اقتحم عشرات المستوطنين والمتطرفين اليهود صباح أمس المسجد الأقصى المبارك تحت حماية الجيش والشرطة الاسرائيليين قبل أن يلوذوا بالفرار. عاد الهدوء إلى باحات المسجد الأقصى بعد ظهر أمس بعد أن تمكن أكثر من مائة مستوطن متطرف يتزعمهم القيادي المتطرف بحزب الليكود موشيه فيغلن من اقتحام المسجد الأقصى، الأمر الذي أسفر عن اشتباكات بالأيدي بين مصلين بالأقصى والمستوطنين، وذلك وسط أنباء عن اعتقال السلطات الإسرائيلية لفيغلن واثنين آخرين من المستوطنين.
عربدة المستوطنين
وفرضت قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ الصباح طوقا أمنيا حول المسجد الأقصى ومنعت الرجال ممن هم دون الخامسة والأربعين من الصلاة في المسجد، وسمحت لأكثر من مائة مستوطن بزعامة فيغلن باقتحام باحات المسجد من جهة باب المغاربة، حيث قام فيغلن بالسجود وأداء بعض الصلوات التلمودية، الأمر الذي أثار غضب المصلين بالمسجد ودفعهم إلى الاشتباك مع المستوطنين.
وتمكن عشرات المقدسيين المرابطين داخل باحات المسجد الأقصى من طرد المستوطنين المتطرفين.. وأفاد شهود عيان في القدس ان المرابطين داخل المسجد الأقصى من الرجال والنساء نظموا مسيرة داخل باحات المسجد واشتبكوا مع عناصر الجيش والشرطة بالأيدي، مما أجبر المستوطنين على الانسحاب.
وفر المستوطنون هاربين بعد أن هاجمهم المصلون وهم يكبّرون «الله أكبر»، وقالت مصادر موثوق بها ان سلطات الاحتلال اعتقلت فيغلن ومتطرفيْن آخرين كانا برفقته. وطالت اعتداءات المستوطنين أيضا كنيسة «دير ألفرنسيسكان» القريبة من المسجد الأقصى، وكتبوا شعارات معادية، في إطار حملة «جني الثمن» التي يشنها المستوطنون ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية احتجاجا على سياسات الحكومة الإسرائيلية بإخلاء بعض البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية على حد زعمهم.
«الأزهر» يحذر
أدان الأزهر الشريف بشدة اقتحام منظمة «منهيجوت يهوديت» المتطرفة، وهي جناح من حزب الليكود الحاكم، المسجدَ الأقصى بشكلٍ جماعي بمُناسبة ما يُسمَّى ب«عيد العرش اليهودي». في ظل حمايةٍ من الشُّرطةِ الصهيونيَّة، محذرًا من تبعات هذا العمل الإجرامي الذي يُؤججُ نارَ الفتنة ويُنذر بحربٍ في المنطقة.
وأكد الأزهر خلال بيان له أمس أنَّ استمرار الكيان الصهيوني في هذه السياسة يُؤسِّسُ لوضعٍ خطير يجرُّ المنطقة برُمَّتِها إلى حالة صِراع دِيني، ويُنذِرُ بإشعالِ حروبٍ جديدةٍ، يتحمَلُ الكيان الصهيوني المسئوليَّة الكاملة عنها.
كما أكد الأزهر أنَّ مدينة القدس وعلى رأسها المسجدُ الأقصى المبارَك «خطٌّ أحمر» لا يُمكن تجاوزُه، وأنَّ أيَّ اعتداءٍ عليه سيُهدِّدُ حتمًا الأمنَ والاستِقرار، ليس في المنطقة فحسْب بل في العالم أجمع؛ وعلى الكيان الصهيوني أنْ يُدرك أنَّ المسجد الأقصى المبارَك هو من أقدس مُقدَّساتنا العربيَّة والإسلاميَّة، ولا يُمكن المساس بحُرمته بأيِّ حالٍ من الأحوال.
وحذِّرُ الأزهر من تَصاعُدِ هذه الانتهاكات والمخطَّطات العدوانيَّة التي تستهدفُ الأقصى المبارَك، وتستفزُّ مشاعر مليار ونصف مليار مسلم، مطالبا المجتمعَ المسلم والمجتمعَ الدوليَّ بضَرورة التدخُّلِ الفوري لوقفِ هذه الانتِهاكات، والعمل على حماية القدس؛ باعتِبارها تُراثًا إنسانيًّا حَضاريًّا، إسلاميًّا مسيحيًّا على السَّواء.
وأشار البيان إلى أن احتكار القدسِ وتهويدها في الهجمة المعاصِرة يُمثِّلُ خَرْقًا للاتفاقيَّات والقوانين والأعراف الدولية التي تجرِّمُ أي تغييرٍ لطبيعة الأرض والسكَّان في الأراضي المحتلَّة.
وناشِدُ الأزهر أحرارَ العالم أنْ يُناصروا الحقَّ العربيَّ في تحرير القدس وفلسطين، داعيا عُقلاء اليهود للاعتِبار بالتاريخ الذي شَهِدَ على اضطهادِهم في كلِّ مكانٍ حلوا به إلَّا دِيار الإسلام وحضارة المسلمين.