كيف ندعم القضية الفلسطينية في زمن أصبح فيه العدوان الصهيوني يتخذ أكثر من شكل ويسير على أكثر من صعيد؟ وكيف تصبح نضالات المجتمع المدني التونسي من اجل فلسطين فعالة وقادرة على تحقيق أهدافها؟ وما هي الآليات التي يمكن إرساؤها لتحقيق ذلك؟ أكدت منظمات المجتمع المدني التونسي المجتمعة أمس بمقر وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ان مساندة القضية الفلسطينية يجب ان تتم على أكثر من واجهة منها الجانب الاعلامي والحقوقي والانساني والقانوني كما حصل توافق على ضرورة بعث لجان للتنسيق بين مختلف المنظمات ولوضع استراتيجية في كل مجال ووفق الأهداف المرسومة لكل تحرك.
وقال وزير حقوق الانسان سمير ديلو لدى افتتاحه لأشغال الندوة ان الهدنة الاخيرة لا تعني ان العدوان الصهيوني على الاراضي الفلسطينية قد انتهى وان وقف العدوان ساهمت فيه العوامل الجديدة التي توفرت في الدول العربية التي شهدت تغيرات سياسية منها مصر وتونس.
ديلو: نرفض المساعدات مقابل التطبيع
واشار ديلو الى ان دور المجتمع المدني يسير في ثلاثة اتجاهات الاول فضح المشاركين في العدوان حتى بالصمت امامه والضغط على الحكومات وتوجيه كل الطاقات نحو دعم القضية الفلسطينية «فالعدوان ليس عسكريا فقط وانما هو عدوان بالآليات العسكرية وبالاغتيالات وهو عدوان اعلامي وحقوقي ولغوي وكمثال على ذلك نجد دولا عظمى لا تعامل الدم الفلسطيني مثلما تعامل الدم الصهيوني فهناك ازدواجية في المعايير والمقاتل اذا لم يملك الامكانيات يصبح ارهابيا في نظرهم». ومن جهة اخرى اكد الوزير ان الحكومة التونسية اذا خيرت بين المساعدات التي هي في حاجة اليها او الحفاظ على موقفها من الكيان الصهيوني ستختار فلسطين «ولا حاجة لنا بالمساعدات والشعب يفهم ذلك جيدا».
وتراس الجلسة الاستاذ المولدي الجندوبي الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل الذي اعتبر ان استهداف مدرسة فرحات حشاد في غزة رسالة الى التونسيين جميعا مشيرا الى ان فلسطين هي قضية مشتركة بين المجتمع المدني والحكومة ويجب ان يتعاونا في العمل عليها، وقد تداول ممثلو المنظمات على اخذ الكلمة وقدم كل منهم تصوراته لآليات مساندة فلسطين.
وفي هذا الصدد قال لطفي عزوز ممثل منظمة العفو الدولية انه لابد من العمل على المستوى الدولي للتعريف بالقضية الفلسطينية ونشر ممارسات الكيان الصهيوني والتعريف بها ورفع ملف الاعتداءات والمجازر الى مجلس حقوق الانسان التابع للأمم متحدة.
ومن جانبها قالت يسر الشابي ممثلة الهيئة الوطنية للمحامين انه لابد من العمل على الجانب القانوني ومحاولة استغلال الآليات القانونية الدولية لمواجهة كيان الاحتلال منها محكمة الجنايات ومحكمة العدل الدوليتين وفي الاتجاه ذاته وافقتها على هذا التمشي آسيا بن حسين ممثلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وقد اقترح هشام الشريف ممثل مركز تونس للعدالة الانتقالية عقد مؤتمر لأطفال فلسطين في تونس للتأكيد على ان المجازر الأخيرة والتي سبقتها استهدفت الطفولة في الأراضي الفلسطينية وإظهار بشاعة تلك المجازر والانتهاكات الحاصلة للمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الطفولة وقد ساندته في هذا المقترح عديد المنظمات منها جمعية الكرامة للسجين السياسي في شخص ممثلها العلمي الخضري وكذلك عمر الصفراوي رئيس التنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية وبوراوي الشريف رئيس المنظمة التونسية لحقوق الإنسان.
ومن بين المقترحات التي هدفت الى إيجاد إطار تنسيقي بين مختلف مكونات المجتمع المدني التونسي تم اقتراح بعث لجان او تنسيقيات ثلاث تعنى الأولى بالجانب الإعلامي أي مواجهة العدو الصهيوني إعلاميا واللجنة الثانية تعنى بالصراع القانوني والحقوقي مع الكيان الصهيوني وتخصص اللجنة الثالثة بمسألة الدعم والتبرعات الصحية والغذائية وغيرها ولجنة تهتم بالمعركة السياسية والدبلوماسية.
وقد أجمعت المنظمات المشاركة على هذا المقترح الذي قدمه ابراهيم العمري مركز تونس لحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ورئيس الجمعية الوطنية للصحفيين الشبان ورئيس الجلسة الأستاذ المولدي الجندوبي.
كما اقترحت عديد المنظمات مواجه التغلغل الصهيوني في المجتمع المدني التونسي ومن بينها الرابطة التونسية للتسامح والجمعية الوطنية للصحفيين الشبان وجمعية الكرامة واكد المتدخلون على ان المنظمات الصهيونية ووكلائها غزوا المشهد الجمعياتي التونسي وقاموا بالاستيلاء على عديد المنظمات وطالبوا بفضح التغلغل وإيقافه لتحصين مجتمعنا المدني.
ورأت جمعية الصحفيين الشبان انه لابد من التأكيد على ان الحرب متواصلة خارج الأراضي المحتلة حيث تعمل الآلة الإعلامية الصهيونية على تغيير المفاهيم والمصطلحات حتى أصبحت اشهر القنوات التلفزية في العالم العربي تصف شهداء فلسطين بالقتلى كما تأكد على أن الصراع بين دولة ومجموعات حيث تنعت الكيان الصهيوني بالدولة في حين تركز على ان الطرف المقابل هو اما غزة لوحدها آو الضفة لوحدها أي ليست فلسطين وهو ما قالت انه يتطلب مواجهة سريعة فهاته المصطلحات أصبحت رائجة في مجتمعاتنا ونستعملها دون ان نعي مقاصدها.
وفي الختام اعتبر رئيس الجلسة انها كانت مثمرة ومهمة حيث لخضت أو أبرزت مختلف محاور الصراع مع الكيان الصهيوني وهي الجانب الإعلامي والقضائي والإنساني المدني كما أكدت على ضرورة وجود تنسيقية دائمة لنصرة فلسطين بمختلف تفرعاتها.