اعترف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأن استعمار فرنسا للجزائر كان «وحشيا وظالما» قائلا أمام البرلمان الجزائري «على مدى 132 عاما تعرضت الجزائر لنظام وحشي وظالم هوالاستعمار. أعترف بالمعاناة التي سببها». وكان هولاند وصل أمس الأول الأربعاء إلى الجزائر في زيارة دولة تستمر 36 ساعة الهدف منها فتح صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.واستقبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الفرنسي ورفيقته فاليري تريفيلير على أرض المطار.
وحشي وظالم
وصرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس في خطاب أمام أعضاء البرلمان الجزائري أنه يعترف ب«المعاناة» التي تسبب فيها الاستعمار الفرنسي للشعب الجزائري.وقال هولاند «اعترف هنا بالمعاناة التي تسبب فيها الاستعمار للشعب الجزائري»، وذكر خصوصا في اليوم الثاني من زيارته إلى الجزائر أحداث «سطيف وقالمة وخراطة التي تبقى راسخة في ذاكرة الجزائريين وضميرهم».
وأوضح هولاند انه «خلال 132 سنة (1830-1962) خضعت الجزائر لنظام ظالم ووحشي (...) وهذا النظام يحمل اسما هو الاستعمار».ووسط تصفيق البرلمانيين الجزائريين، قال هولاند انه «في الثامن من ماي 1945 بسطيف (300 كلم شرق الجزائر) عندما كان العالم ينتصر على البربرية تخلت فرنسا عن مبادئها العالمية».
وأضاف «يجب أن نقول هذه الحقيقة لكل من يريد وخاصة الشباب الذين يشكلون نصف عدد السكان الجزائريين لتعيش الصداقة بين البلدين».وقال الرئيس الفرنسي انه «مهما كانت الأحداث مؤلمة لا بد أن نفصح عنها ولا يجب ان نبني علاقاتنا على نسيان ما حدث».وأكد الرئيس الفرنسي أنه «يجب قول الحقيقة أيضا حول الظروف التي تخلصت فيها الجزائر من النظام الاستعماري، حول هذه الحرب التي لم تسم باسمها في فرنسا، أي حرب الجزائر».
وتابع «نحن نحترم الذاكرة كل الذاكرة (...) ومن واجبنا أن نقول الحقيقة حول العنف والظلم والمجازر والتعذيب».ويدرس الثامن من ماي 1945 في المدارس الجزائرية على انه مناسبة وطنية قتل فيها الجيش الفرنسي 45 ألف جزائري وأحد أسباب قيام حرب التحرير التي أدت الى استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962.ويتحدث المؤرخون الفرنسيون عن سقوط ما بين 15 الى عشرين الف قتيل منهم 103 أوروبيين.
زيارة تاريخية
وكان رئيس مجلس الأمة الجزائري (الغرفة الثانية في البرلمان) عبد القادر بن صالح رحب بالرئيس الفرنسي بوصفه «صديق الجزائر الذي وقف الى جانبها في الأوقات الصعبة».وقال «نستقبلكم كصديق للجزائر التي تعرفونها وتعرفكم».
وأضاف «ندرك ارادتكم الى جانب ارادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لاعطاء دفع جديد للتقارب بين البلدين واننا نشارككم هذا المسعى».وتابع بن صاح «اننا نعلم أنكم تقاسموننا القناعة بضرورة اعتماد سياسة متجددة في العلاقات».
وينظر في الجزائر إلى زيارة هولاند على أنها فرصة لتحسين العلاقات بين البلدين بعد فترة برود خلال رئاسة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. واعتبرت صحيفة «الوطن» الجزائرية الواسعة الانتشار والناطقة بالفرنسية أن «الاعتراف بالماضي الاستعماري وجرائم الاستعمار سيهدئ أخيرا الذكرى التي لا تزال مؤلمة، وسيحقق العدالة للضحايا «.
وكان الرئيس السابق جاك شيراك استقبل بحفاوة في الجزائر في 2003 و2004 لكن في السنة التالية أدى قانون يهدف إلى إدراج «الدور الايجابي» للاستعمار الى توتير العلاقة .
وسيحاول هولاند ونظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالتالي طي صفحة الماضي عبر «إعلان مشترك» بعد التخلي عن مشروع اتفاقية صداقة.وقال الرئيس الجزائري في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أن الجزائر تريد «علاقة قوية وحيوية مع فرنسا» فيما ترغب باريس في هذه المناسبة في استئناف «حوار سياسي حول التحديات الدولية الكبرى» بدءا بمالي.
وترغب فرنسا في الحصول على دعم الجزائر لتدخل دولي في شمال مالي الخاضع لسيطرة الإسلاميين.