في 8 ماي 2006 أصدرت إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت أحكاما بسبع سنوات في حق أربعة أشخاص بتهمة السرقة من داخل محل مسكون باستعمال التسور ليلا من عدة أفراد يحمل أحدهم سلاحا ظاهرا. كما وجهت لهم جريمة حجز شخص بدون إذن قضائي قصد تهيئة ارتكاب جناية، المتهمون استأنفوا الأحكام وحكمت المحكمة ب 5 سنوات في حق ثلاثة منهم في حين تم عرض المتهم الرئيسي على الفحص الطبي بطلب من محاميه فأكد التقرير الطبي عدم تحمله المسؤولية الجزائية وهو ما أقنع وجدان المحكمة التي حكمت له بعدم سماع الدعوى.
النيابة العمومية شككت في مصداقية الشهادة الطبية وظلت منذ 13 جويلية 2007 تاريخ صدور الحكم الاستئنافي تسعى الى تعقيب الأحكام الاستئنافية لكن عدة عراقيل في ارتباط بفساد أجزاء من منظومة القضاء أعاقت مساعيها، إلى أن تدرجت الأمور في سلك القضاء في الأشهر الأخيرة نسبيا نحو الأفضل وهو ما أعاد هذه القضية إلى أروقة المحاكم.
تفاصيل الجريمة التي ارتكبها أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 23 سنة و 40 سنة ساعة حدوثها باحدى معتمديات ولاية بنزرت تفيد أن أحد العاملين لدى المتضررة التقى بالمتهم الثاني الذي هو جار المتضررة وظل هذا الأخير يستفسر الأول عن مؤجرته كما سأله إن كانت وأفراد عائلتها سيتوجهون إلى تونس لحضور حفل زفاف في تلك الليلة فأجابه الأول بالايجاب وتواعدا على اللقاء ليلا وهو ما حصل في حدود الساعة العاشرة ليلا حيث ترافقا الى المقهى ومكثا قرابة النصف ساعة ثم افترقا وبعودتهما الى الحي التقيا مجددا وانضاف اليهما المتهم الثالث والرابع وقد اصطحبا دراجة نارية نوع «فيسبا» سوداء اللون واقتسم المتهمون الأدوار إذ بقي الأول يحرس المكان بعد أن أعلموه أنهم سيتولون سرقة منزل مؤجرته بينما دخل الثلاثة الباقين منزل أحدهم الذي هو جار المتضررة ثم صعدوا الى السطح ومنه عبروا إلى شرفة منزل المتضررة ولجؤا إلى المطبخ وتوجه أحدهم إلى الغرفة التي كان بها ابن المتضررة الذي لم يرافق العائلة الى العاصمة، وكان المتهم ملثما وحاملا سكينا بيده اليمنى «وسكوتش» بيده اليسرى وطلب من ابن المتضررة عدم طلب النجدة وهدده بسكين إن فعل ذلك وتولى شد وثاقه وإدخاله إلى احدى الغرف وفي الأثناء كان ابن المتضررة تصله أصوات من الغرفة المجاورة لأكثر من شخص إثر ذلك بدقائق سمع فتح وغلق الباب الرئيسي وقد فهم أن الجناة غادروا المنزل وأمكن له فك رجليه وتوجه إلى الغرفة المجاورة حيث اكتشف أن الصندوق الحديدي الذي يحوي 2200 أورو و7800 دينار ومصوغ بقيمة 15 ألف دينار قد تم الاستيلاء عليه.
اثر ذلك صعد ابن المتضررة إلى جارته بالطابق العلوي وطرق الباب وباستجلائها الأمر وجدت جارها في حالة اضطراب وخوف شديد مكبلا مثلما سبق ذكره فقامت بحل وثاقه وأعلمها بما حصل ثم اتصل بوالدته التي عادت من العاصمة بسرعة وتوجه بمعيتها الى مركز الاستمرار حيث قدما شكوى للغرض ووجهت المتضررة شكوكها نحو أحد عمالها الذي قد يكون استعان ببعض الأطراف الأخرى للقيام بفعلته.
الشكوك تدعمت بعد ورود مكالمة هاتفية على الابن الثاني للمتضررة من طرف شخص أخفى عنده اثنان من المتهمين المسروق وهو بدوره أخفاه بضيعة فلاحية خارج المدينة إلا أن خوفه من التورط في تتبعات القضية جعله يعلم ابن المتضررة.
وقد تم إيقاف الأربعة متهمين المشاركين في السرقة منذ الأيام الأولى للقضية إلا أنه تم إخلاء سبيل المتهم الرئيسي بعد أيام من ايقافه وظل بحالة سراح إلى حين الجلسة الاستئنافية التي حكمت لفائدته بعدم سماع الدعوى بموجب فقدان العقل وقد استمعت المحكمة الى عشرة شهود منهم ستة شهود إثبات وأربعة شهود نفي. وبعد الثورة واصلت النيابة العمونية مساعيها لاعادة القضية إلى أروقة المحاكم وهو ما حصل لتكون أول جلسة بتاريخ 10 أكتوبر 2012.