ألقى مؤخرا السيد رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حزب التحرير محاضرة بعنوان «خير أمة... خير دولة» وذلك بالمركب الثقافي الصحبي المسراطي بولاية الكاف قدم خلالها موقف الحزب من عديد القضايا الوطنية والدولية الراهنة. «الشروق» واكبت هذه المحاضرة التي تناول فيها رضا بلحاج مفهومين متلازمين هما الأمة والدولة فالأمة حسب قوله: هي التي تعتصم بحبل الله ولا تتفرق ومفهومها ومكوناتها ومقوماتها حددها الشرع لا التشريع الوضعي. فهي دولة انضباط وليست دولة تشريعات. وقد أثبتت الدول التي اعتمدت القوانين الوضعية العلمانية منها والقومية فشلها.
لأنها تستغل شعارات تدعي توحيد الأمة كمظلة لمصالح أسرية أو لدول أسرية كدولة آل القذافي ودولة آل الأسد التي تقوم على فصل الدين عن الحياة لتمارس التسلط والغطرسة وتتخذ لنفسها مفهوما غربيا يسمى «الديموقراطية» التي طالما تغنى بها الغرب وصدرها إلينا ليوظفها عندنا طبقا لمصالحه ,ويستغل بها ثرواتنا بطريقة مذلة وبقوانين شتى تزكيها مجلة الاستثمارات حسب تعبيره واضاف: «بلادنا أنعم الله عليها بخيرات كثيرة في المناجم والطاقة والفلاحة ومع ذلك يستغلها غيرنا ونحن يقال لنا «اصبر على جوعك» وتابع فالفسفاط في تونس ووفقا للدراسات التي قدمها الدكتور «البشير التركي» وهو من مؤسسي كلية العلوم بتونس يحتوى على «الأورانيوم» المصدر الرئيسي للطاقة النووية إلا أن هذا الكلام عومل بتجاهل وبدون جدية وبتكتم مقصود. ليقع التركيز على السياحة لجمع أموال من الاستثمار في الفساد كأموال الخليج.
وفي خاتمة كلمته عبر الأستاذ رضا بلحاج عن عميق استيائه لوفاة الشابين من التيار السلفي بسبب تدخل القوى الغربية التي تحاول أن تخلق من التيار السلفي فزاعة لبث التفرقة بين أفراد مجتمعنا. مضيفا أن علاقته بالسلطة الحاكمة الآن تعتمد على مبدإ التنبيه لمواطن الخلل والضعف أثناء تسيرها للحكم اقتداء بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يطلب من الأمة أن تقومه عند الخطإ.
وقد خص الأستاذ رضا بلحاج عقب المحاضرة «الشروق» بكلمة ذكر فيها أن هذا اللقاء يندرج في إطار الندوات التي يقوم بها حزبه بصفة مستمرة وأضاف: قمنا أخيرا بندوات في ماطر ثم في الحمامات واليوم ها نحن بمدينة الكاف في إطار التواصل مع الناس تواصلا مباشرا لتحسيسهم بالقضايا الأساسية التي ترتقي بالثورة إلى استرجاع الأمة لذاتيتها ولخيراتها حتى نحصنها من إهدار الوقت واهدارالفرص لأننا نؤمن في حزبنا أن قضية وحدة الأمة هي الأساس فلا يمكن أن نقبل بحدود «سايكس بيكو» ثم نطلب نهضة وتقدما وازدهارا.
ويقول الأستاذ رضا بلحاج كان لا بد من التعريف بهذا المبدإ من اجل ذلك اخترنا عنوانا إلى هذه الندوة «خير أمة... خير دولة» لأننا نعتبر هذه الأمة الإسلامية مؤتمنة على الوحي الذي انزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ومطالبة أيضا برسالة ورسالتها أولا أن ترعى المسلمين وثانيا أن تحمل هذه الرسالة إلى العالم أجمع لنبرهن لهم أن الدولة الإسلامية هي دولة رعاية ودولة كفاية ودولة رفاه ودولة خير ودولة عدل. وحزب التحرير يشتغل على هذا.
وعن سؤال «الشروق» عن موقف الحزب مما يقع في غزة يقول الأستاذ رضا بلحاج ان ما يقع في غزة هو جزء من معركة الأمة ضد أعدائها. وهي معركة واسعة وممتدة بعضها نجده في العراق وفي الشيشان وافغانستان وفلسطين. وهي معركة واحدة وصراع واحد. لأمة يتربص بها الأعداء لأنهم لا يريدون لها أن تعود لمجدها ولعزها.وما يقع في سوريا اليوم نعتبره اختراقا لمنظومة المعسكر الغربي باعتبار أن الثورة هناك حققت درجة عالية من الذاتية. والقيادة الموجودة على رأسها هي قيادة إسلامية وواعية. وهذا ما يخيف الغرب وما يخيف اسرائيل التي لا تستطيع الدخول في حرب مباشرة مع الثوارهناك الذين أرهقوا النظام السوري لأن العملية مفضوحة وستؤدي الى نتائج عكسية ,فقامت باستهداف غزة باعتبارها الأسهل والأقرب ولا حماية لها. إذن هو عمل استعراضي بكل المقاييس وتهيئة مناخ جديد للمنطقة بعدما رأت إسرائيل ما يقع الآن في الأردن والذي يعتبر بداية ثورة كبيرة مما جعلها تحس بأنها مهددة هذه المرة في كيانها تهديدا جديا لأنه ليس تهديدا من الحكام أو الجامعة العربية بل هذه المرة من الشعوب.
ونعتبر أن ما يقع اليوم في غزة رغم ما فيه من محنة على المدنيين ستكون إن شاء الله خيرا على القضية الفلسطينية التي رجعت إلى مهد المساندة الشعبية لهذه الأمة الإسلامية.
وردا على سؤال ل «الشروق» عن سبب عدم الحديث عن المشهد السياسي في تونس وما يسوده من تجاذبات أثرت على حياة المواطن, يقول الأستاذ رضا بلحاج قبل أن أضع عنوان المحاضرة ترددت بين أمرين إما التحدث عن المسائل المتعلقة بتونس وهي كثيرة مثل ملف الفساد أو اخذ موضوع عام وهذا فعلته اليوم بالكاف حيث تحدثت عن مسألة الأمة كأمة والواجب كواجب وخاصة الفرص الضائعة أمام الصحوة السلامية وأمام الثورة هذا ما جعلني أهتم بالجانب المشترك العام «وهو الدولة والأمة» كما لمحت في المحاضرة إلى مسألة الثروات الضائعة بتونس وقضايا الفساد وغير ذلك.
وعن حالة الحيرة التي يعيشها التونسي جراء المشاحنات السياسية يقول الأستاذ رضا بلحاج : إن هذا طبيعي بعد تغيير صادم للناس لم يكن مهيئا له وجدان التونسي مما جعله في وضعية جديدة تشبه «الصدمة» فرضت عليه طرح أسئلة لم تطرح من قبل مما جعل الناس في حيرة أدت بهم إلى حالة من الفوضى وهذا الى حد كبير مفهوم ولكن ليس مقبولا. ولذا علينا نحن السياسيين أن نتدارك ذلك بأن نقدم أجوبة للمواطن ولا نترك له منطقة فراغ لأن الفراغ يكون دائما مرتعا للأعداء والخصوم والمؤامرات وهذا مخيف. فما على حملة الدعوة الإسلامية والسياسيين الناضجين أن يقدموا للشباب الحائر البديل وهو موجود لدينا.