هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    دورة مدريد: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة العاشرة عالميا    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    انتشار ''الإسهال'' في تونس: مديرة اليقظة الصحّية تُوضح    تقلبات جوية في الساعات القادمة ..التفاصيل    مفزع: 17 حالة وفاة خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    الكشف عن توقيت نهائي رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي و الأهلي و برنامج النقل التلفزي    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    غار الدماء: قتيلان في انقلاب دراجة نارية في المنحدرات الجبلية    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مؤتمرها التاسع : تشريح الخطاب السياسي لحركة النهضة (1)
نشر في الشروق يوم 08 - 08 - 2012

إن الخطاب اللغوي لحركة سياسية ما إنما يعبر عن عقيدتها السياسية في أفكارها وتصوراتها, هو خطاب مشحون بتراكمات الماضي وبرغبة جامحة في الوصول إلى السلطة والتحكم وتحقيق الغلبة, ونحن نروم استقراء الخطاب السياسي لحركة النهضة في تونس ذات الخلفية الاسلامية انطلاقا من نص محدد هو التقرير الأدبي الذي قدم خلال المؤتمر التاسع للحركة.

وهذا الخطاب رسالة لغوية تمتلئ بالدلالات السياسية والدينية والاجتماعية والتاريخية والطموحات الذاتية أيضا, إنه خطاب سلطة يرجع صدى خطاب المعارضة القديمة التي تألم زمن الاستبداد, فإذا هي سلطة ناشئة ومتحولة تطوع الخطاب السياسي في الحجاج وأساليب الإقناع وصناعة السيطرة, وتنبئ بولادة عصبية جديدة سوف تحكم تونس في المرحلة المقبلة. .. والتقرير يرتبط بأحداث ووقائع في تاريخ تونس المعاصر بدأ مع نهاية السبعينات وتأسيس الحركة الاسلامية وينتهي بعد انتخابات 23 من اكتوبر لسنة 2011, هو خطاب محمول بتجربة تاريخية تونسية ويتأثر بعوامل إقليمية وتاريخية، ويرتبط بالظاهرة الأصولية, إنه يسير الهوينى إلى الحداثة وهو يلتفت الى جذوره الدينية وموروثه الفقهي مثقلا بأحداث وزعامات وتراكمات سياسية, ويأخذه حنين لمعاودة تجربة النبوة وتأسيس الدولة الاسلامية الأولى في المدينة ومنبهرا بتاريخ إسلامي يفيض على العالم.

وهو كذلك خطاب ينبنى على قيمة سياسية أخلاقية هي التأسيس للمدينة الفاضلة التي تتحقق فيها السعادة الانسانية على قاعدة العدل والخير نقيضا للظلم والشر, فهل بإمكان خطاب الاسلام السياسي في تونس أن يحول مقولاته المثالية الحالمة الى مشروع سياسي قابل للتطبيق في الواقع التونسي المعيش؟ قد تكون المسافة الفاصلة بين الدولة المثال وبين واقع الدولة في نظرنا عصية عن الأفهام.

انعقد المؤتمر التاسع لحركة النهضة التونسية موضوع بحثنا أيام 15 / 14 / 13 / 12 من شهر جويلية لسنة 2012, وقد اختزل التقرير الأدبي كامل المرحلة التاريخية للحركة الاسلامية. وفي مستوى الشكل جاء التقرير في 18 صفحة وافتتح بتوطئة أولى تلتها مقدمة. وقد قسم هذا التقرير إلى فقرات خصصت كل فقرة برقم يميزها عن الأخرى من 1 الى 20, بمعنى أن المنهج الذي توخاه كاتب التقرير هو تنظيم الأفكار وترتيبها وفق منطق رياضي إلى جانب التزامه بالتسلسل الزمني للتاريخ بما يوحي بالنظام والدقة في ظاهره, ومن الغرابة أن النقطة السابعة في التقرير لم تكن موجودة أصلا فسقطت, إذ انتقل المتلفظ من النقطة السادسة الى النقطة الثامنة فإذا هي 19 نقطة هذا إضافة الى أخطاء الرقن وبعض اللحن اللغوي, فكأن التقرير قد كتب على عجل وأسقط عن صاحبه عناء المراجعة على الرغم من أهميته، ثم جاءت الخاتمة لإجمال ما دون في ما تقدم.

وقد جاء التقرير مخبرا عن مرحلة من تاريخ الحركة تراوحت بين النشاط السري وبين الظهور العلني مرورا بمرحلة السجن ووصولا إلى الحكم, فقدم تفصيلا تاريخيا للنشأة ومؤتمراتها السرية أو تلك التي انعقدت في المهجر لسنوات2007/ 2001/ 1995 / 1988 / 1986/ 1984/ 1981/ 1979.

ونحن نرى أن نص الخطاب السياسي في التقرير الادبي متعدد الأصوات لا يتوفر على متلفظ وحيد, نقصد أن التقرير نص جماعي شارك فيه متلفظون مختلفون بدليل تعدد الأساليب وأفانين الكتابة, إذ هو ينقل إلينا صوت الزعيم وصوت المريد التابع, فجاءت بعض الفقرات صياغة للأستاذ «راشد الغنوشي» وبعض الفقرات الأخرى خليطا من أساليب مختلفة غاب عنها التنسيق, فظهرت قطيعة بائنة بين الأفكار والفقرات مما أفقد الخطاب قوة الترابط والتماسك. إنه نص مبتور في مستوى أفكاره قد خلا من حجية النص السياسي القائم على القدرة على الإقناع والإبهار. وقد اختصر التقرير حقبة زمنية تمتد على عشرين عاما أراد أن يجملها في بضع صفحات...

فهل يجوز اختزال مرحلة تاريخية ممتلئة بالأحداث والأفكار والتحولات والمشاعر الانسانية في خطاب لغوي مختصر؟ إنه سيلغي قطعا كثيرا من الوقائع والتفاصيل والجزئيات لأنه في المنتهى ليس نصا تأريخيا يبحث عن الحقيقة التاريخية, إنما هو يقدم وجهة نظر أحد الأطراف السياسية داخل حركة النهضة من تلك الأحداث, هي قراءة الفئة المسيطرة صاحبة القرار داخل الحزب.

ارتباط بالمقدس

وقد افتتح التقرير بآية قرآنية وختم كذلك بآية قرآنية بما يوحي أنه نص سياسي مشدود الى نص ديني مقدس, ويأتي الدعاء مذكرا بأساليب الخطابة الدينية القديمة وهو فن في الكتابة والترسل يقوم على افتتاح المدونة أو الرسالة باستدعاء للعامل الديني, هو دعاء يعود الى الله والى فكرة الهداية والتوجيه الرباني, ويجدد اعتراف الانسان بألوهية الخالق, ويهدي الجماعة المؤمنة سواء السبيل وينصرها سياسيا.

وهذا الدعاء يذكر أيضا بفكرة الجهاد إلا أنه «جهاد الكلمة» بمعناه الضيق «في حضرة السلطان الجائر» استنادا إلى ما ورد في المقدمة, كانت مقولة اسلامية تدفع المريدين والمناضلين الى الجهاد ومواجهة الحاكم المستبد الخارج عن شرع الله غير أنها مواجهة سلمية مقيدة بتوظيف اللغة واللسان ضمن إطار النصح والمجاهرة بالحق خارج دائرة العنف... وفي الدعاء كذلك تذكير بالآخرة ويوم الحساب وهي من ركائز الايمان في أصول الدين. فكأن معاودة فكرة ما بعد الموت أو ما بعد العالم الانساني فيه تأصيل للسياسي داخل مجال العقيدة الدينية وفيه خضوع لله الواحد الأحد في التصور الاسلامي.

وتؤكد الآيات القرآنية في الافتتاحية أصولية حركة النهضة وارتباطها الوثيق بالمقدس, هي حركة تنتمي إلى تاريخها وتتمسك بموروثها الديني وتحمل في جرابها السياسي حسب تصورها مشروعا حضاريا ينتهي إلى الاعتراف بعبودية الانسان وبربوبية الله في ملكوته سعيا لتحقيق مفهوم الدولة الاسلامية وفق القيم القرآنية التي ستملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا.

حقائق

ومن جهة أخرى فإن الخطاب السياسي الذي يستلهم من الموروث الديني ومن نصوص القران إنما يعلن انتسابه للحقيقة الدينية المطلقة من خلال ملفوظه, فيتحول الخطاب البشري في التقرير الأدبي إلى خطاب يستمد شرعيته من التاريخ ومن الله، هو ارتباط وثيق بين الدين والسياسة لدى الأحزاب الإسلامية المعاصرة بما فيها حركة النهضة, فإذا بنص التقرير قد تحول الى خطاب لغوي يفارق الخطاب السياسي السائد لدى بقية الأحزاب الليبرالية أو القومية أو اليسارية, وهو يضمر في المستويات العميقة من وعيه السياسي اعتقادا راسخا بأنه يمتلك حقيقة الهداية الالهية وحقيقة العالم وسر الغيب, ويضحي الخضوع إلى الخطاب السياسي للحركة من جنس الخضوع إلى الخطاب الديني المقدس «وذاك ما يفسر الانضباط الحزبي الصارم لأعضاء حركة النهضة داخل المجلس التأسيسي». ثم إن هذا الحزب المدني المنخرط في العملية الديمقراطية متمسك بمرجعيته الدينية وهو يرى أن أحوال الناس لا تصلح إلا بصلاح أخلاقهم وإيمانهم وتمسكهم بدينهم, وبالتالي ينتفي الفصل بين ما هو سياسي وبين ما هو ديني فيتماهى الخطاب البشري مع الخطاب الالهي.

بعد المقدمة الدينية ينتقل التقرير إلى توطئة سياسية تصوغ تعريفا عاما لحزب حركة النهضة في تونس فيعتبر « أن تفويضا ديمقراطيا في الانتخابات أهل الحركة لقيادة الشأن السياسي العام من أجل تحقيق أحلام المصلحين وتحقيق مقاصد الاسلام». وحين نمعن النظر في الخطاب «النهضوي» فإننا نقف عند تقرير جمع بين التاريخ الحديث لحقبة الصدام والاستئصال، وبين خطاب سياسي يسعى إلى تقليب مسائل الحكم بعد مرحلة التمكين والنصر الإلهي حسب اعتقادهم, وما يقتضيه ذلك من صياغة لنظرة كلية في السياسة والأخلاق والاقتصاد والاجتماع الانساني.

خطاب

ويبدو من خلال الخطاب السياسي للحركة أنه قد تبدل من خطاب احتجاجي ومعارض ضد الحاكم المستبد, إلى خطاب ينظر من زاوية ولي الأمر وفق منطق الدولة. هو يريد تحقيق مقاصد الاسلام الكبرى وتندرج تلك المقاصد ضمن مفهوم الكليات بتعبير الشاطبي في «كتاب الموافقات», إنه يروم تحقيق مقاصد الشرع التي تتأسس على قاعدة مفادها أن العقل به نفسر الكلام الإلهي وهو لهذه الجهة خادم للنص القرآني فإذا ارتبط جلب المصالح باستنباط عقلي فإنه يقدم على النص من أجل درء المفاسد.
«والحركة تروم تحقيق أحلام المصلحين» بمعنى أن النهضة قد اصطفت ضمن فكر إسلامي إصلاحي بعد أن كانت في الثمانينات تنحاز إلى فكر إسلامي ثوري ومكافح قريب النهج من تشدد التجربة الايرانية, فاستلهمت من فكر جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وأحمد بن أبي الضياف وخير الدين باشا التونسي وبيرم الخامس وبعض من شيوخ الزيتونة... أولئك الذين دعوا الى النهوض بالأمة الإسلامية والاقتباس عن الغرب في ما لا يتعارض مع الشرع من أجل الخروج من حالة الانحطاط.

بيد أن الخطاب السياسي لحركة النهضة قد تخلى عن مفهوم «الأمة» بمعناه الشمولي أو دحرجه إلى مرتبة ثانوية فلم يذكره أصلا في نص التقرير, لقد انتقل إلى الدولة بمفهومها القطري الضيق بخصوصيات تونسية, إنها الدولة الوطنية التي تسبق في الأهمية فكرة الأمة الاسلامية. فكأنها قد أيقنت بضرورة قبول الواقع التاريخي فتخلت عن التصور المثالي الذي يرى في امكانية وجود « الدولة /الأمة» متجانسة تدين بالإسلام وتعبد الله وتقيم دولته في الأرض.

وقد ورد في التقرير «أن الحركة اليوم تراعي الواقع المحلي والدولي مع الالتزام بالوسطية» ومثل هذه الجملة تنبهنا الى تنازلات كبرى في مستوى عقيدة الإسلام السياسي إنه يتخلى باسم مراعاة الواقع عن مبادئه التاريخية في مناكفة الاستعمار, والسيطرة الاقتصادية والثقافية التي يفرضها الغرب, وفي معارضة الامبريالية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية, وهو يتخلى عن معاداته للغرب الوريث الشرعي للمسيحية الاستعمارية المحاربة, فلم يعد خطابا ايديولوجيا مكافحا ومجاهدا, لقد أصبح خطابا اصلاحيا طيعا ومرنا.

وأضحى عدو الأمس حليف اللحظة الراهنة. والنهضة اليوم لا تجد حرجا في إعلان تحالفها مع القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الامريكية لقد صارت تشبه إلى حد كبير الاسلام على الشاكلة الخليجية إسلام مسالم ومتعاون يحفظ المصالح الاجنبية فلا ترى الحركة ضيرا في التعاون مع الغرب ومع الولايات المتحدة الامريكية تخصيصا بما يتناقض تماما مع عقيدتها السياسية التقليدية.

وتشير فكرة الوسطية إلى الاسلام المعتدل وتنبئ بوجود إسلام متشدد راديكالي ترفضه الحركة في مقابل إسلام ليبرالي منفتح على الاخر حد الذوبان. إن هذا الخطاب السياسي في لغة التقرير فيه إضمار لتحولات عميقة في ايديولوجيا الحركة, لقد تغيرت من حركة إسلامية إخوانية مناضلة, لتصبح حزبا سياسيا حاكما يؤمن بحضور الإسلام في أشكال التدين وفي الأخلاق وفي المعاملات الاجتماعية, إلا أنه يتخلى عن فكرة الصدام مع الاخر الغربي في مسألة الخضوع للقوى الدولية وحفظ المصالح الوطنية.

(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.