أذكر جيدا تصريح وزير سابق في تونس حين أعلن أمام عدد كبير من الصحفيين أن تونس لن تستطيع القضاء على البطالة وخلق مواطن شغل الا بإصلاح التكوين المهني واعادة الاعتبار اليه والتعامل معه كمسلك تكويني أكاديمي وليس كهيكل انتشال. بالرغم من مرور سنوات على هذا التصريح لا يزال التكوين المهني يراوح نفس المكان ولا يزال الورقة المنسية والحلقة الضائعة والمهمشة، في السنوات الماضية رصدت لقطاع التكوين المهني أموال ومبالغ واعتمادات طائلة من أجل اعادة هيكلته واصلاحه لكن لا شيء تغيّر. قطاع التكوين المهني يحتاج الى أشخاص يؤمنون به ولهم قدرة على التصور والمبادرة والإصلاح ففي بلدان أخرى متقدمة الالتحاق بالتكوين المهني يحتاج الى أن يكون التلميذ من النجباء أما في تونس كما في البلدان المتخلفة التكوين المهني للفاشلين.
مراكز
للأسف مراكز التكوين المهني لا تزال غير مهيكلة وفي كثير من الأحيان يتم تكسيرها بطريقة اعتباطية والمجالس البيداغوجية داخل المراكز مجرد مجالس صورية.
تغيير
المطلوب الآن تغيير كل المعايير والمقاييس الخاصة بتعيين مديري المراكز وذلك عبر مطالبة المترشحين بتقديم تصورات وبرامج قبل تعيينهم مع خبرة كبيرة في التكوين النظري والتطبيقي وتربصات في التسيير.
نقطة ضعف التكوين المهني القاتلة هي مراكز التكوين التي تحتاج الى اطارات ادارية، هناك ميزانيات مالية ضخمة تحت تصرف المراكز لكن الأمر يحتاج الى متابعة جدية والى تدقيق والى مرقبة ولا يمكن ان تصرف تلك المبالغ وتلك الأموال ولا نجد مقابلها نتائج وجدوى.
توجيه
إن من أهم مشاكل التكوين المهني في تونس مشكلة التوجيه في البلدان المتقدمة نسبة الموجهين للتعليم التقني والمهني لا تقل عن 40٪ من التلاميذ الناجحين في دراستهم وليس الفاشلين والراسبين كما هو في تونس حال الذين يتوجهون الى التكوين المهني...
اصلاح التكوين المهني يقتضي الآن وفورا اقرار الباكالوريا المهنية التي تخول لأصحابها الالتحاق بالمدارس العليا ومدارس المهندسين كما تخول لأصحابها الالتحاق بسهولة بالحياة المهنية.
انتداب
ويحتاج قطاع التكوين المهني الى مراجعة لقانون الانتداب خاصة بالنسبة الى المكونين ومستشاري التدريب بإعطاء الاولوية للمتحصلين على شهائد تطبيقية ولهم خبرة ميدانية ومروا بتربصات بيداغوجية.
تفقد
قطاع التكوين المهني هو القطاع البيداغوجي الوحيد الذي لا يخضع للتفقد البيداغوجي على غرار أسلاك التعليم الأخرى وهذا ما أثر بشكل كبير على مردود المكونين خاصة.
يحتاج التكوين المهني اليوم الى مراجعة حقيقية والى حركة تصحيح قادرة على انقاذه وتحويله من قطاع انتشال للمهمشين والفاشلين الى قطاع يستقطب الناجحين.