اعتبرت فصائل فلسطينية أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة جاء تتويجاً لنجاح إستراتيجي لقوى المقاومة الفلسطينية، مؤكدةً أن الاتفاق هو إعلان انتهاء جولة أخرى اعترفت تل ابيب بدورها بالفشل فيها فيما تصاعد جدل كبير حول الاحتلال وضرورة التوصل الى حلول جذرية. غزةالقدسالمحتلة (وكالات) قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل إن إسرائيل فشلت في تحقيق أهداف عدوانها على قطاع غزة، وأشاد بالدور المصري الجديد في القضية الفلسطينية، كما أشاد بإنجازات المقاومة في قطاع غزة في وجه العدوان الإسرائيلي الذي استمر ثمانية أيام.. وقال مشعل في مؤتمر صحفي بالعاصمة القاهرة بعد الإعلان عن اتفاق التهدئة الذي سمي «تفاهمات خاصة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة» إن كل الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة «كانت للعدو الإسرائيلي بالمرصاد»، ومنعته من تحقيق أهدافه التي أطلق من أجلها عدوانه الذي سقط فيه نحو 160 شهيدا وأكثر من 1100 جريح. هزيمة أخرى وقال مشعل «الله تعالى كفَّ أيدي الصهاينة عن أهلنا في غزة، وخضعوا مضطرين لشروط المقاومة»، وإن إسرائيل هي التي طلبت التهدئة بعد أن «وقف أبطال المقاومة ووراءهم الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وردوا على العدوان الصهيوني». ووصف مشعل ما وقع في غزة بأنه «هزيمة أخرى» تعرضت لها إسرائيل، معتبرا أنها «محطة فقط في سلسلة هزائم تعرض لها الكيان الصهيوني وسيتعرض لها مستقبلا»، كما وصف المظهر الذي ظهر به قادة إسرائيل في مؤتمر صحفي وهم يعلنون اتفاق التهدئة بأنهم ظهروا «بوجوه كالحة لأنهم فشلوا في مغامرتهم، وارتد السحر على الساحر». واعتبر أن نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة «فشل ذريع للكيان الصهيوني»، وقال «نعتبر ما فعلته غزة نصرا وإنجازا للجميع». ومن جهته حيا الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح في المؤتمر الصحفي نفسه إنجازات المقاومة في غزة، وقال «نهنئ المقاومين الأبطال ونقبل أيديهم ورؤوسهم»، ودعاهم إلى اليقظة والحذر، متوقعا أن تنقض إسرائيل اتفاق التهدئة وتعود لمهاجمة غزة. وقال موجها خطابه للمقاومين «لا تسترخوا، ابقوا مستنفرين، ثقوا بأنكم أمام غد مشرق بعد اليوم، فأنتم أجبتم على السؤال الذين طالما طرحناه، وهو كيف يمكن أن تتحرر فلسطين؟». واعتبر أن المقاومة اليوم «تتكلم من منطلق قوة»، وقال «تحية لكل من أسهم وبذل جهدا من أجل أن يستطيع الشعب الفلسطيني أن يصمد»، ووصف هذا الشعب بأنه «يملك إرادة أكثر صلابة من الفولاذ». وأكد رمضان شلح أن ما حدث في غزة هو «فشل ذريع واستثنائي في تاريخ الكيان الصهيوني»، وأن غزة «أغرقت إسرائيل وأمطرتها بوابل من الصواريخ وصلت إلى قلب تل أبيب». وفي سياق متصل خرج الآلاف من الفلسطينيين في مسيرات عفوية جابت شوارع وطرقات محافظات قطاع غزة احتفالاً ب«انتصار المقاومة الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي الذي تواصل على مدار ثمانية أيام». وأطلق مسلحون فلسطينيون النار في الهواء بشكل كثيف جداً احتفالاً بتوقيع اتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية و«إسرائيل» بواسطة مصرية اليوم الأربعاء الذي يعتبره الفلسطينيون انتصاراً على الاحتلال . كما أطلقت الألعاب النارية في مدينة غزة خلال المسيرات التي جابت شوارع القطاع وحمل خلالها المتظاهرون الأعلام الفلسطينية. وهتف آلاف الفلسطينيون بشعارات قالوا فيها «للقسام تحية من غزة الأبية» ول«هنية تحية من غزة الأبية» و«وحدة وحدة وطنية حماس وفتح وشعبية»، و«انتقم القسام وانتصر الإسلام»، و«غزة انتصرت». وجابت مسيرات للدرجات النارية والسيارات التي تحمل الأعلام الفلسطينية في أرجاء شوارع قطاع غزة. كما علت مكبرات المساجد بالتكبير والتهليل ودعوة الناس للخروج للاحتفال انتصاراً بتوقيع اتفاق التهدئة. فشل اسرائيلي وفي سياق متصل اكدت أوساط إعلامية وسياسية إسرائيلية أن حملة «عمود السحاب» على قطاع غزة فشلت في تحقيق أهدافها، وأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حققت مكاسب، لافتة إلى أن القوة المفرطة لا توفر أمن إسرائيل ولا تعزز قوة ردعها. وقال المعلق في صحيفة هآرتس جدعون ليفي إن «جولة الاستنزاف الحالية زائدة، وإن الاغتيالات والغارات الجوية غير مجدية»، مشددا على أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال.
وحول تطور الأوضاع مستقبلا، أوضح ليفي أن إسرائيل «لن تفاوض حماس لأنها غير معنية بتسوية القضية الفلسطينية، والتهدئة تعني هدوءا لعدة شهور قبل اللقاء في مواجهة جديدة».
ويرى ليفي المعروف برؤيته اليسارية النقدية أنه «لا منتصر في هذه المواجهات»، لافتا إلى ازدياد قوة حماس دبلوماسيا ودوليا، ومشيرا في هذا الصدد إلى زيارة وفد وزراء الخارجية العرب غير المسبوق لغزة.
وتحت عنوان «نطمر الرأس في رمال غزة»، كتب المحرر الاقتصادي في صحيفة يديعوت أحرونوت سيفر بلوتسكر يقول «إن عمود السحاب» أدخل مدنا جديدة في العمق الإسرائيلي في نطاق النار الفلسطينية».
وأضاف أن إسرائيل «فشلت في تعزيز قوة ردعها، وتردت الحالة الإستراتيجية لإسرائيل اليوم مقابل حماس، مقارنة مع الوضع قبل العملية العسكرية». وبخلاف صحيفته المجندة بالكامل لدعم الحرب، يتساءل بلوتسكر «كيف يمكن لجيش هو الأكثر تطورا وعظمة في الشرق الأوسط ألا يتغلب على خمسة آلاف شاب فلسطيني دون خبرة عسكرية ويعيشون في ظروف ازدحام سكاني هائل في غزة؟». ويرجح أن حالة «التعادل في الجولة الحالية تمهد لاشتعال جديد مستقبلا»، وهذا ما يؤكده أيضا زميله المحرر في الصحيفة أفيعاد كلاينبيرغ الذي يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي «لم يتمكن من حسم جولة العنف الراهنة لصالحه كما كان متوقعا».
نص اتفاق التهدئة
ينص اتفاق التهدئة على أن توقف إسرائيل «كل الأعمال العدائية على قطاع غزة برا وبحرا وجوا، بما في ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص»، وتقوم الأطراف الفلسطينية بوقف كل عملياتها من قطاع غزة تجاه إسرائيل، «بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود».
كما ينص على «فتح المعابر، وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية، والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ».
ونص الاتفاق أيضا على «حصول مصر على ضمانات من كل الأطراف بالالتزام بما تم الاتفاق عليه»، وعلى «التزام كل طرف بعدم القيام بأي أفعال من شأنها خرق هذه التفاهمات، وفي حال وجود أي ملاحظات يتم الرجوع إلى مصر راعية التفاهمات لمتابعة ذلك».