لم تحل موجة البرد القارصة التي نعيشها هذه الأيام ولا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد دون إقبال العديد من متساكني وزوار مدينة نابل على المحلات التجارية بمناسبة موسم التخفيضات الشتوية. هي إذن فرصة للكثير منهم لشراء مستلزماتهم من أحذية وملابس بأثمان تعد منخفضة مقارنة بأسعارها الأصلية. أسئلة وهواجس وانتظارات تبادر أذهان التاجر والمستهلك على حد السواء، فالبائع ينتظر عادة بفارغ الصبر مثل هذه المناسبات التي تسمح له بتدارك فترة الركود التجاري الذي يعاني منه لأشهر عديدة فيما يبقى الحريف متأرجحا بين معادلتي السعر والجودة. موسم التخفيضات الدورية الشتوية أو ما يعرف بال«صولد» والذي انطلق يوم غرة فيفري ليتواصل إلى غاية منتصف شهر مارس القادم ساهم في تنشيط الحركة التجارية بالمدينة وانتعاشها بعد فترة ركود فضلا على تمكين التجار من ترويج بضائعهم لا سيما تلك التي لم تلق الرواج المطلوب كامل أيام السنة. «الشروق» تنقلت بين المحلات التجارية للاطلاع عن كثب على آراء وردود أفعال أصحاب تلك المحلات والحرفاء فكان هذا الريبورتاج. أجمع أغلب الذين التقيناهم من أصحاب المحلات التجارية أو العاملين فيها على أن نسب الانخفاض تم تحديدها مسبقا بين جميع الأطراف المتداخلة وهي تتراوح بين العشرين والخمسين بالمائة وشّحوا بها واجهات محلاتهم في تناسق مثير للألوان. وجدنا صعوبة كبيرة للتواصل مع بعض أصحاب المحلات التجارية نظرا للحركية الكبيرة داخل محلاتهم عكست الإقبال الكبير على السلع خاصة النساء فقد غصت بهم بعض المحلات المختصة خاصة في بيع الملابس الجاهزة والأحذية وحقائب اليد. يقول أنيس قنّر (صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة) وقد بدت عليه علامات الرضى «نحمد الله... فالإقبال جيّد هذه السنة كما ترى ونأمل في أن يتواصل إلى نهاية الموسم»، ويضيف: «بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد فإن المواطن يستغل مثل هذه المناسبات لقضاء حاجاته». فوزي برينيس مسؤول بأحد المحلات المختصة في بيع الملابس الجاهزة يؤيد هذا الرأي حيث أكد أن الإقبال على «الصولد» يبقى جيدا هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة وبالنظر إلى الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وغلاء المعيشة فهذه المناسبات تبقى ملاذا للعديدين وخاصة الفئات المتوسطة والضعيفة لقضاء احتياجاتهم ومستلزمات أطفالهم. ويعزز هذا الرأي كل من مهدي السيّد (صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة) ورحاب الساحلي (مسؤولة بإحدى المحلات) حيث يؤكدان أن «الصولد» الشتوي لهذه السنة يبقى استثنائيا بكل المقاييس مقارنة مع السنتين الأخيرتين حيث لم تمنع الظروف الصعبة الحريف من شراء ما ينقصه من ملابس. وفي المقابل يرى محمد علي بوغزالة (صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة) أن الإقبال هذه السنة تراجع عن السنوات السابقة ويفسر ذلك بالوضع الاقتصادي الصعب الذي أثّر على المقدرة الشرائية للمواطن بالرغم من أن الأسعار المقدمة في متناول أغلب المستهلكين في ظل نسب التخفيض التي وصلت حدود الخمسين بالمائة. ويشاطره الرأي سامح شعبان (صاحب محل لبيع الأحذية) الذي أرجع ضعف الإقبال إلى الظروف المعيشية الصعبة وتدهور الأوضاع الأمنية في بعض الأحيان خاصة في الفترة الأخيرة ويأمل أن يتحسن الإقبال في نهاية «الصولد». أما الحرفاء فقد تراوحت آراؤهم بين باحث عن الجودة بأسعار في المتناول وبين من يرى أن هذه التخفيضات ليست سوى حيلة من التجار للتلاعب بالأسعار وإغراء الحريف بأسعار بخسة تخفي وراءها عدة عيوب من ناحية الجودة. تقول مروى التستوري (طالبة): «بالنسبة إلي الصولد فرصة لا تعوض فمنذ التحاقي بالجامعة أخصص جزءا من المنحة الجامعية لاقتناء ما يلزمني من ملابس وأحذية في فترة التخفيضات حيث أجد ضالتي في أغلب الأوقات ما يجعلني أنتظر هذه المناسبة بشغف كبير. أما الحريفة فاطمة التي كانت مرفوقة بابنتها (9 سنوات) فقالت بعد تنهيدة عميقة «ما باليد حيلة، ليس لي من خيار آخر أمام الظروف الصعبة، في الحقيقة السعر هو الذي يهمني في المقام الأول وتبقى الجودة امرا ثانويا بالنسبة إلي لأنه لا توجد في العادة سلع جيدة بأسعار بخسة، وأنا أحاول قدر المستطاع أن ألبي جميع احتياجات أبنائي بأقل التكاليف. إيناس عمري (موظفة) تقول من جهتها: «للأسف الكثير من التونسيين ينبهرون بكل ما يتم عرضه عبر الواجهات البلورية للمحلات التجارية وخاصة الأرقام الخيالية لنسب التخفيضات وهذا يدعو إلى التساؤل عن جودة السلع التي يتم عرضها في ظل هذه التخفيضات فهي في الأصل وهمية ومبالغ فيها حسب اعتقادي».