جدّدت صباح أمس الدائرة الجنائية الثالثة بمحكمة تونس الابتدائية بتونس النظر في قضية مقتل القس البولوني مارك ماريوس رينسكي وقد قررت حلّ المفاوضة وتأجيل التصريح بالحكم إلى الأسبوع القادم. أحضر المتهم موقوفا وخلال استنطاقه أنكر ما نسب إليه إنكارا تاما نافيا كل علاقة له بجريمة الحال وبمجابهته باعترافاته المفصّلة والمسجلة عليه أمام باحث البداية أكد أنه اضطر الى ذلك خاصة أنه كان عرضة الى الاعتداء بالعنف من طرف الباحث وبمجابهته ايضا باعترافاته أمام قاضي التحقيق لاحظ أن تلك الاعترافات لا تخصه وان قاضي التحقيق لم يسأله بخصوص الجريمة المنسوبة اليه بتاتا وأن أول لقاء له مع قاضي التحقيق دام بين 10 و15 دقيقة وجّه له فيها ثلاثة أسئلة تمحورت حول سوابقه العدلية وعلاقته مع أفراد أسرته وجرى اطلاعه على محاضر باحث البداية ثم أودع اثرها السجن. وبعد أشهر استدعي من جديد لدى نفس المكتب اين طلبت منه كاتبة التحقيق الإمضاء فقط دون الاطلاع على فحوى البحث. وطلب من هيئة المحكمة تبرئة ساحتة.
قبل الانطلاق في المرافعة قال محامي القائم بالحق الشخصي ان القضية أصبحت محل اهتمام من الحكومة ومن المواطن معا والخوف كل الخوف من الدخول بها في متاهات جراء تشويه الوقائع.
وأكد ان الجاني استدرج فعلا الهالك يوم الواقعة الى مستودع المدرسة حيث كان متحوّزا بشاقور مخفيا بين ثيابه ثم باغته على مؤخرة رأسه ورقبته. وقد أثبت تقرير الطبيب الشرعي ان الهالك تعرض الى 19 ضربة.
وأضاف ان المتهم عمد الى التخلص من ثياب الهالك ومن أداة الجريمة في احد المصبات ومن باب الصدفة عثر باحث البداية على حذاء الهالك. وأوضح ان انكار المتهم مردود عليه وذلك لما توفّر في الملف من عناصر الإدانة مشيرا الى أن التحليل النفسي بواسطة ثلاثة أطباء أكدوا ان المتهم له خيال واسع. وطالب بالحكم بثبوت الإدانة وتسليط العقاب طبق القانون. الدفاع: يتمسّك بالبراءة ويطالب بإعادة التحرير على الطبيب الشرع رافع في حق المتهم ثلاثة محامين أجمعوا على براءة منوبهم من تهمة القتل العمد. اذ اعتبر المحامي الأول ان المتهم قدّم كبش فداء خاصة أن وزير الداخلية طالب رسميا بالاسراع في إلقاء القبض على الجاني. كما ان احدى الشاهدات في القضية تبيّن انها على علاقة متينة بالهالك حيث تم اكتشاف قرابة 250 مكالمة هاتفية بينهما ومعظمها تنطلق من الساعة العاشرة ليلا الامر الذي أثار شكوك الدفاع ورأى عدم الاستئناس الى تلك الشهادة.
وقد أدلى بصور فوتوغرافية للهالك بعد تعرضه الى عملية القتل وأطنب في تحليلها ثم طعن في محضر بحث فرقة مقاومة الاجرام. وأشار الى الاشاعة التي روّجت ومفادها وجود علاقة غرامية بين الهالك والجاني وكذبها.
وساندته محامية ثانية مضيفة ان منوبهم اعترف بحثا وتحقيقا تحت طائلة الإكراه والعنف. وطعنت في تقرير الطبيب الشرعي الذي غاب فيه تاريخ الوفاة وساعتها. وقالت إنها اتصلت بمدير المدرسة «الأب لورون» وأكد لها ان ذمة المتهم المالية سليمة وهو ما يفنّد ما جاء بالابحاث. كما أدلت بوثيقة تثبت ان منوبهم لم يكن في المدرسة زمن وقوع الجريمة.
ومن جانبه تمسّك المحامي الثالث بما جاء بمرافعات زميليه وطالب المحكمة بضرورة المعادلة بين أدلة الإدانة وقرائن البراءة. وطالب جميعهم أصالة بالحكم بعدم سماع الدعوى والتخلي عن الدعوى الخاصة.
وجدير بالذكر أن هذه القضية التي اهتزّ لها الرأي العام قد جدّت في شهر فيفري 2011 وانطلقت الأبحاث فيها اثر تلقي النيابة العمومية بمحكمة منوبة مكالمة هاتفية مفادها العثور على جثة القس بالمدرسة الخاصة ابن الجزّار بمنوبة تحمل آثار ذبح وتهشيم كلي للرأس. وبانطلاق الابحاث انحصرت الشبهة في المتهم الحالي وهو عامل بذات المدرسة وقد اعترف بصفة كلية باقترافه الجريمة وارجع السبب الى أسباب مادية، لكنه تراجع في جلسة أمس عن كل تلك التصريحات.