عادت الحياة لمدينة سليانة الى طبيعتها ,لكن البعض لازال يعاني جراحا قد لا تندمل وقد تتحول إلى عاهات مستديمة فبعد أن كانوا يرون الدنيا بملء أعينهم أصبحت إمكانية فقدانهم للبصر هاجسا كبيرا يؤرقهم... ويقضّ مضاجعهم! الجرحى الذين أصيبوا في أعينهم في الأحداث الأخيرة التي شهدتها سليانة أكدوا أن قوات الأمن تعمدت ضربهم بما يسمى بالرش على مستوى العين, وبين احد الجرحى انه خرج للتظاهر سلميا ولم يستعمل الحجارة ولكن صوب احد الأعوان البندقية فأرداه مغشيا على الأرض ووجد نفسه في المستشفى الجهوي ليعلم من أحد الأطباء إمكانية فقدانه النظر ولو جزئيا...
الشاب وليد جاب الله يقطن بحي الصلاح عمره يناهز 26 سنة يتألم ويستغيث قال بصوت متعثر بأن لا علاقة له بالسياسة وانه لا ينتمي إلى أي حزب «أنا أعيل أبي المسن وأمي متوفاة فبعد أن تضررت عيني فمن سيساعدني على مجابهة أعباء الحياة, كل يوم اقصد المستشفى للقيام بالفحص ولكن الطبيب أكد لي أنه مع الوقت سوف يؤثر ذلك سلبا على بصري, فالضرر تعدى الشبكية. كما أنني لم اعد قادرا على تحمل مصاريف الأدوية».
تحدثنا إلى الشاب المصاب احمد فقال بحرقة «ما فائدة البشر إن فقد نعمة البصر, من علينا الله بهذه النعمة ليسلبونا إياها» وأضاف «أنا لم أبارح المنزل ولكن سقط الغاز المسيل للدموع بالمنزل فخرجت للبحث في الأمر ولم أفق إلا على صوت أمي وهي تصيح: أغيثوا ابني فلذتي كبدي». تقول الخالة مريم بلوعة «لقد تضرر ابني طارق فهو سندي في هذه الحياة لقد اضحى من العسير علينا معالجته في المستشفى الجهوي بسليانة ليتم نقله إلى معهد الهادي الرايس وهناك تم إجراء العمليتين ليتبين أن الضرر كبير,فلقد تقطعت الألياف العصبية التي تتصل بالمخ ومنها يمرر الضوء, فابني مازال في ريعان الشباب فلماذا يحرم من نور عينيه». ومن جانبه قال الشاب نضال الزيدي البالغ 20 سنة «أنا لم أشارك حتى في المسيرة, كنت استطلع الأمر وما آلت إليه الاشتباكات بين المواطنين وأعوان الأمن وفجأة أصابني رصاص الرش حتى أن أثاره بقيت محفورة على الحائط فتم نقلي إلى المستشفى الجهوي بسليانة حيث تمت معاينتي وتم استئصال الرش ليتبين لي لاحقا أن كسرا قد الم بحاجبي,كما تسببت لي في أعراض جانبية منها الحمى التي منعتني حتى من النوم». حالة الآنسة سهام اليعقوبي كانت مؤثرة وأضافت بنبرة جمعت بين الحزن الأسى «لقد تضررت عيني فمن بي, كما أنني أعاني إصابة عميقة فوق العين»..