باشرت صباح أمس الدائرة الجنائية بمحكمة تونس الابتدائية النظر فيما عرف بقضية شهداء وجرحى تالة والقصرين وتاجروين والقيروان وقد قررت اثر ذلك مواصلة الاستنطاق في جلسة مقبلة. أحضر أمس المتهمون الموقوفون ما عدا المتهم رفيق الحاج قاسم وحضر المتهمون المحالون بحالة سراح فيما بقي المتهم زين العابدين بن علي محالا بحالة فرار. وحضرت هيئة الدفاع عن المتهمين الى جانب القائمين بالحق الشخصي.
المكلف العام بنزاعات الدولة
حضر ممثل المكلف العام بنزاعات الدولة ولاحظ للمحكمة انه لم يستأنف الحكم الابتدائي ثم فوّض النظر اليها في تقدير الغرامات.
الاحكام التحضيرية
قبل الانطلاق في استنطاق المتهمين أدلى رئيس الدائرة بما جاءت به الاحكام التحضيرية وقال إنه تم التحرير على المديرين الفنيين لشركة اتصالات تونس وشركة تونيزيانا وشركة أورنج تونس وتم توجيه إذن اليهم لاتخاذ التدابير الإدارية اللازمة للمحافظة على المخزون الالكتروني. وأوضح ان الإدارة العامة لوحدات التدخل ببوشوشة أعدّت تقريرا بعد مراسلتها وتمت اضافته في ملف القضية في المقابل لم ترد نتيجة المراسلة الموجهة الى وزارة الداخلية بخصوص توزيع الأفراد وما زوّدت به كل مجموعة من عتاد وأسلحة وذخيرة خلال المواجهات. وقال رئيس الدائرة ان المحكمة طلبت كذلك الحصول على نسخ من الابحاث من المحكمة العسكرية بالكاف.
تعقيب القائمين بالحق الشخصي
لاحظ الأستاذ عمر الصفراوي ان وزارة الداخلية لم تتعاون منذ الطور الابتدائي وهو ما يكشف حسب قوله الاعوار واعتبرها محاولة واضحة لطمس الحقائق. فيما طالب الاستاذ أنور الباجي بضرورة الحفاظ على الوثائق التي يمكن ان تكون إثباتا للحقيقة وقال انه يجب ان تؤمن بخزينة المحكمة.
من جانبها تطرّقت الاستاذة ليلى الحداد الى الاختبارات البالستية وقالت إن 80٪ منها لم تصل الى نوع الرصاص المستعمل وطلبت الاستعانة بمخابر أجنبية لتحديد ذلك دون ان تشكك في نزاهة وخبرة مخابرنا الوطنية واعتبرت ان ملف القضية شائك وصعب التفكيك.
إصرار على سماع رضا قريرة
كان مطلب الاستماع الى شهادة وزير الدفاع السابق رضا قريرة مطلبا موحدا بين شقي المحامين اذ اصرّ الأستاذ منير بن صالحة على وجوبية استدعائه واجراء مكافحة بينه وبين علي السرياطي.
وأشار الأستاذ بن صالحة الى أهمية تصريحات قريرة التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق العسكري بصفاقس وما صرّح به أنه في فترة اندلاع تلك الاحداث كان هناك ضابط عسكري داخل وزارة الداخلية ولم يبلغه بأي تعليمات بالقتل وقال إن الأمن تخلى عن سلاحه لفائدة أعوان الجيش.
وزراء سابقون مطلوبون
طالبت الأستاذة ليلى الحداد في إطار المزيد من التحري والتقصي وفي إطار الحرص الشديد على معرفة كل الملابسات التي حفّت بملف القضية والوقوف على مسألة عدم تحمّل النيابة العمومية مسؤوليتها في فتح الابحاث طالبت بسماع السيد الازهر القروي الشابي ومساءلته باعتباره وزيرا للعدل وفتح تحقيق ضده باعتباره رئيسا للنيابة العمومية التي لم تثر الدعوى إبان وقوع الأحداث.
وطلبت من المحكمة سماع شهادة وزير الداخلية الحبيب الصيد لعدم تعاونه مع القضاء العسكري وعدم فتحه أبحاثا إدارية. كما طلبت استدعاء فرحات الراجحي بصفته وزيرا للداخلية ومساءلته بخصوص طرده ل 42 إطارا أمنيا.
النيابة العمومية هي المسؤولة
وجه الأستاذ منير بن صالحة أصابع الاتهام بخصوص تأخر الابحاث ومباشرتها الى النيابة العمومية التي لم تحرّك ساكنا على حد قوله عند سقوط الضحايا رغم علمها بذلك مما ساعد على تلاشي الأدلة وطمس معالم الجريمة. وقال إن النيابة العمومية هي بدورها كانت «خائفة» من الرئيس السابق ولم تكلف نفسها عناء لفتح الأبحاث وتساءل قائلا: «لماذا لا يتم سماع النيابة العمومية بالقصرين والكاف لمعرفة عدم مباشرتهم للأبحاث؟». وانتقد في جانب آخر النيابة العسكرية لكن رئيس الدائرة تدخل وأجابه انه لا يمكن ان تباشر مهامها الا بموجب التخلي من النيابة العمومية طبق القانون.
النيابة العسكرية: يجب تفعيل طلب تسليم بن علي
يفسح المجال لممثل النيابة العسكرية أوضح في البداية أن النيابة العسكرية لم تتلقّ أي إشعار بخصوص الواقعة. ثم لاحظ أن المتهم الرئيسي بن علي مازال يخاطب الشعب التونسي والمحكمة مدليا بنسخة من تصريح أدلى به بن علي لقناة CNN العربية وعلى ضوئه طلب تفعيل طلب التسليم.
وطلب من جهة أخرى التحرير على المدير العام للمصالح المختصة لمعرفة مآل التسجيلات، وطلب سماع مدير وحدات التدخل ببوشوشة. كما طلب ممثل النيابة العسكرية التحرير على المنجي شوشان المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الداخلية حول ما أعدّته إدارته من دراسات زمن الثورة خاصة وأنه حضر احدى جلسات خلية الأزمة. وطلب ضرورة القيام بعمليات تفتيش داخل مقرات التجمّع قصد الحصول على وثائق.
المتهمون يتمسّكون بالبراءة
اقتصرت أمس المحكمة على استنطاق متهمين اثنين فقط وهما أيمن الكوكي مفتش شرطة بمنطقة تاجروين ووسام الورتتاني رئيس منطقة الشرطة بحي النور، وقد تمسّك كليهما بالانكار التام للتهم المنسوبة إليهما، علما وأن المتهم الأول محكوم بسنة سجن في حين أن المتهم الثاني قضي في حقه بالسجن مدة 15 سنة.
أفاد المتهم الأول وهو المتهم بقتل الشهيد شوقي المحفوظي أنه كان متسلحا بسلاحه الفردي مضيفا أنه زمن الواقعة كان أمام مقر المنطقة وحاملا للدرع الواقي، وبخصوص القاذفة المسيلة للدموع قال إنه لا يجيد استعمالها موضحا ان المتهم الورتتاني هو الذي احتكم الى السلاح المذكور وكذلك رئيس المنطقة وبمعارضته بشهادة أحد الشهود قدح فيها باعتبار أن الشاهد شقيق الهالك.
وسانده في أقواله الأستاذ بن صالحة الذي توجه إليه عن طريق المحكمة بسؤال حول مآل أسلحته والشخص الذي أعطاه التعليمات قصد استعماله أجاب ان قاعة العمليات بتاجروين هي المؤهلة بالتعليمات وانه لم يستعمل القاذفة أداة للجريمة وبكونه أرجع السلاح الى المصالح المختصة بتاجروين دون استعمالها.
من جانبه أفاد المتهم الثاني انه متخرّج من كلية الحقوق بسوسة، وقد اتهم بقتل الشيهد علي الباسط القاسمي. وأوضح أنه كان متسلحا بسلاح مطاطي مفيدا أنه يحق له حمل سلاح فردي وكل الأسلحة كانت تحت إمرته.
وواجهته المحكمة بما أدلى به 31 شاهدا بخصوصه وتعمّده قمع المتظاهرين وتحوّزه بالسلاح الناري صرح في جملة تلك الشهادات وقال إن الشكايات المقدمة ضده كيدية لأنه كان حازما في عمله وحريصا على تطبيق القانون.
وأفاد أنه تلقى مكالمة هاتفية من شخص قدم نفسه على أنه مدير عام وطلب منه التوجه الى مركز حي النور، وهنا واجهته النيابة بسؤال حول تكليفه بمجابهة المتظاهرين وبتحوزه بتجهيزات تابعة لوحدات التدخل فأقرّ بأن الوضع افترض عليه حمل الخوذة لحماية نفسه والتدخل لقمع ما من شنه ان يخلّ بالنظام العام. وقال إنه تقيّد بمرجع النظر الترابي وتمسك بالبراءة.
وللتذكير فقد تعلقت الأحداث التي جدت بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 وسقط ضحيتها 12 شهيدا وجرح فيها أكثر من 600 شخص بكل من تالة والقصرين وتاجروين والقيروان.
وقد قضت محكمة الكاف العسكرية بإدانة الرئيس السابق بن علي بمدى الحياة من أجل القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في القتل العمد وسجن الحاج قاسم مدة 12 سنة وسجن المديرين العامين جلال بودريقة ولطفي الزواوي وعادل التويري مدة 10 سنوات لكل واحد منهم فيما برأت ساحة علي السرياطي مدير الأمن الرئاسي واحمد فريعة وزير الداخلية السابق والمنصف العجيمي مدير وحدات التدخل سابقا وكذلك بعض الإطارات الأمنية الأخرى.