لئن عرفت البلاد خلال السنتين الأخيرتين صعوبات اقتصادية انعكست بالخصوص على تزويد السوق بالمواد مثل الحليب واللحوم الحمراء مما أجبر الحكومة على تعديل السوق بجلب كميات من هذه المواد من الخارج، فإن صعوبات أخرى بدأت تلوح في قطاع آخر أكثر حساسية وهو قطاع مشتقات الحبوب الذي تتولاه المطاحن المختصة في هذا الجانب والتي بدأت تعيش بدورها صعوبات متعددة مما سيجعلها عرضة للاغلاق وبالتالي انقطاع كافة أنواع الطحين المستخرج من الحبوب مثل الخبز والمقرونة والكسكسي وغيرها من هذه المواد التي تمثل المواد الغذائية الأساسية للتونسي. حول الموضوع المشار إليه اتصلنا بالسيد صالح خلف ا& رئيس الغرفة الوطنية للمطاحن ليطلعنا على تطورات الوضع في القطاع وليبين جملة المساعي والمطالب التي يطرحها أهل القطاع لتجاوز الوضع الصعب الذي تمرّ به المطاحن. بسطة حول المطاحن ونشاطها
أشار رئيس الغرفة الى أن هناك في الأصل 28 مطحنة موزعة على كافة جهات البلاد وبين أن صعوبات ألمت بخمس مطاحن في السنوات الأخيرة اضطر اصحابها الى غلقها. وبين ان هذه المطاحن تحوز على طاقة تحويل تصل الى 140 ألف قنطار في اليوم موزعة بين قمح صلب وليّن.
وأفاد أن نسبة الاستغلال مقارنة بقطاع الانتاج تصل إلى حدود 48٪ بالنسبة إلى مجموع المطاحن مقابل 72٪ خلال سنة 1992. وبين أن القطاع يحوز على جملة من نقاط القوة يتمثل أبرزها في تعصير القطاع الناجم عن احداث مطاحن جديدة وتجهيز جل المطاحن بمخابر لمراقبة جودة المنتوج الى جانب سعيها الى تكريس الجودة واندماج أغلب المصانع المختصة في العجين الغذائي والكسكسي مع مصانع السميد. كما بين أن للقطاع جملة من نقاط الضعف التي جعلتها تعاني من جملة صعوبات مثل ارتباط القطاع بأسعار محددة من طرف الدولة سواء على مستوى شراء القموح أو على مستوى بيع مشتقات القمح بحيث لا يمكن للصناعي التحكم لا في مصدر تزوده ولا في نوعية القموح المشتراة ولا في أسعار شرائها أو في بيع منتوجات المطحنة. وكذلك ضعف كلفة الرحي المحددة من طرف الادارة وعدم تحيينها وربطها بالزيادات المتتالية في جميع عناصرها جعلها لا تعكس حقيقة الاعباء التي يتحملها صاحب المطحنة. كما أفاد أن الفوترة المشطة للقموح من طرف ديوان الحبوب نتيجة لتطبيق سلم تعيير معدّ أساسا لشراء القموح المحلية لدى الفلاح التونسي وليس للبيع للصناعيين الى جانب ضعف نسبة التحويل (حوالي 45٪) بالمقارنة مع طاقة التحويل المتوفرة وضبابية مستقبل القطاع وغياب آجال وكيفية تحويره. وبين أيضا أن القطاع يشهد حاليا توقف بعض المطاحن وهو ما يؤشر على أن الصعوبات حقيقية وتتطلب تدخلا عاجلا لحل المشاكل المتراكمة داخل القطاع.
مشاغل قطاع المطاحن
أثارت الاطراف في القطاع منذ سنة 2000 جملة من الاشكاليات منها تدني نوعية القموح الموردة والطريقة التي يعتمدها ديوان الحبوب لتحديد سعر إحالتها للمطاحن مما سبب صعوبات مالية كبيرة للقطاع، ورغم اقرار احداث لجنة وطنية وبعد جولة من الجلسات التفاوضية أن مراجعة الأجور مازالت على حالها وأن ديون اصحاب المطاحن قد فاقت 50 مليون دينار، وهو عجز هام هدد القطاع بشكل بارز.
كما مثل عدم مراجعة بعض العناصر المتأكد مراجعتها في كلفة الرحي وهيكلة الأسعار احد أبرز المشاغل التي يعاني منها القطاع حيث تتضمن كلفة الرحي 15 عنصرا لتغطية مختلف الاعباء التي يتحملها الصناعي لتحويل كل قنطار من القمح. والى جانب ذلك تدخل كلفة الأكياس نظرا لارتباط صناعة هذه الاكياس بالمواد البترولية وقد شهد سعر هذه الأخيرة زيادات مرتفعة ورغم ذلك فإنه لم تتم مراجعة كلفتها. وتتصل الكلفة العامة لتحويل القموح داخل المطاحن ايضا بنقل القموح حيث رغم الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات والمعدات وقطاع الغيار ومراجعة تعريفة نقل الحبوب فإن هذا العنصر لم تتم مراجعته. والى جانب هذا يتحمل اهل القطاع تكاليف تتمثل بالخصوص في نقل مستحقات القموح والطاقة الكهربائية وهامش الربح الضعيف وهي كلها عناصر تتطلب المراجعة نظرا لما شهدته من ارتفاع في أسعارها.
الكلفة السنوية التي يتحملها قطاع المطاحن
وأفاد السيد خلف ا& ان الكلفة العامة التي يتحملها القطاع تعتبر مرتفعة جدا ولم يحصل مراجعتها منذ بعض السنوات وقد حددها في جملة من الجوانب تتمثل في الآتي:
وبذلك تكون الكلفة الجملية السنوية التي يتحملها القطاع بنحو 53،025،120 دينارا. دعوة الى تجاوز الوضعية وكان أهل القطاع ممثلين في نقابتهم العامة قد سعوا الى ايصال صوتهم الى السلط المسؤولة حيث تولوا مراسلة السيد وزير الصناعة في الموضوع وطرح الاشكال القائم لديهم وذلك لأكثر من ثلاثة أشهر مضت، كما أنهم علقوا قرارهم بإيقاف النشاط لكن بسبب الظروف التي تمر بها البلاد راعوا هذا الجانب وعلقوا اضرابهم، لكن والى حد هذه الايام فإن مطالبهم بقيت معلقة وبدون جواب يذكر.