من حق الأحزاب أن تسعى إلى التحالف وبلورة توجهات مشتركة لكن ما يلاحظ في هذه الفترة أن بعض التحالفات تواجه مشاكل أدت إلى انفراط عقدها وهذا يدعو إلى التساؤل إلى أين تتجه التحالفات بين الأحزاب في ظل التطورات الأخيرة؟ لم ينكر السيد جنيدي عبد الجواد وجود أزمة بين المسار الديمقراطي الاجتماعي وحركة نداء تونس لكن هذه الأزمة ظرفية يمكن تجاوزها خاصة أن نقاط الالتقاء بين الحزبين أكثر من نقاط الاختلاف وقال «أحترم بعض الآراء الصادرة عن بعض قياديي حركة نداء تونس والتي تطالب بالاستغناء على حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي ولكن أعتقد أنه علينا تجاوز مثل هذه التصريحات المتشنجة والمضي قدما في تحقيق التحالف ثم أن تجمعنا بحركة العديد من نقاط الالتقاء وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا».
وأضاف عبد الجواد: «التحالفات في تونس مازالت في حالة مخاض ونحن طالبنا منذ الانتخابات الفارطة بإرساء جبهة مدنية سياسية واسعة وبعد تكوين هذه الجبهة نادينا بالتوسع وبالتحالف مع الحزب الجمهوري والجبهة الشعبية أردنا أن نكون نواة صلبة لإعادة تشكيل الائتلاف ونسعى إلى الامتداد إلى نداء تونس وبعض القوى الأخرى من أجل دولة ديمقراطية ولتحقيق المطالب التي قامت عليها الثورة ووضع البلاد على السكة الصحيحة».
حركيّة وانتظارات
من جهته قال محمد القوماني :«العلاقات بين الأحزاب تشهد حركية مميزة خلال هذه الفترة تمليها الحاجة إلى إعادة تشكيل الخارطة الحزبية في استخلاصات الانتخابات السابقة واستعدادا للانتخابات القادمة وخاصة الحاجة إلى خلق حالة توازن بين الأحزاب كما تمليها الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد والتي كان الحديث عن أزمة الشرعية أحد عناوينها وتكثف الحوار حولها بمناسبة المشاورات حول التعديل الوزاري المرتقب».
وأضاف القوماني :«يبدو أن رغبة الترويكا مؤكدة في توسيع قاعدة الحكم وفي التفاعل مع عناوين الأزمة السياسية وهذا ما يجعل أحزاب الائتلاف الحاكم تباشر حوارات مع أحزاب أو شخصيات ترغب في أن تكون شريكة في إدارة الشوط الثاني من المرحلة الانتقالية كما أن حالة الاستقطاب تجعل البعض من الأحزاب الأخرى إما غير مرغوب في مشاركتها في الحكم من طرف أحزاب الترويكا أو هي نفسها ليست مستعدة لذلك وعلى هذا الأساس تبدو المشاورات مفتوحة على جميع الاحتمالات باتجاه التشارك مع الترويكا أو باتجاه التموقع في مناهضة الترويكا وهذا مشهد طبيعي. وأضاف «يبدو أن أغلب الأطراف الحزبية لم تحسم أمرها وهي مشغولة بالحوار على الصعيد التنظيمي بقصد الاندماج وخلق القوة الحزبية أو على صعيد التحالف السياسي بكسر الاستقطاب وتأمين الفاعلية أو على صعيد التحالفات الانتخابية المحتملة ومن الأكيد أن المشهد السياسي والحزبي في الفترة القريبة القادمة سيتغير ويتجه إلى تكتلات يغيب فيها حضور الأحزاب الصغيرة.
وأشار القوماني إلى أن حزب التحالف الديمقراطي معني بهذه المشاورات على أصعدتها المختلفة وهو يوشك على أن يتفق مع بعض الأحزاب التي ستنضم الى مبادرة بناء حزب وازن وفاعل كما يخوض مشاورات مع أحزاب أخرى من أجل بلورة رؤية مشتركة لتصحيح المسار وتكون أرضية لمناقشة الانضمام إلى التشكيلة الوزارية الجديدة كما يخوض مشاورات لتكوين ائتلاف سياسي واسع متقارب في الأرضية ويدعم الخيار الثالث خارج الاستقطاب الثنائي.
واعتبر عثمان بالحاج عمر أن الساحة السياسية تتميز ببروز ثلاثة تحالفات أولها الجبهة الشعبية بمكوناتها ال11حزبا وطيف واسع من المستقلين وهو تحالف مستقر والعلاقة بين مكوناته سليمة يسودها التفاهم من أجل انجاز موقع متفق عليه ، ثانيها الائتلاف الحاكم أو ما يعبر عليه بالترويكا وهو تحالف غير مستقر تهيمن عليه حركة النهضة بطريقة فيها الكثير من الأحادية ، ثالثها تحالف افتراضي لم يقم بعد بين حركة نداء تونس وهي فسيفساء من الشخصيات ومواقع النفوذ والشخصيات اليسارية يمتاز بتعدد النخبة ويتشكل بطريقة صعبة وآفاقها منعدمة مع المسار والجمهوري والاشتراكي اليساري والعمل الوطني الديمقراطي ولا يمكن أن ننفي وجود قوى أخرى مثل حركة الشعب والتحالف الديمقراطي التي تتميز بالتحفظ في الدخول الى التحالفات ولهم رؤية نوعا ما أنانية.