يتواصل في مدينة الرباط العاصمة المغربية معرض النحات التونسي الصحبي الشتيوي الذي ينتظم في ساحة هواء طلق. منذ أكثر من ثلاثين عاما اختار النحات التونسي الصحبي الشتيوي الاقامة في المغرب والتردد على تونس من حين لآخر ورغم حضوره الكبير في المشهد الفني في المغرب لم تتوفر مناسبات كافية له للعرض في تونس. الشروق التقته في هذا الحوار :
كيف تقبلت نبأ جريمة اغتيال الشهيد شكري بلعيد؟
تقبلته ككل تونسي من جملة حوالي 12 مليون تونسي بغض النظر عن الاتجاه الفكري أو الانتماء السياسي وحز في نفسي ان يتم اغتيال سياسي تونسي بهذه الطريقة البشعة التي أبكت التونسيين جميعا وطبعا لا يمكن ان نتخلص من الخوف على تونس بعد ان تم اغتيال صوت من أصوات الحرية في بلاد الحرية لذلك كان الوقع مؤلما ومؤثرا ليس على التونسيين فقط بل حتى في المغرب كان التأثر كبيرا وقد واساني الأصدقاء المغاربة وكنت في موقف حرج بين افتتاح المعرض أو متابعة تطورات هذه الجريمة التي هزت العالم.
وربما للمرة الأولى في تاريخ النحت أني قمت بوضع علامة حزن على جميع منحوتاتي في المغرب وهي منحوتات تتغنى بالحرية وبالانطلاق والغد الافضل لتونس وطبعا لم انس 320 شهيدا سيكون لهم عمل خاص بهم لكن اعتقد ان جريمة الاغتيال يجب أن تدفعنا للتأمل لأن ساعة الألم هي ساعة التفكير العميق والرجوع للّه ومن رجع للّه دائما يكون تفكيره صحيح وصادق لأن اللّه جل وعلا أجل الألم وجعله في مراتب عالية لأن الألم العظيم يولد الحياة الفاضلة كلما تألم الانسان يكون الله سبحانه وتعالى قريبا منه وربما هذا الألم هو الذي سينسج في تونس خيوطا من حرير وهي خيوط فيها المستقبل ان شاء الله وأتمنى أن يعود التونسيون الى رشدهم وان لا يتسرعوا في الاتهامات ويترحموا على الشهيد.
معرضك في الرباط حدث إعلامي بارز كما لاحظت ماهي خصوصيات هذا المعرض؟
الصعوبات الادارية حالت دون ذلك رغم المجهود الذي بذلته الوزارة بكل مستوياتها من السيد الوزير إلى آخر مسؤول وهذا شيء لا يمكن إنكاره كانوا يريدون ان ينظم المعرض وحتى بعض الأحزاب سعت لهذا من بينها حركة النهضة حتى لا أظلم أحدا لكن حدثت».
حبة رمل صغيرة «لم يعرفوا كيف يتعاملوا معها لا أكثر ولا أقل مما جعلني أعرض هذه الأعمال الجديدة التي تمثل الحراك التونسي منذ البداية بما فيها عربة المرحوم البوعزيزي وكل الأسئلة التي أطلقتها تونس في العالم العربي ولاقى المعرض اهتماما مغربيا ودوليا وقد زار المعرض العديد من الوفود من ضيوف المغرب خاصة ان المعرض كان في ساحة عمومية لم يعرض فيها في السابق أي فنان وبصراحة والي الرباط كان له موقف شهم خاصة ان العلاقة التونسية المغربية لها خصوصية وهذه الساحة كانت ممنوعة على أي عمل ثقافي أو فني ونظرا للظروف التي تعيشها تونس سمحوا لي بعرض منحوتات سياسية في الهواء الطلق وهذا طلب يصعب على أي دولة الموافقة عليه لكن الحمد للّه طلبي حاز على الموافقة.
أنا لا ألوم أحدا بل ألوم نفسي أنا ناضلت لسنين طويلة حتى أقدم منحوتاتي في تونس لكن الاستجابة كانت محتشمة وأنت تعرف أن ميدان النحت باهظ والتنقل بالمنحوتات من أكثر الاشياء تعقيدا وكلفة حتى من ناحية التأمين ويضاف الى ذلك عدم تفهم بعض المسؤولين قبل. في السابق ساعدني اتحاد الفنانين التشكيليين وشاركت في معرض الاتحاد كما نظم لي معرضا في دار الفنون سنة 2008 اعتقد ولذلك فان غياب أعمالي عن تونس ليس خيارا بل فرضته ظروف وطبيعة النحت.
هل يمكن ان تستقر في تونس لفترة ما وتنجز عملا خاصا بتونس؟
هذا المشروع طلبه السيد وزير الثقافة ليس الآن فقط حتى في العهد السابق طلبوا مني بإلحاح بل تعرضت حتى إلى ما يشبه الضغوطات من رئيس الدولة الأسبق إلى حدّ «القلق مني» أنا أردت أن أكون بين تونس والمغرب لكن الرئيس الأسبق لم يقبل هذه الفكرة وغضب مني لكن السيد الوزير الحالي الح علي أن أقيم في تونس لفترة قصيرة حتى انجز معرضا فنيا لكن أنا لا أستطيع أن أخون المغرب لأن المغاربة عاملوني بكثير من الاحترام والتقدير وبالتالي يا ريت لو تتاح لي فرصة الاقامة لفترة ما لإنجاز معرض في تونس .