كان للحركة الكشفيّة بالمنطقة خلال فترة الاستعمار البغيض دور رائد تمثّل في رفع شعارات مناوئة للمستعمر وردود فعل متفاوتة على موجة الاعتقالات والاعتداءات التي كانت تُطال الوطنيّين التونسيّين، سيما خلال السّنوات الأولى من الاستقلال. تبنّت الحركة مشروع تأطير الشّباب غير أنها جوبهت بالتدجين منذ ميلاد النظام الديكتاتوري في تونس.
النّظام الرّاحل الّذي روّج لثقافة الحزب الحاكم وحاول جاهدا تدجين الجمعيّات والمنظّمات بشتّى الوسائل (المعنويّة والماديّة) تعثّرت وهُمشت وحادت عن المسار الصّحيح وخلال مُجريات الثّورة ظلّت الحركة الكشفيّة متابعة للأحداث في مرحلة أولى ملاحقة لها في مرحلة ثانية. وللإضفاء على الموضوع أكثر أهميّة تحدثّت الشّروق إلى بعض القادة الكشفييّن بالمنطقة نخُصّ بالذّكر القائد محمّد التّارزي الصّغيّر وهويحتفظ بسجّل تاريخي به الذّاكرة الكشفيّة بالمنطقة وقد أوضح أنّ الحركة الكشفيّة بمدينة أم العرائس تأسّست سنة 1947 على يديْ المرحومين عبد الباقي منصور ونور الدين عنّه وتكونت عشيرة إبن علي السُّنّي التي شاركت في لقاء الكشافة العالمي الذي انتظم ببرج السدرية سنة 1948 وساهمت في بناء «الشّالي» الّذي لا يزال قائم الذّات إلى اليوم.
ويستطرد القائد قائلا : إنّ الحركة الكشفيّة منذ نشأتها بالمنطقة تصدّت للمستعمر وذلك بفضح سياسته القائمة على العنصريّة واللاّ مساواة ثم غرس الرّوح الوطنيّة لدى الشّباب التّونسي واستقطاب بعض القادة الكشفييّن نذكر منهم على سبيل الذّكر لا الحصر القائدين الهاشمي البسكري والطاّلب سلطان عيساوي ويضيف القائد:خلال السّنوات الأولى للاستقلال ظلّت الحركة الكشفيّة بالمنطقة وفيّة لمبادئها لكن مع صعود النّظام البورقيبي الى سدة الحكم وتكريس سياسة تكميم الأفواه ونشر ثقافة الولاء والتّأييد، تقوقعت الحركة على نفسها وأُرغمت على الاحتفال بذكرى الاستيلاء على السّلطة شأنها شأن أغلب المنظّمات والجمعيّات واقتصر نشاطها على التّخييم خلال فترة الصّيف.
«الشّروق» التقت بعض القادة الكشفيّين الّذين أوضحوا أن الحركة الكشفيّة عريقة بالجهة لكنّها تفتقر إلى فضاءات أين يُمارس الكشّافون أنشطتهم ومهاراتهم. وفي الختام والسّؤال الّذي يطرح نفسه : أما آن الأوان للحركة الكشفيّة بالمنطقة أن تنخرط في العمل الجمعيّاتي وتساهم في حملات النّظافة وغرس الأشجار حتّى تُحمي المنطقة من المخاطر البيئيّة الّتي تتفاقم يوما بعد يوم ؟ وهل آن الأوان لبعض الوجوه الكشفيّة أن تترك الصّفوف الأماميّة لكفاءات أخرى تبعث روحا جديدة في المنظّمة وتُؤسّس لثقافة مرجعيّتها الأهداف السّامية للعمل الكشفي وهي تربية الكشّاف على خدمة المجتمع والاندماج فيه .