شملت فاجعة لامبيدوزا عديد العائلات من معتمدية الفحص بولاية زغوان وجعلتها تعيش في عذاب متواصل ومتنوع الاشكال وفي حيرة والام متعددة قاسمها المشترك الصبر وانتظار ما تخبئه الاقدار وما تبوح به الساعات القادمة من اخبار رسمية. «الشروق» زارت بعض عائلات ضحايا «الحرقان» الى ايطاليا بمدينة الفحص والتقت بأولياء الشبان الذين كانوا ضمن حادثة غرق مركب رحلة الاحلام والاوهام الاخيرة قرب لامبيدوزا. واصبحوا في عداد المفقودين ولا أحد يمتلك معلومة صحيحة عن مصيرهم وهذا التأخير والبطء في الاعلام عن المصير زاد في عذاب الاولياء واطال المعاناة وتذوق المرارة الدائمة هذا ما صرح به اولياء المفقودين عند لقائنا بهم حيث يقول السيد فرحاني بن حليمة والد نضال بن حليمة انه يتعذب يوميا منذ مساء الجمعة الفارط عند سماعه بحادثة غرق المركب وندد بتباطؤ السلط التونسية في البحث عن المفقودين والوصول الى الحقيقة النهائية ويطالب الجهات المعنية بإظهار ابنه ميتا اوحيا حتى يرتاح من العذاب ويقبل الامر الواقع واستنكر السيد فرجاني بن حليمة تصريح السيد رئيس مركز الامن الوطني بالفحص مفيدا ان المفقودين هم على قيد الحياة حسب ما اعلمته به وزارة الخارجية وبين المتحدث انه حال سماع هذا الخبر عمت الفرحة بيوت المفقودين وتعالت الزغاريد وهبت الجيران للتهنئة واستدرك قائلا ان هذه الفرحة لم تدم طويلا حيث اعلمتهم مصالح وزارة الخارجية انها لا تمتلك اي معلومة صحيحة عن المفقودين. واضاف المتحدث «ان عمليتي التصريح والتكذيب زادت في الاحباط والمعاناة وولدت توترا واحتقانا عند الاهالي في الجهة».
البطالة والتهميش دفعاهم الى المصير المجهول
وبين فرجاني ان البطالة والتهميش ساهما في الهجرة غير الشرعية لدى شباب مدينة الفحص وطالب السلط بإيلاء شباب الجهة عناية واحاطة وذلك بخلق مواطن شغل تحمي الشباب من الضياع ودعا الى ضرورة دفع عجلة التنمية بمدينة الفحص وقال انها مازالت منسية ومهمشة.
اما السيد محرز شنوف والد طارق شنوف عمره 24 سنة فهويقول ان ابنه قد اتعبته البطالة وهذا ما دفعه للمشاركة في عملية الحرقان الى ايطاليا واكد ان ابنه طارق شارك في عملية اولى لكنها لم تنجح وبعد اسبوع كرر محاولته ونجح فيها واشار انه صدم عند سماعه الخبر.
وطالب السلط بضرورة إيجاد حلول ردعية من شأنها ان تقضي على عملية الهجرة السرية وذلك بحماية كل النقاط السوداء والشريط الساحلي وتشديد العقوبة على المساهمين والمشاركين في عملية الحرقان. وبين السيد محرز ان البطالة اللتي يعيشها شباب مدينة الفحص دفعت ابناءنا الى المغامرة والهجرة قصد تحقيق الاحلام . وصرح انه فرح كثيرا عند سماع خبر نجاة المفقودين لكن الصدمة كانت عنيفة عند التأكد من عدم صحة هذا الخبر .
وطالب السلط بضرورة توفير مواطن شغل لشباب الجهة والحد من الهجرة السرية والعمل من أجل القضاء عليها وقال المتحدث ان ابنه امين عاش الخصاصة والبطالة الدائمة والتهميش مما دفعه للتفكير بالهجرة وذلك لتحسين ظروفه وظروف العائلة بأكملها ويطالب من الحكومة بالاسراع بكشف الحقيقة ورفع الملابسات. وصرح انه اصبح يتابع اخبار المفقودين عبر وسائل الاعلام المرئية الاجنبية مبينا ان وسائل الاعلام التونسية غير مهتمة بهذا الموضوع بالقدر الكافي.
من جهتها اشارت السيدة نجاة سحنون والدة بلال سحنون البالغ من العمر 22 سنة انها أرملة وأم لثلاثة ابناء وهي من العائلات المعوزة وقالت ان ابنها بلال هوالعائل والكافل للعائله واضافت ان بلال هاجر هروبا من الفقر والخصاصة والحرمان وانه لم يقدر على مجابهة المصاريف العائلية . واوضحت ان البطالة والفقر والخصاصة كلها ساهمت في دفع شباب الجهة الى الهجرة لتحقيق الاحلام. وطالبت السيدة نجاة من السلط بمدها بخبر عن ابنها المفقود لتجتاز مرحلة العذاب والقبول بالحقيقة . كما صرحت انها تعمل كمعينة منزلية لإعالة ابنائها ولحمايتهم من الضياع.
وفي جانب اخر اكد السيد عبد العزيز المهذبي والد السيد بلال المهذبي البالغ من العمر 27 سنة ان ابنه شارك في الهجرة غير الشرعية على امل تحسين وضعيته الاجتماعية وتحسين ظروف عائلته وطالب من السلط الاسراع بإظهار حقيقة المفقودين سواء احياء اواموات وقال ان ابنه عاش البطالة كثيرا وحاول الاتصال بالسلط المحلية والجهوية لمساعدته على ايجاد شغل يرتزق منه الا أنه يجد الوعود دون نتيجة.لذلك اضطر للحرقان هروبا من البطالة والخصاصة وبين انه متقاعد ولم يتحصل على جراية التقاعد منذ 7 اشهر ويطالب من السلط الجهوية بالعمل على تسوية وضعيته.
واضاف السيد عبد العزيز ان وضعيته الاجتماعية تستحق التدخل العاجل والمساعدة . واكد في حديثه ان شباب مدينة الفحص يعيش البطالة ويرى انه لابد من العناية بهذه الشريحة وطلب من السلط التفكير في ايجاد الحلول العاجلة للتقليص من عملية الحرقان حتى لا تكتوي العائلات بمصائب الحرقة وللإشارة فإن كل هذه العائلات المعنية تعيش وضعيات اجتماعية صعبة وهي من العائلات ذات الدخل المحدود .