نظمت مؤخرا جمعية أميدرا للعلم والثقافة والسياحة تظاهرة بمناسبة انتهاء أشغال الحفريات التي تقام منذ 25 يوما في الموقع الاثري بحيدرة بشراكة تونسية (المعهد الوطني للتراث) وفرنسية بمجموعة من الطلبة بإشراف عالم الآثار الكبير فرانسوا بارات. وحضر هذا اللقاء ثلة من الضيوف من كافة ارجاء الجمهورية على غرار عالم الآثار التونسي لطفي النداري الذي يشتغل على هذه الربوع وله دراية كبيرة بخباياها وتاريخها.
«الشروق» كعادتها كانت حاضرة في هذه التظاهرة وواكبت بعض الحفريات وتحدت الى العديد من الوجوه المعروفة ومنهم عالم الآثار لطفي النداري الذي صرح للشروق بأن حيدرة جديرة بالاهتمام وبالحفريات المتواصلة لا الموسمية وأضاف بأن هذا الموقع من المفروض أن يتحول الى موقع مدرسة Site école حيث نجد فيه كل الحقبات التاريخية باستثناء ما قبل التاريخ الى حدود الفترة العربية الاسلامية وأضاف في لمحة تاريخية عن هذه المدينة أنها كانت ثكنة عسكرية للرومان الى حدود 75 بعد الميلاد ولما تحول الرومان الى تبسة الجزائرية تحولت المدينة الى مستوطنة رومانية بأتم معنى الكلمة يعني أنها كانت خالية من العنصر البربري وهنا تكمن أهمية الموقع ودعا الدكتور لطفي الى انفتاح المعهد الوطني للتراث على الجامعة التونسية للعمل سويا على تهيئة المواقع الاثرية بالجهة ومزيد اقامة الحفريات بها وهذا في الحقيقة يستوجب معهدا للآثار باعتبار أن جهة القصرين تحتوي على ثلثي آثار الجمهورية ومن غير المعقول أن تظل دون معهد مختص يطورها واستغرب محدثنا من ضعف مشاركة الطلبة التونسيين مقارنة بنظرائهم الفرنسيين.
كان فرانسوا بارات عالم الآثار الفرنيسي المعروف جدا على رأس الفريق الفرنسي الذي يشارك في الحفريات بالموقع الأثري بحيدرة وهو الآن رجل طاعن في السن الشروق تحدثت اليه فأفادنا بأنه كان يزور كل المواقع الأثرية بالجمهورية التونسية ومنها حيدرة مذ كان طالبا سنة 1969 وله دراية كبيرة جدا بتاريخ بلادنا وقد كان يزور حيدرة مرة كل سنة بانتظام وها هو يزورها أيضا وهو عالم طاعن في السن وهذا يدخل في إطار التواصل بين فرنسوا بارات الطالب وفرنسوا بارات العالم قالها مازحا طبعا وقد اعتبر محدثنا أن هذا الموقع استثنائي بأتم معنى الكلمة ومن أهم المواقع في الجمهورية علاوة على الموثع الأثري سفيطلة وسليوم بالقصرينالمدينة واعتبر عملهم مكمل للعمل السياحي باعتبار انهم اي الفريق المشارك بحفرياتهم سيساهمون في جلب السياح الى الموقع ونوه السيد فرانسوا بارات بالمناظر الجميله والخلابة المحيطة بالموقع والمتمثلة في جبال وهضاب جميلة تبرز أهمية الثروات الطبيعية التي تتمتع بها ولاية القصرين .الآنسة حنان ورتاني وهي محافظة تراث بالمتحف الوطني بقرطاج ومشاركة في الحفريات لاحظت أنها تزور حيدرة لأول مرة وهي فرصة لاكتشاف الحضارة البيزنطية باعتبار أنها مهتمة اساسا بالحضارة الفينيقية وعبرت عن اعجابها بالمناظر الطبيعية وبالموقع الاثري الثري ولكنها اشارت الى المخاطر التي تتهدد الموقع من جراء تآكل جوانبه نتيجة سيلان الوادي المحاذي له ، هذا وقد اعتبر الشاب نادر سماري كاتب عام جمعية أميدرا للعلم والثقافة والسياحة منظمة التظاهرة أن جمعيته أرادت من وراء ذلك ترسيخ عادة الحفريات وتعميمها على باقي المواقع في الجهة التي لا زالت تحت التراب والتعريف بالسياحة الأثرية بالجهة في انتظار تنظيم المهرجان الدولي للألعاب الشعبية بعد ما تم تنظيم سابقا الدورة الأولى لمهرجان بعنوان «أميدرا في لوحات فروسية» وكلها في إطار التعريف بالمخزون التراثي لحيدرة.
من بين الحضور وجدنا طالبا يدعى رمزي زارعي مختص في البيئة والتنوع البيولوجي فاستفسرنا عن سر وجوده فأفادنا بأن الاهتمام بالآثار والتراث بصفة عامة لا يمكن أن يكون إلا في إطار علاقته بالبيئة والمحيط فالموقع الأثري بحيدرة مثلا يعاني من مشكلة بيئية تتمثل في سيلان الماء تحت جدرانه ومشاركته تدخل في إطار المحافظة على المحيط والبيئة في الموقع وحوله.