قولة يرددها الناس مفادها «أنه لا يتيم إلا يتيم الأم» للدلالة على الفراغ الهائل الذي تتركه الأم عند غيابها النهائي عن أولادها وبيتها. فالاطفال يتامى الأم لن تتواصل حياتهم سعيدة هانئة باعتبار أن نان الأم ووجودها بين أبنائها لا يقاس بثمن. وعادة ما يتضاعف الألم والفراغ عندما تحل امرأة أخرى مكان الأمالمتوفاة وتكون زوجة الأب مصيبة جديدة تحل بالابناء بعد وفاة والدتهم. ولا يمكن أن نجزم أن زوجة الأب شريرة بطبعها بل يمكن أن تكون أحيانا عطوفة ومعوضة لحنان الأم المفقود. ولكن الفتاة بسبب احساسها المرهف ورقة مشاعرها يمكن أن تتعرض لانهيارات عصبية وتوترات نفسية خطيرة إذا ما تزوج والدها مرة أخرى هذا الامر لم يمر بسلام فقد تشعر الفتاة بغيرة قاتلة إذا ما لاحظت أن والدها يعامل زوجته الثانية برقة وحب عكس ما كان يفعل مع والدتها وحينها تتحول مشاعر الفتاة الى كره ونقمة على زوجة الأب التي افتكت حنان الأب واهتمامه كما يصادف أن تدخل زوجة الأب حربا علنية مع أبناء زوجها منذ البداية. «الشروق» تناولت الموضوع ونقصد بذلك (زوجة الأب وقسوتها مع أبناء زوجها) فخرجت بهذه الشهادات الحية: * قسوة لا تحتمل سميحة فارقت أمها وعمرها لم يتجاوز الخمس سنوات كانت صدمة كبيرة في حياتها بكت طويلا وحاول والدها أن ينسيها فراق والدتها وظل يغمرها بحنانه وحبه مدة سنين رفقة أخيها الذي يصغرها بسنة. إلا أن عمل والدها وكثرة مشاغله جعله يفكر ثانية في الزواج، فوقع الاختيار على قريبة له نصحه المقربون منه أنها طيبة ويمكن أن تكون أمّا مثالية لابنائه لكن حساباته «وقعت في الماء» بعد أن تمكنت الزوجة الجديدة من ترسيم نفسها في بيت الزوجية وبحلول مولودها الاول أصبحت تكيل لسميحة الشتائم والضرب لمجرد تقصيرها في القيام بعمل ما. وتقول سميحة: تقبلت فكرة زواج والدي رغم صغر سني وحاولت أن أطيعها وأتعامل معها كما لو كانت أمي في البداية عاملتني برقة وحنان ويبدو أنها من خلال ذلك كانت تسعى لكسب رضا والدي إلا أنه وبمرور ثلاث سنوات على زواجها أصبحت كثيرة الشجار معي وتأمرني بالقيام بكل الاعمال المنزلية وتهددني إن أنا أخبرت والدي بذلك أن تنتقم مني انتقاما شديدا، لذلك فضلت عدم مصارحة أبي بالموضوع. لكنها ازدادت قسوة وغلظة معي فقررت في النهاية مصارحة والدي بالامر وتستدرك سميحة بكل أسف أن والدها ثار في وجهها وأمرها أن تطيعها كما لو كانت أمها مذكّرا إياها بأنها (أي زوجته) ربتها وسهرت على راحتها منذ كانت صغيرة حتى كبرت واشتد عودها... بعد أن سمعت سميحة من والدها كل هذا التوبيخ والتأنيب قررت مغادرة المنزل لتقيم مع جدتها لأمها وتختم سميحة بقولها: «كان لابد من فعل ذلك حتى لا أصاب بالجنون نتيجة قسوة زوجة أبي وعجرفتها معي». * نبذني والدي ! عادة ما يتغافل الأب عن مصلحة أبنائه من أجل مصلحته الذاتية فتنتفي الرحمة من قلبه وتختفي عاطفة الابوة من قاموسه العاطفي بغير رجعة. هذا الكلام جاء على لسان الآنسة سلوى سنة توفيت والدتها وهي لاتزال رضيعة تسلمتها جدتها وربتها كما لو كانت ابنتها. تقول سلوى تربيت محرومة من حنان والدها رغم أنه يسكن الى جوارهم إلا أنه انشغل بحياته الزوجية الجديدة ونسي ابنته تماما. حاولت سلوى التقرّب من والدها والتمتع بحنانه إلا أن زوجة أبيها كانت لها بالمرصاد فقد كانت تكرهها كرها شديدا لأنها تشبه المرحومة والدتها. لذلك فإنها غالبا ما تعمد الى ضربها وشتمها عندما يكون زوجها غائبا عن المنزل حتى لا تعود اليه مجددا. زوجة أبيها لم تقف عند هذا الحد بل انها حرّضت زوجها على عدم الانفاق على ابنته التي انتقلت للدراسة بالجامعة وتضيف سلوى: «أنها لم تتلقّ أي مساعدة مالية من قبل والدها وقد واجهت مصاريفها الجامعية بفضل المنحة الدراسية إلا أن رسوبها حرمها من التمتع بهذه المنحة فكانت كلما كلمت والدها بخصوص «المصروف» إلا وأغلقت زوجة أبيها الهاتف في وجهها بعد أن تتحفها بوابل من الشتائم والكلام اللاذع لذلك عاشت سلوى الخصاصة والحرمان بشتى أنواعها وتقول سلوى: «إن حزني لن ينتهي مادام والدي غير عابئ بي ومادام مستقبلي مازال يلفّّه الغموض». ونشير أن سلوى انقطعت هذه السنة عن الدراسة بسبب عدم توفيرها لمبالغ الترسيم بالجامعة. * زوجة أبي دمرتني ! ربيعة حالها لم يكن أحسن من حال سميحة وسلوى بل يمكن القول أن مصيبتها أعظم، فبسبب زوجة والدها تقف ربيعة على أبواب الطلاق بعد انجابها لابنيها، مأساة ربيعة بدأت منذ وفاة أختها، حيث كشرت الدنيا عن أنيابها في وجهها الغض لتحرمها من حنان أمها وحنان والدها الذي سافر للعمل بالخارج أين تعرّف على زوجته الثانية وبعد سنوات من زواجهما عادت زوجة الأب لتستقر مع الفتاة في تونس في حين واصل والد ربيعة إقامته بالخارج. زوجة الأب أظهرت قسوتها وتسلّطها منذ البداية واعتبرت ربيعة خادمة لها. فهي (تغسل وتطبخ وتنظف المنزل) وزوجة أبيها اكتفت بإصدار أوامرها ونواهيها. كما ضيقت زوجة الأب الخناق على الفتاة ربيعة وصادف أن ربطت الفتاة علاقة مع شاب من الاجوار إلا أن زوجة أبيها تفطنت للموضوع ومنعتها من مقابلته مدعية أنه لا يصلح أن يكون زوجا لها وأنه لا يرغب في الزواج منها ورشحت أختها وقدمته على أنه الزوج المناسب لها وعندما رفضت اقتراحها أشبعتها ضربا وشتما وظلت تشوّه صورة من تحبه، وعندما فشلت في إبعاده عنها استعانت بزوجها الذي هدد ابنته بالويل والثبور إن هي رفضت الزواج من ابن أخت زوجته فكان لهم ذلك. وانتقلت بذلك ربيعة من جحيم زوجة أبيها الى حضن زوج تكرهه وتمقته ليحوّل حياتها الى علقم. وتختم ربيعة كلامها بالقول ان زوجة أبي دمرتني وانتزعت الفرحة من قلبي عندما كنت آنسة وقضت على أحلامي بفضل هذا الزواج الذي أرهقني كثيرا ولم أعد أحتمل المزيد لذلك قررت أن أضع حدا لهذا الألم الذي سيدمر أولادي من بعدي بتقديم قضية في الطلاق.