شرعت مجموعة من الشبان في التعريف بالجوانب الجميلة لمدينة القيروان وترويجها وجهة سياحية تغري السائح بتفاصيلها التراثية ومخزونها الحضاري ومتابعة أشغال بعض المعالم والدعوة إلى تجاوز النقائص والاهمال حتى يعود الى عاصمة الأغالبة بريقها. الصّور التلقائية لمختلف المعالم في القيروان وزوايا النظر التي تظهر عبر عدسات الكاميرات ألهمت عديد الشبان من أبناء الجهة لإنشاء معارض إفتراضية وفضاءات لترويج صورة القيروان عبر صفحات التواصل الاجتماعي. وتجمع على ضرورة توظيف التراث واستثماره والاستفادة من المخزون التراثي.
كما تنبه إلى الحالة المزرية التي أصبحت عليها المدينة بسبب البناء الفوضوي وغير المرخص به الذي إلتهم السّمات المعماريّة المميّزة للمدينة العتيقة وغيّب تفاصيلها الفنيّة. ولا حديث اليوم سوى عن فسقية الأغالبة والحالة المزرية التي بلغتها. حيث أصبح فضاء مهملا ومنبوذا وغير مستغل في المسلك السياحي بسبب إهماله. بل إن أشغال بناء سور الأرض التي تم إلحاقها بالفسقية تعطل وأخذ وقتا أطول من بناء سور الصين العظيم.
سليم قوادر أحد الشبان الناشطين في مجال التعريف بمميزات القيروان الحضاريّة. وقد حوّل صفحته الخاصة إلى معرض إفتراضي لمعالم عاصمة الأغالبة بمختلف تفاصيلها اليومية. المساجد والأسواق والساحات والصناعات التقليدية وكذلك العادات ومختلف المعالم الأثرية مع ابراز عناصر الجمال والإبداع فيها. يقول سليم «تتوفر في القيروان عديد المعالم الأثرية ويجب استغلالها على أحسن وجه لترويج صورتها الإيجابية والترغيب في زيارتها وجعلها وجهة سياحيّة».
وفي المقابل يرى الشاب سليم الذي يتوجه لدراسة الفنون الجميلة أن بعض المعالم تحتاج إلى تحسينات مثل الفسقية. والتي خُصّص لها مشروع تهيئة بكلفة 6ملايين دينار. وقد تأخر المشروع وزادت حالتها سوءا. الى جانب مشروع تهذيب المدينة العتيقة وهو مشروع فرنسي بالاشتراك مع بلدية القيروان والذي تعطل بدوره لعدّة أسباب. يطالب أبناء القيروان بحماية المعالم الأثرية من الانتهاكات لكونها ملكا للجميع. وقد حصلت عديد التجاوزات قبل الثورة وتواصلت في ظل غياب حرص جهوي. ورغم زيارة وزير الثقافة إلى القيروان ومعاينته للتجاوزات إلا ان الإجراءات توقفت في حين تواصلت التجاوزات وعادت الاعتداءات العلنيّة على المعالم الأثرية.
ويتم حاليا دراسة مشروع تغيير موقع متحف الفنون والآثار الإسلامية بسبب حالته المزرية وتمت المطالبة بتفعيل مركز تقديم التراث الذي فتح في 2009 ثم أغلق في اليوم الموالي.
ولاية القيروان في حاجة الى تثمين تراثها في كل موقع قديم. مثل الوسلاتية وحاجب العيون وعديد المواقع الشاهدة على الحضارة وأيضا على الإهمال والنهب وغياب الاستثمار. وبكل أسف يتمّ إهمال هذه الثروات المدفونة فوق والأرض وفي نفس الوقت يتم التنقيب على ثروات يجهل مكانها تحت الأرض.
وينتظر تفعيل مشروع المنطقة السياحية الذي برز الحديث بشأنه ثم خفتت الضوضاء بشكل يوحي بأن كل المشاريع المهمة في القيروان سرعان ما تهمل وتوضع في الرفوف بسبب من السلط الجهوية غياب المتابعة وبسبب إهمالها في رفوف السلط المركزية. وحدّث ولا حرج عن تبعية ولاية القيروان ذات الشأن والتاريخ والحضارة إلى إدارات ودواوين في جهات أخرى في جميع المجالات بما في ذلك المجال الفلاحي الذي تحتل فيه حيزا كبيرا وحظا وافرا.
وتبقى المبادرات التي تقوم بها الصفحات القيروانية في حاجة إلى متابعة من قبل المسؤولين وأعضاء المجلس التأسيسي ورجال الأعمال والبنوك والجمعيات ومن قبل الإدارات الجهوية التي يجب ان يتجاوز أداؤها المراسلات وتدوين الملاحظات وتمرير التقارير والشكايات إلى المبادرة.
في القيروان ما يستحق الاستثمار ويحتاج إلى التنمية. ويمكن أن تشدّ القيروان أنظار العالم بما فيها من مخزون حضاري تزينه إرادة أبنائها وسعيهم إلى الإصلاح والبناء.