جميل أن يهبّ عدد كبير من الوزراء وكتّاب الدولة نحو غزّة، بعد أن شنّت قوات الاحتلال الصهيوني حربها على هذا الجزء من فلسطين المحتلّة... وجميل أن يصرّح وزراؤنا التابعون «للترويكا» تصريحات ناريّة ضد الكيان الصهيوني الذي يشنّ الغارات العسكرية دون هوادة، مخلّفا أكثر من مائة شهيد من بين أطفال ونساء وشيوخ غزة، ومئات الجرحى اضافة الىكمّ الخراب الذي تعوّدت قواته الغاشمة على إحداثه في كامل فلسطين ولبنان والجولان...
لكن الأجمل من هذا وذاك، أن تتكاتف الجهود وتنطلق الإرادة في مؤازرة شعبنا في فلسطين من خلال لفتة، نراها في متناول حكومة وأطراف ذات أغلبية في المجلس التأسيسي، تؤكد أنها سليلة الثورة التونسية...
صحيح أن شعب فلسطين، يثمّن عاليا لفتة أي مسؤول عربي، في هذا الزمن الرديء الذي بيعت فيه فلسطين في المزاد السياسي الاقليمي والعالمي لكن ما سيجعل هذا الشعب الذي حمل عنا جميعا كعرب، أعباء التصدّي لثالوث الرجعية والامبريالية والصهيونية منذ «اتفاقيات سايكس بيكو» (1916)، ووعد «بلفور» المشؤوم (1917)، ما سيجعله فخورا بنا كعرب وكثوريين، أن نساعد قضيّة فلسطين على تخطّي أشواك «البورصة» الدولية التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني... في تونس بامكاننا أن نحدث النقلة النوعية، ونحن نكتب دستورنا الجديد، بأن يتبنّى المجلس الوطني التأسيسي، امكانية تضمين الدستور نصّا يجرم التطبيع ويساوي الصهيونية بالعنصرية..
انها لفرصة مواتية، هذه التي نراها تمثل أمام نواب التأسيسي وأمام أصحاب الأغلبية في الحكم اليوم... فقد بلغ السيل الزُبى في فلسطين، ولم تعد هناك بشاعة أفظع من تلك الصور التي تطالعنا كل دقيقة من غزة، وبعد كل غارة عسكرية جوية على أطفال غزة الذين قضوا بالعشرات، في حيّز أسبوع من الزمن.. ما يحتاجه أبناء غزة، وقفة عزّ، تكشف بالفعل وليس بالشعار أن تونس ما بعد الثورة ونقصد السلطة السياسية التي بيدها الحل والعقد تتبنى فعلا القضية الفلسطينية وتدافع عنها وتناصرها بمبدئية..
من المؤسف، أن القوى النافذة الآن في الحكم بتونس، مازالت تتردد في تضمين الدستور فقرة تجرّم فيها التطبيع في حين لو بسطنا هذا الخيار على استفتاء شعبي لوجدنا النتيجة فوق كل التصوّرات... فالشعب التونسي نصير لفلسطين منذ لاحت القضية الفلسطينية في مشهد قضايا التحرر..
فلماذا لا تقع الاستجابة للإرادة الشعبية؟
حوالي عشرة مسؤولين كبار بين وزراء وكتّاب دولة ومسؤولين في السلطة التونسية، تحوّلوا آخر الأسبوع المنقضي الى غزة، وهذا رقم مهول ولم يسبق لمسؤولين تونسيين أن هبّوا بهذا العدد، نصرة لشعب فلسطين فلماذا لا يتجانس هذا الفعل مع ما يتطلبه الوضع في فلسطين الآن: تجريم التطبيع وتجريم الصهيونية... لمَ لا؟