تعتبر مادة المرجين المستخلصة من عصر الزيتون مادة ملوثة لاحتوائها على مادة «البوليفينول»، والأملاح، إضافة إلى حموضتها المرتفعة، ورائحتها الكريهة، لذلك يصعب التخلص منها... فهل يمثل استعمالها كسماد حلا للتخلص من آثارها؟ يمثل قطاع المعاصر قطاعا مهما في النسيج الاقتصادي بولاية المهدية، حيث ينتج حوالي 80 ألف طن من الزيت، ويضم حوالي 36 معصرة زيتون منها 2 بيولوجية بطاقة عصر 800 طن/ اليوم، وطاقة خزن 1200 طن تقوم بإلقاء حوالي 20 ألف طن من مادة المرجين في الطبيعة وقنوات التطهير، ليصل الأمر بصاحب معصرة بمنطقة «هيبون» إلى إلقاء مادة المرجين في الشارع بطريقة سافرة متحديا الأهالي والسلطات المحلية التي سارعت على الفور عن طريق ممثل البيئة، وممثل الديوان الوطني للتطهير إلى فتح تحقيق في الغرض، كما يعمد آخرون إلى إلقاء هذه المادة بمواقع ايكولوجية بوادي «غراف» ووادي «المالح»، ووادي «شيبة» بما من شأنه أن يؤثر تأثيرا سلبيا على البيئة والمائدة المائية بسبب درجة حموضة هذه المادة، والروائح الكريهة التي تفرزها.
ونظرا للمخلفات الضارة بالبيئة لهذه المادة فالمطلوب من الجهات المسؤولة اتخاذ إجراءات حازمة ورادعة، وتكثيف دوريات المراقبة الصحية بالمدينة، والعمل على نقل هذه المعاصر القديمة الموجودة بالمناطق العمرانية إلى المنطقة الصناعية المهجورة من طرف الصناعيين.
وتجدر الإشارة أن مدينة المهدية ينقصها مصب مراقب لمادة المرجين يستجيب للمواصفات البيئية، فالمصب الوحيد القريب يوجد بمعتمدية قصور الساف على بعد 14 كيلومترا بسعة 20 ألف متر مكعب، إلا أن هذا المصب تعطلت أشغاله بسبب رفض السكان لإحداثه، علما وأن مصب الشركة التعاونية للخدمات الفلاحية والصناعية «زويلة» بالمهدية محدود السعة بقي مغلقا بأمر من وزارة البيئة بسبب الضرر الذي ألحقه تسرب مادة المرجين من أحواضه على التربة وغابة الزيتون بمحيط الشركة رغم وجود دراسة لتهيئة الأحواض.
فحسن تصريف مادة المرجين الملوثة تبقى الحلقة الضعيفة في منظومة الزيت والتي تمثل تهديدا بيئيا جادا يستدعي تضافر جميع المتدخلين في الميدان الفلاحي، وإحداث مصب مراقب طبقا للمواصفات للحد من آثاره السلبية على البيئة والمحيط، وتثمينه ببعث مشاريع تهدف إلى تركيز تقنيات لمعالجته، وإعادة استعماله.. فهناك تجارب ميدانية قام بها المعهد الوطني للبحوث في الهندسة الريفية والمياه والغابات باستخدام المرجين كمخصبات طبيعية للتربة من خلال رش هذه المادة في الأراضي الزراعية بمعدلات مدروسة، وأجريت هذه التجارب على أشجار الزيتون والأشجار المثمرة. وحسب النتائج الأولية لهذه التجارب فإن مادة المرجين بالإضافة إلى كمية المياه التي تحتويها يمكن أن تكون مغذيا طبيعيا للتربة والنبات باعتبارها تحتوي على كميات هامة من «الأزوت» و«البوتاسيوم»، وعدة مواد عضوية أخرى، حيث لم تُسجل أي أثار سلبية على التربة أو على النبات سواء في نموه أو في إنتاجه، بل لوحظ نمو متميز في المساحات المرويّة بالمرجين وهو ما يمثل حلاّ جزئيا أو كليا للتخلص من الكميات المنتجة من هذه المادة والحدّ من مضارها البيئية.