صدر بلاغ بالصحف هذه الأيام يعلن عن قرار مصفي الشركة العقارية بولاية قابس التفويت بالبيع في عقار كنيسة قابس البلاغ جاء مثيرا لجملة من التساؤلات التي تحوم حول حقيقة الوضع القانوني لهذه الكنيسة. وقد سمعنا منذ فترة أن السلط الجهوية قد قررت ترميم هذا المعلم والابقاء عليه كفضاء ثقافي. الشروق اتصلت بمصادر رسمية وقامت بالبحث الذي يفيد أن الكنيسة المذكورة والتي تقع في قلب مدينة قابس على مساحة تفوق 400 مم قد بناها الفاتيكان منذ السنة الأولى للقرن العشرين ووضعها على ذمة الجالية المسيحية المقيمة في قابس للقيام بشعائرهم الدينية، وسنة 1956 لما انقرضت الجالية المسيحية من هذه المدينة دخل هذا المعلم ضمن الاتفاقية التي تسمح باستغلال الكنائس لأغراض ثقافية وفعلا كان سنة 1963 قرار المجلس الجهوي بقابس باستغلال هذه الكنيسة كمكتبة عمومية.
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت كنيسة قابس تمثل النواة الأولى للمطالعة وتنظيم الندوات ومكان لالتقاء النخب والمبدعين وارتبط المكان بالذاكرة الشعبية التراثية للنخب المثقفة التي عايشت سنوات السبعينات والثمانينات. ومع حلول سنة 2006 هرم هذا المعلم وأغلق أبوابه أمام رواده ولكنه مع ذلك بقي تحت رعاية واشراف وزارة الثقافة حتى سنة 2010 لما قررت لجنة التطهير بالوزارة الأولى التفويت فيه لفائدة المجلس الجهوي الذي اقترح ترميم المعلم والابقاء عليه كفضاء ثقافي.
السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو كيف تحولت ملكية هذه الكنيسة من السلطة الأجنبية أو من الملك العمومي الى ملكية الشركة العقارية بقابس التي تطرح الأن بيع العقار عن طريق المصفي وفي أي ظروف حصل تغيير الملكية مع الاشارة أن الشركة المعنية تأسست في بداية السبعينات وتضم بلدية قابس والمجلس الجهوي وبعض المساهمين.
اذا كان الأمر لابد منه لماذا لا نفوت في هذا المعلم الى وزارة الثقافة والمحافظة على التراث حتى تواصل استغلاله على طريقتها أم أن في الموضوع أسرار أخرى.وفي خطوة استباقية جمّدت السلط الجهوية قرار البيع في انتظار البحث عن حلّ يرضي مثقفي الجهة الذين تنادوا للدفاع عن هذا المعلم الأثري والفضاء الثقافي الذي يمثلّ أحد مكونات ذاكرة المدينة الثقافية.