اختارت الدورة الرابعة والعشرون لأيام قرطاج السينمائية الاحتفاء بالمخرج المالي الكبير سليمان سيسي من خلال عرض 9 أفلام صاغها على امتداد مسيرته على حد الآن... وسليمان سيسي له حكاية مع أيام قرطاج السينمائية. بدأت في دورة 1982 التي شهدت مولده حين اختار حمل آمال وطموحات الجيل الجديد في القارة الافريقية... مبشرا ومنتصرا لحراك ابداعي متجدد ومتطوّر لبيئة افريقية تناضل لأجل مكان تحت شمس الإبداع الذي ينتصر لقضايا الانسان ويكتب لتاريخ ملاحم النضال الذي بدأ عام 1966 ب «سوداء فلان» للسينغالي عصمان صمبان. سليمان سيسي مالي الجنسية وافريقي الانتماء قدم للسينما العربية والافريقية في تلك الدورة من أيام قرطاج السينمائية فيلم «الريح»... فكان التانيت الذهبي إيذانا بميلاد هذا الجيل السينمائى الافريقي الجديد.
انطلق سليمان سيسي من بوابة أيام قرطاج السينمائية ليساهم في صياغة مسيرة سينمائية تنتصر لفكرة «ان كل دولة لها الحق في أن يتم تمثيلها عن طريق السينما» وتركّزت أفلام هذا المبدع الافريقي الفذ على الحكايات الشخصية التي تعكس روح القارة الافريقية وما تتوفّر عليه من ثراء وتنوّع..
وقد أعلن سليمان سيسي من خلال ما قدمه للسينما الافريقية الى حد الآن رفضه للاستبداد ومقاومته الشرسة لهذا السرطان الذي ينهش العديد من البلدان... و«الريح» واحد من هذه الأفلام التي روى فيها قصة الشباب الممتعض والرافض للنظام الدكتاتوري في مالي.
الى جانب «الريح» قدّم سليمان سيسي «الوقت» الذي يروي قصة فتاة صغيرة تمتلك قوة خارقة في التعاطي مع الحيوانات، تتجوّل عبر القارة الافريقية هربا وامتعاضا من النظام العنصري في جنوب افريقيا السائد في تلك الفترة وقدم أيضا «قل لي من أنت» الذي يروي قصة عائلة في مالي تعيش التوتر والضجر. واليوم يعود سليمان سيسي الى قرطاج وفي القلب حنين وذكريات وآمال وطموحات تنتصر للصورة السينمائية الافريقية بكل تفاصيلها وخصوصياتها.