيء ويعمل بنقيضه.

ففي حين يؤكد الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي الحفاظ على الفصل الأول من دستور 1959 دون أيّ تعديل، غير أنّ المقطع الأخير من هذا البيان يقدّم تفسيرا مختلفا له. فبحسب الكثيرين من العلماء الدستوريّين التونسيّين، فان هذا الفصل صِيغَ عام 1959 بحيث يكون الاسلام دين تونس كأمة وكمجتمع وليس دين الدولة. فاذا استعدنا هذا الفصل نجد أن الضمير «ها» في عبارة «الاسلام دينها» انّما يعود الى تونس وليس الى الدولة. فهذا الفصل يتضمّن التأكيد على أنّ «الشعب التونسي شعب مسلم في غالبيته الساحقة»، دون أن يعطي أية اشارة الى أنّ «الدولة التونسية اسلامية»، أو أنّ «الاسلام دين الدولة»، ولا القول بأن الشريعة الاسلامية هي «مصدر»، أو «أحد مصادر التشريع» أو «التأويل» أو «الاستلهام». غير أنّ المقطع الأخير من بيان حزب النهضة يفسّر هذا الفصل تفسيرا مناقضا تماما للتفسير السابق، اذ يعتبر أنّ هذا الفصل يحفظ «الهوية العربية الاسلامية للدولة التونسية (...) حيث أنّها تنصّ على أنّ الاسلام دين الدولة». بهذا يتحوّل الاسلام مع حزب النهضة من أن يكون دين الأمة والمجتمع التونسيَين (وليس للدولة التي هي مدنية لا دين لها)، الى دين للدولة.

بعد صعود حركات اسلامية في تونس والمغرب ومصر يتحدّث البعض عن امكانية وفاق تاريخي بين «الاسلام الليبرالي» و العلمانية.. ؟

فعلا، بدأت بعض النخب العربية تتحدث عن صعود ما بات يعرف ب«الاسلام الليبرالي» في العالم العربي، حين نعرض فكرة «الاسلام الليبرالي» نستشهد بكتابين لاثنين من الباحثين الأمريكيين، أحدهما عالم السياسة ليونارد بايندر، الذي أصدر في عام 1988 كتابه «الليبرالية الاسلامية. نقد لأيديولوجيا التنمية». وذهب فيه الى أن هناك نوعين من الليبرالية الاسلامية.

الأول يرى أن اقامة هذه الدولة ممكنة، اذ باستثناء النص على قيمة «الشورى»، فلا توجد نصوص أخرى في المرجعية الاسلامية تتناول الأمور السياسية. وازاء صمت الفقه الاسلامي التقليدي عن معالجة نظم الدولة، فان الباب ظل مفتوحا لاقامة دولة اسلامية ليبرالية يختار فيها المواطنون مؤسساتهم السياسية كما يريدون، دونما حاجة للجوء الى فصل الدين عن الدولة.

أما النوع الثاني من الليبرالية الاسلامية، فانه يذهب في تبريره تأسيس مؤسسات سياسية ليبرالية ك(البرلمان والانتخابات والحقوق المدنية) بل وحتى بعض سياسات الرعاية الاجتماعية، على أساس أنها لا تتناقض مع أي نصوص دينية، بل انها يمكن أن تعد تطبيقا لبعض المبادئ الاسلامية المنصوص عليها في بعض النصوص القرآنية، والتي يمكن استخلاصها أيضا من سِيَر الخلفاء الراشدين.

ولعل هذه الاتجاهات المتنوعة في مجال الليبرالية الاسلامية هي التي جعلت بعض الباحثين المتخصصين في الشأن الاسلامي أكثر تفاؤلا بنمو تيار «الاسلام الليبرالي» وتصاعده. ويقول بعضهم ان الاسلاميين الحداثيين أصبحوا أكثر اسلاما، في حين أن الاسلاميين الأصوليين أصبحوا أكثر ليبرالية! وهذه الاشارة البالغة الذكاء التي سجلها بايندر في كتابه الصادر عام 1988، ربما كانت نبوءة مبكرة تحققت في عام 2011، بعد قيام ثورات الربيع العربي، والتي شهدت صعودا مؤكدا للاسلام الليبرالي في كل من تونس والمغرب، وأكدت التصريحات القاطعة التي صدرت عن زعماء حزبي «النهضة» في تونس و«العدالة والتنمية» في المغرب قبولهم للفكر الليبرالي.

الكتاب الثاني الذي جرى الاستشهاد به الأستاذ ياسين، لباحث آخر من علماء السياسة الأمريكيين هو راموند وليام بيكر، الذي كان أستاذا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الأمر الذي أتاح له أن يكون على مقربة من تيارات الفكر الاسلامي المعاصر. وقد أصدر في عام 2003 كتابا تحت عنوان دال هو: اسلام بلا خوف مصر والاسلاميون الجدد المعاصر. وكانت فكرته الأساسية هي أن التيار الاسلامي في تحولاته المعاصرة لا ينبغي أن يثير الخوف سواء في داخل المجتمعات الاسلامية أو في البلاد الغربية، بعدما اتجه أنصار الاسلام السياسي الى الليبرالية وفق اجتهادات متنوعة.

في التقويم الموضوعي لرؤية الحركات الاسلامية علينا أن نميز بين الحركات الاسلاموية الأصولية التي مازالت تمارس العنف ضد المجتمع، وتُكَفِّرُ بالديمقراطية، وتدعو الى بناء دولة الخلافة الاسلامية، وبين الحركات الاسلامية المعتدلة التي تتبنى مقولات الحداثة والديمقراطية والحرية، مثل حزب النهضة التونسي، وحزب «العدالة والتنمية » المغربي، وحزب «الحرية والعدالة »: الجناح السياسي للاخوان المسلمين في مصر، حيث باتت تمثل أحزابا اسلامية ديمقراطية، كما هو الحال مع خريطة الأحزاب الأوروبية التي يتواجد عليها بشكل بديهي جدا أحزاب مسيحية ديمقراطية . أعتقد بأن العلاقة بين التوجه الاسلامي والمعتقدات الديمقراطية، بين الاسلام والديمقراطية ممكنة. هذا ما أثبتته تجارب الانتخابات الخيرة في كل من تونس والمغرب ومصر.

هناك معايير محدّدة يمكن استخدامها لمعرفة مدى تطابق برامج الأحزاب الاسلامية مع فكرة بناء الدولة المدنية الديمقراطية، وهي: الاعتراف بالديمقراطية ودولة القانون والمجتمع التعددي والتسامح الديني وكذلك بالحفاظ على السلام الداخلي والخارجي . وهناك أيضا قياس الأحزاب بممارستها العملية على أرض الواقع. .

لقد حصل حزب النهضة في تونس على الأغلبية في انتخابات المجلس التأسيسي. وأعلن ممثلو الحزب عن هدفهم المتمثل في مصالحة التقاليد والهوية الاسلامية على تحديات المجتمعات الحديثة، ولكنهم ذكروا أيضا الديمقراطية والتعددية كاطار سياسي لعملهم. وبعد الانتخابات تحالف حزب النهضة مع أحزاب علمانية، أي أحزاب ليس لديها توجه ديني. وهي اشارات مشجعة في الطريق نحو خريطة أحزاب تتخذ الأحزاب الاسلامية الديمقراطية عليها موقعا هاما. ويجب على باقي الأحزاب العلمانية اليسارية والليبرالية، القيام بواجباتها تجاه حزب النهضة من أجل دفعه للقيام بتطورات ايجابية، وتعميق الحوار الفكري والسياسي معه لكي يستمر في التغيير المستدام في سبيل الوصول الى مجتمع ديمقراطي تعددي.

في معرض تحليله للموجة الثالثة من الحركة الاصلاحية الاسلامية، التي تبنت اتجاه تطوير نموذج للحكم الاسلامي هو صورة من الديمقراطية المعاصرة تمارس آليات الديمقراطية في الانتخابات والتعددية و التنافس واستقلال السلطات.. يقول الشيخ راشد الغنوشي: ان هذا التوجه الفكري السياسي الى القبول بآليات الحكم الديمقراطية سبيلا للتغير بديلا من نهج العنف والسرية، ونموذجا للحكم يستمد شرعيته من صناديق الاقتراع ضمن تنافس مفتوح على تعددية لا تستثني أي اتجاه سياسي مهما كانت خلفيته الأيديولوجية ما دام يقبل بمبادئ الديمقراطية وتداول السلطة سلميا عبر صناديق الاقتراع ويرفض طرائق العنف، ان هذا التوجه الى اعتماد نهج التغيير السلمي المتدرج يحظى بالمزيد من التأييد في أوساط الاسلاميين ويجد الدعم من مراجع اسلامية كبرى، مثل اتحاد علماء المسلمين وعلى رأسه العلامة الشيخ يوسف القرضاوي وكبريات الحركات الاسلامية، الا أنه لا يجد ترحيبا من أكثر من جهة خارجية وداخلية.

فمن داخل الصف الاسلامي لا تزال جماعات جهادية تصر على رفض هذا النهج بحجة تكفير الأنظمة واعتبار الجهاد السبيل الوحيد للاطاحة بأنظمة مرتدة وللتصدي للقوى الدولية الداعمة لها واعتبار الديمقراطية بضاعة كافرة لا مكان لها في الاسلام. كما أن الأنظمة القائمة، كثير منها ليس سعيدا بل هو مغيظ من هذا التطور في الحركات الاسلامية، لأنه يحرج موقفه في اقصاء الحركة الاسلامية والتعيش من دعوى محاربته للارهاب تسويغا لتعطيل عملية التحول الديمقراطي واستجلابا للعطف والمعونات الخارجية. أما القوى الخارجية فعلى رغم ما تروجه من دعاوى الاصلاح الديمقراطي سبيلا لمقاومة الارهاب وتحصينا لأمنها القومي ومجالها، فلا يزال هاجس الخوف من الاسلام بل العداء المكين له هو الغالب على مواقفها، وقد جاءت العملية الديمقراطية في الجزائر وأخيرا في فلسطين لتكشف ما خفي من تلك العداوة والازدواجية وأزمة الموقف الغربي الأخلاقية.

لكن غالبية النخب العلمانية العربية تتّخذ مسافة من الظاهرة الاسلاميّة وترفض التعاطي الايجابي معها، ممّا أوجد شبه قطيعة بين الضفتين؟

لا يجوز أن يستمر العلمانيون العرب في قراءة الظاهرة الاسلامية بنظاراتهم السوداء، ويصرون على ألا يروا في الكوب سوى نصفه الفارغ، بينما نجد الكثير من الأكاديميين الأوروبيين والأمريكيين منصفين وحياديين في تحليلهم للتطورات الايجابية التي شهدتها الحركات الاسلامية، مثل الباحثين الغربيين اللذين استشهدا بهما الأستاذ ياسين، حيث تحدث أحدهما عن الليبرالية الاسلامية منذ 23 عاما، والثاني درس الموضوع منذ 18 عاما.

على الصعيد العربي المتسم بالغياب الكلي للديمقراطية، وللرقعة الثقافية على حد سواء، فان شعار العلمانية يطرح الآن ضمن فراغ ثقافي، وانعدام وجود حداثة فكرية وعقلية، باعتبارها الوسيلة الأكثر الحاحا لطرح الأسئلة الجذرية على الواقع، والتاريخ، والاسلام، واحداث مجابهة فكرية وثقافية خصبة بين الرؤيا العقلانية والعلمانية للعالم والحياة، والرؤيا الدينية للعالم والحياة. وظل شعار العلمانية يطرح في نطاق السجال الايديولوجي مع الاسلام السياسي، ومرتبط ارتباطا عضويا بالأحزاب القومية واليسارية الراديكالية، التي تسعى للتخفيف من هيمنة الاسلام في الرمز السياسي والأيديولوجي للدولة، دفاعا عن حقوق الأقليات الدينية التي لها حساسية مفرطة اما بسبب تفوق الاسلام كدين للأكثرية في الحياة العامة، واما رغبة منها في التحديث الاجتماعي، معتبرة تجربة الغرب نموذجا يحتذى به على الصعيد الكوني. ولا يمس هذا الطرح العلماني بشكل مباشر المعضلات الأساسية التي يعاني منها العرب في طورهم الراهن، خاصة انجاز الثورة الديمقراطية.

ونحن الآن لا نستطيع أن نفكر بانجاز الثورة الديمقراطية، دون أن نفكر بدحر الاحتلال الاستيطاني الصهيوني على أرض فلسطين، وأشكال التبعية المباشرة وغير المباشرة، وبالوجود الامبريالي الأمريكي الصهيوني الذي تعهد بضمان بقاء مخلفات القرون الوسطى، وبتزويد الدولة التسلطية العربية بمقومات البقاء والاستمرار، لأنه يرى فيها الضمان الحقيقي لبقاء حالات التمزق والتبعية والتخلف الراهنة، وحتى الأحزاب العربية على اختلاف مرجعياتها الايديولوجية لم تكن تملك مفهوم ثورة ديمقراطية شاملة، ولم تكن تتبنى قيما وتقاليد ديمقراطية.

ومع ذلك كله، فاننا نستطيع أن نقول جازمين أننا لم ننجز ثورة ديمقراطية قومية، ولا حتى ثورة ديمقراطية في جزء من المنطقة العربية. وتختلف الثورة الديمقراطية في العالم العربي عن الثورات الأوروبية، لأن هذه الأخيرة قادتها البرجوازية الرأسمالية الصاعدة، والبرجوازية العربية ليست طبقة قائدة، وليست مؤهلة، ولا مستعدة ولا تعتبر هذا دورها، لأنها جزء من العولمة الرأسمالية الجديدة، تنمو على هامشها، وفي ظلها وترتبط بمصالحها، لأن اعتمادها الأساسي قائم على القوى الرأسمالية العالمية. ولذلك فان ثورتنا الديمقراطية تحتاج الى بناء أوسع تكتل تاريخي بالمعنى الغرامشي من الشرائح الثورية والديمقراطية من الطبقة الوسطى والعمال والفلاحين. وستكون الطبقة الوسطى هي الطبقة المؤهلة لقيادة الثورة الديمقراطية بعمقها الانساني. وتعني ثورتنا الديمقراطية.

ان المشروع العربي الديمقراطي يناضل من أجل علمانية غير مناهضة للاسلام التاريخي، لأن الاسلام في العالم العربي والاسلامي، ليس فيه كنيسة، وحتى المؤسسة الدينية الرسمية المرتبطة بالدولة التسلطية العربية وتوظفها أنظمة الرأسمالية التابعة في نطاق المحافظة على الايديولوجية التقليدية، والواقع المجتمعي التقليدي، ليست هي وحدها موجودة في المجتمع، بل انها تجد منافسة قوية جدا من المعارضات الاسلامية التي تطعن في صدقية تمثيلها للاسلام، كما هي الحال في مصر والجزائر الخ. والاسلام اسلاميات هناك الاسلام الرسمي، والاسلام المعارض، وهناك الاسلام السلفي والاسلام الجهادي التنويري.

كما أن العلمانية التي عبرت عن الصراع بين النظام المعرفي الثقافي القديم والنظام المعرفي الثقافي الجديد، بوصفها احدى خاصيات المجتمعات الغربية،التي انتصرت فيها البرجوازية الرأسمالية الصاعدة على الكنيسة، ونجحت في ترسيخ القيم العلمانية على صعيد الدولة والمجتمع، شكلت فتحا برجوازيا غريبا لحداثة فكرية في تاريخ البشرية، مثلها في ذلك مثل الحداثة، التي تنتمي الى كل العصور التاريخية، باعتبارها الموقف الديناميكي النقدي التاريخي الذي تقفه الروح البشرية أمام الواقع والتاريخ، الذي يصنعه البشر في المجتمع. وهذا الموقف وجد في القرون الهجرية الأولى من أوج قوة الدولة العربية الاسلامية.

فالدولة الأموية والعباسية هي دولة علمانية وعقلانية، وشهدت حركة تنويرية وعلمانية قل نظيرها تمثلت بحركة المعتزلة، التي طرحت مشكلة ما دعته «القرآن المخلوق». انه يمثل موقف حداثة في عز القرن الثاني الهجري/أو الثامن الميلادي، وكان هذا الموقف التيولوجي المبكر الذي اتخذه المعتزلة يفتح حقلا معرفيا جديدا قادرا على توليد عقلانية نقدية مشابهة لتلك العقلانية التي يشهدها الغربي الأوروبي بدءا من القرن الثالث عشر لولا معارضة الأرثوذكسية الظافرة (الأيديولوجية الأشعرية) في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي خصوصا على يد الخليفة القادر.

العديدون يتحدثون عن مجتمع مدني مؤسس على العقلانية والعلمانية. . كيف يتحقّق ذلك؟

يقوم المجتمع المدني على أساس احترام حقوق الانسان، وهي جزئيا الحقوق السياسية، ومضمونها يكمن في المشاركة السياسية في الدولة. ومن هذا المنظار، فهي تدخل في مقولة الحرية السياسية، وحقوق الانسان هي حقوق عضو المجتمع المدني المتحرر سياسيا. أما مرتكزات اعلان حقوق الانسان، فتتمثل في المساواة السياسية والقانونية، والحرية، والملكية الخاصة. وتشكل الحرية الفردية، والحريات العامة، أساس المجتمع المدني.

ان المجتمع المدني بهياكله الاقتصادية، وانقساماته الطبقية، والفئوية، وتبايناته الاجتماعية، وتكويناته السياسية والنقابية الذي تحكمه مبادئ المواطنة، والمساواة السياسية والقانونية، بين الأفراد في الحقوق والواجبات، والمشاركة السياسية للشعب من خلال الانتخابات الاشتراعية، والرئاسية، والبلدية، المحلية، لانتخاب الممثلين عنه للاضطلاع بأعباء السلطة في الدولة الديمقراطية، باعتبار أن الشعب أوالأمة، هو مصدر السلطات الذي لا يتحقق كمبدأ الا في ظل سيادة الديمقراطية، بوصفها أيضا المساحة التي يتقاطع فيها المجتمع المدني مع الدولة، فان هذا المجتمع المدني عينه، هو مجتمع الاختلاف والتعدد، والتعارض، والتناقش داخل بنيانه وهياكله الاجتماعية والسياسية.

ان الاختلاف، والتعدد، والتعارض، والتناقض، صفات جوهرية متأصلة في الأفراد، والجماعات، والطبقات والشرائح الاجتماعية المختلفة، والأمم، والدول، والشعوب، والحضارات، وهي جميعها كظاهرات متأسسة بعضها على البعض الآخر في علاقة ديالكتيكية، تشكل قانون التغيير، والتطور والتقدم في حركة التاريخ بوجه عام، وتاريخ الديناميات الداخلية للمجتمع المدني بوجه خاص. فالاختلاف والتعدد والتعارض والتناقض للأنا مع الآخر، حسب مقولة الديالكتيك، هي هوية المعرفة، والمنطق، هي وحدة الأنا مع الآخر الديالكتيكية في هوية واحدة. فليست حقيقة الأنا انه في هوية مع نفسه، أو نفسه، أو أنه مختلف مع غيره، وانما يشتمل على آخر هو ماهيته.

لهذا كله نقول أن تكوينات المجتمع المدني ومؤسساته، من أحزاب سياسية، ونقابات، ومجلس نيابي وصحافة، ووسائل اعلام، قائمة في وجوده المعين، على الاختلاف، والتعدد، والتعارض، والتناقض، بهذا تكون ماهية المجتمع المدني انعكاسا في الآخر، وفي وارتباطه الصميم بغيره من مقولات الاختلاف والتعدد، والتعارض، والتناقض، ومن هنا كان هذا الأساس هو الماهية الداخلية للمجتمع المدني، على نقيض النزعات الدكتاتورية، والتوتاليتارية، والفاشية، والظلامية. كما أن تعيينات المجتمع المدني تتحدد في الأمور التالية:
ان المجتمع المدني قائم على الحق أي حق الانسان الواقعي، وعلى مبدأ العقلانية والواقعية في العلاقات الاجتماعية والسياسية. والمجتمع المدني بهذا المعني، هو المجتمع الحديث المتناقض جذريا مع المجتمع التقليدي المتأخر تاريخيا، باعتبار هذا المجتمع المدني نزاعا باستمرار وعلى الدوام الى مواكبة العصر، والمعاصرة في العالم، أو «المزامنة العالمية»، أي انه تسود فيه ديناميكية وروح التغيير والتجديد والابداع في تناقض كلي مع نمط المجتمع التقليدي المتمحور على الماضي.

رغم أن مسار الثورة التونسية وشعاراتها ومطالبها رسمت طريقا واحدا يفرض نفسه بقوة تاريخية يصعب مقاومتها. طريق يؤدي، أو ينبغي أن يؤدي الى بناء دولة ديمقراطية تعددية تحترم الحريات العامة والحريات الفردية، وتستند الى قيم العدالة والمساواة للجميع، فان الثورة التونسية لم تنتج في سيرورتها ذلك الجدل الفكري حول شكل وطبيعة الدولة الجديدة التي يجب أن تحل محل النظام القديم الذي سقط.

يكاد الربيع العربي يتوقف في سوريا، عديدون يقرؤون صراعا دوليا عنيفا في ما يجري في سوريا والذي قد يكون تجاوز ثنائية نظام بشار الأسد والقوى المعارضة ؟ من وجهة نظري ما بات يعرف في الخطاب السياسي العربي بالربيع العربي، أصبح قانونا عاما يشق طريقه في العالم العربي، وأرى ان سوريا كان من الممكن أن تقوم بالاصلاح الديمقراطي المناسب الذي يصحح مسارات الحكم بما يتلاءم مع الأطر الحضارية أسوة بدول العالم المتقدمة، لأن سوريا تلقت اشارات من الكثير من الأطراف الشعبية العربية الحريصة على الوضع في سوريا بوصفها قلب العروبة النابض وآخر معقل للممانعة في وجه الكيان الصهيوني وقاد غياب الحوار السياسي الجدي والمسؤول بين السلطة والمعارضة الى المزيد من العنف والدمار في سوريا وعليه فان اي تأخير في حل الأزمة في سوريا قد يقود الى تداعيات داخل سوريا وخارجها لتصل الى عموم المنطقة، علما بأن عدم تدارك الأزمة السورية سيؤدي الى المزيد من التداعيات الخطيرة في كل منطقة الشرق الأوسط . فالصراع الآن أصبح على سوريا بين القوى الدولية والاقليمية المتناقضة في مصالحها الاستراتيجية .

من هو توفيق المديني؟
توفيق عثمان المديني: كاتب وباحث تونسي، من مواليد باجة في 20 فيفري 1955،ومقيم في دمشق . عضو اتحاد الكتاب العرب منذ العام 1995 عضو اتحاد الصحفيين السوريين منذ العام 1996 يكتب في العديد من الصحف العربية( الحياة، المستقبل، الشرق، البيان، الثورة). له العديد من المؤلفات المتخصصة (18 كتابا) في مجال الفكر القومي الديمقراطي، والاسلام السياسي. آخر كتاباته عن الثورة التونسية، سقوط الدولة البوليسية في تونس (الدار العربية للعلوم –ناشرون، بيروت فيفرير 2011). تاريخ المعارضة التونسية من النشأة الى الثورة (مسكيلياني للنشر، تونس، ماي 2012).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.