في تحرّك احتجاجي على تردّي وضع القضاء والتأخير في سنّ قانون الهيئة الوقتية التي ستحل محل المجلس الاعلى للقضاء نفّذت أمس جمعية القضاة التونسيين وقفة احتجاجية أمام مقرّ المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بالاسراع في سن ذلك القانون. لم تقتصر الوقفة الاحتجاجية على القضاة الذين كانوا بزيّهم الرسمي بل حضرها ايضا عدة من مكوّنات المجتمع المدني، باعتبار أن مسألة استقلال القضاء مطلب شعبي وأحد أهداف الثورة.
القضاة المحتجون الذين خرجوا من صمتهم منذ الثورة وتمسّكوا بحقّهم في الاستقلالية وبرفع الوصاية من السلطة التنفيذية جدّدوا أمس تلك المطالب رافعين شعارات تندّد بالابقاء على القضاء تحت يد وزير العدل الذين اتهموه بالجبن «يا البحيري يا جبان القضاء لا يهان» وقالوا إن الأزمة لن تفرج الا بقضاء مستقل ومحايد وأنه لا ديمقراطية دون استقلالية القضاء.
من يتحمل المسؤولية؟
«وين الهيئة القضائية يا تأسيسي موش مزيّة» سؤال توجّه به المحتجون الى أعضاء المجلس الوطني التأسيسي تنديدا بالتأخير في سن مشروع الهيئة الوقتية للقضاء العدلي واعتبروا أن الأمر يعود الى غياب الارادة السياسية لإحداثها وهناك ارادة في ترك يد وزير العدل مبسوطة ويبقى القضاة تحت امرته.
صرّحت رئيسة الجمعية كلثوم كنّو أن الوقفة الاحتجاجية ما كانت ان تقوم بها لو قام المجلس الوطني التأسيسي بدوره فالمفروض أن يسن قانون الهيئة الوقتة لكن الارادة السياسية مفقودة وبقي القضاة على حالهم الامر الذي جعل السلطة التنفيذية تنفرد بكل الاختصاصات وهي من صلاحيات الهيئة.
واتهمت وزير العدل بالانفراد بالقرارات على مزاجه ومقياسه.
وأكّدت أن القضاة لن يقبلوا مستقبلا بهذا الأمر لأن القضاء عانى الكثير في الحقبة البائدة.
وأجمع القضاة المحتجون على ضرورة أن يكون مشروع قانون الهيئة الوقتية أوّل موضوع يطرح على طاولة المجلس التأسيسي وبصفة عاجلة لأن الوضع لن يحتمل المزيد من التأخير والتعطيل.
النيابة العمومية: مستغلّة
قالت نائبة رئيسة الجمعية روضة القرافي ان النيابة العمومية هي أكبر خطأ باعتبارها موظفة لخدمة سلطة الاشراف وتطبيق التعليمات.
وطالبت بضرورة فك ارتباطها مع الوزارة مؤكدة ان الوضع القضائي لن يصلح أمره الا اذا سن قانون الهيئة الوقتية. ثم تعالت الأصوات مرددة «استقلالية استقلالية للنيابة العمومية» و«نيابة مستقلة لا نيابة مستغلّة».
نفس المطلب ركّز عليه رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني مضيفا ان الطلب الأساسي هو منظومة مستقلة طبق المعايير الدولية لكن الانتظار طال ولا شيء تغيّر.
مطالب القضاة شرعية
هذا ما أكده النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد قحبيش الذي التحق بالوقفة الاحتجاجية وقال إنهم كنواب شعب سيعملون من مواقعهم على الدفاع عن المطالب الشرعية للقضاة باعتبار ان السلطة القضائية في خدمة كافة الشعب ولا عدل إلا بقضاء مستقل ومحايد.
أجمع كل من تدخل على ضرورة الاسراع في سن قانون الهيئة الوقتية وعلى تحقيق الاستقلالية للقضاء حتى يستعيد المتقاضين ثقتهم به وأنه لا سبيل الى دولة مدنية ديمقراطية دون قضاء مستقل ومحايد.