«أرض، حرية، كرامة وطنية» ذلك الشعار الذي مازال صداه يتردد في انحاء مقبرة الجلاز منذ يوم 8 فيفري ابى الا ان يرتفع مجددا أمس على بعد امتار من حبات التراب التي امتزجت بالأنفاس الاخيرة لشهيد شكري بلعيد . عدد كبير من المواطنين والفنانين والحقوقيين والسياسيين هبوا في مصافحة جديدة لروح الشهيد شكري بلعيد ومسحة الحزن تلازمهم ولسان حالهم يقول «لن ننسي» فبالصراخ والدموع والآهات بكي المئات «عاشق الميحانة» مجددا وبعبرات حارة ساهمت في تأجيجها اغاني الفرقة الموسيقية الملتزمة التي تكفلت بإحياء امسية تكريم الزعيم الراحل.. البعض قال انه لم يمت وسوف يحي معهم ما حيت معركة الحرية والبعض لقبه ب«شي غيفارا تونس» الذي وهب حياته فداء لمبادئه .
أما آخرون فقد قالوا انه القبس الذي سينير لهم ما تبقي من طريق وما يعتريه من ظلمات.. انه تكريم وتحية واعتراف وامتنان لم تغب عنه زوجة الشهيد بسمة الخلفاوي بلعيد التي قال عنها الحاضرون بانها المرأة التونسية الحقة التي عرفتها كل شوارع هذا الوطن منذ الاف السنيين كذلك ابنته «نيروز» حيوا فيها الشبلة المقدامة والطفولة المغدورة حيث جسد كل ذلك في قصيدة مطولة اهديت لكليهما وسط التصفيق والشعارات من قبيل «ياشكري يا بلعيد عن دربك لن نحيد» و«يانيروز لا تهتم الحرية تفدى بالدم ».
12 يوما مضت والشيخ المكلوم «صالح بلعيد» لم يبارح الحزن قلبه ولم تكف عيناه المتورمتان عن الدموع ورغم ذلك شارك الجموع تكريمهم لابنه المغدور ومنعته حالة البكاء من الادلاء بأي تصريح حتي قداماه لم تقويا على حمله ولم يتكمن من التنقل الا بمساعدة رفاق ابنه الشهيد، ومن الجهة الأخرى تواجد عدد كبير من الحقوقيين جاؤوا لتأبين زميلهم المحامي الراحل حيث قالت رفيقة دربه المحامية ليلي بن دبة «لن ننساك ولن يمر قاتلوك الا على جثثنا ومن مزق صورك في شارع الحبيب بورقيبة هم عشاق العبودية اما انت فابن الحرية يارفيقي».
جئنا ل «شي غيفارا»
قالت الدكتورة فاطمة عزوز استاذة بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار انها جاءت لحضور تأبين الشهيد شكري بلعيد المناضل الحقوقي والسياسي الذي دفع حياته ثمنا لحرية وكرامة الاجيال القادمة، وغير بعيد عنها اجتمع عدد من شباب الجبهة الشعبية امام النصب التذكاري لزعيمهم الراحل حيث قالت «ليلي العويلي» وهي طالبة ان الجميع هبوا لحضور تكريم «شي غيفارا تونس» الذي لطالما دافع عن الفقراء والمساكين ولم يبخل يوما عليهم بالعطاء ولم ينتظر مقابلا ولكن حب الحاضرين كان افضل رد على من مزقوا صوره وحاولوا تشويه زوجته وعائلته ولكن لن ينجحوا وسنواصل حربنا ضد الجهل والتخلف فبنات «عليسة» لا ينحنين الى أحد .
النائب في المجلس التأسيسي منجي الرحوي والقيادي البارز في حزب «الوطنيون الديمقراطيون» الموحد اكد للشروق ان هناك من يحاول اغتيال شكري بلعيد مجددا عن طريق حملات التشويه المتكررة حتى بعد اغتياله ولكنه سيبقى عصيا عليهم وصحيح انه غاب عنا بجسده ولكنه حاضر معنا بروحه النضالية والكفاح وسيبقى رمزا يحتذى به في هذه البلاد ودمه الذي سال سيملأ الشباب قوة وعزما ومن جهتها اضافت استاذة علم الاجتماع والقيادية في حزب المسار فتحية السعيدي ان الكم الكبير من الحضور في هذه المناسبة يدل ان من اغتال «شكري» فشل في اسكات صوته حتى بعد موته فقد جمعتني به ايام النضال منذ كنا زملاء في نفس الحزب منذ نشأته ورغم ان كل منا اختار منهجا لحياته السياسية بقيت تجمعني به أحلى الذكريات التي لم ولن أنساها.
مزّقوا صوره
لقد مزقوا صوره وتعالت زغاريد نسائهم فرحا لاغتيال شكري بلعيد ولكن اصوات الحق كانت أعلى ووصل صداها الى الشباب الحاضر اليوم وكل التونسيين الذين ابوا الا ان يشاركونا حزننا في تشييع جنازة شهيد الوطن «هذا ما قالة» حبيب العدايلي» القيادي في حزب «الوطنيون الديمقراطيون» مضيفا في نفس السياق « لم استغرب تمزيق وتشويه صورة مناضلنا لان الشيء من مأتاه لا يستغرب ولكن ردنا كان واضحا هم يشوهون ونحن نمحو جرمهم بالفن الملتزم وبحب الناس لفقيد تونس الذي لم يبخل بالعطاء لشعبها .
غير ذي بعيد عن الفرقة الموسيقية الملتزمة والجمهور الحاضر كان هناك احدهم اختار ان يعبر بطريقته الخاصة عن تكريم الشهيد انه الرسام الشاب «محمد علي العيادي» الذي اطلق العنان لأنامله لتخط ملامح وتقاسيم محي الراحل شكري بلعيد مستعملا في ذلك بعض الادوات البسيطة التي وعلي بساطتها فإنها مكنت صاحبها من الحصول على لوحة جميلة هي عبارة عن بورتري ل «شي غيفارا الوطن» على حد وصفه مما جعل الناس يلتفون حوله ويلتقطون الصور معه ومع لوحته .