يبحث قاضيا التحقيق بالمكتبين الثالث عشر والخامس عشر، في قضيّتي رجل الأعمال فتحي دمق والمناضل الوطني الشهيد شكري بلعيد، دون الغاء فرضية وجود علاقة بين القضيّتين، اذ أن طريقة اغتيال الشهيد بلعيد نفسها تحدث فيها دمق ومحدثوه. أية علاقة بين قضية رجل الأعمال واغتيال الزعيم الوطني؟ خاصة أن القضية الأولى أثيرت على اثر حجز شريط فيديوأثبت أن فتحي دمق يعتزم القيام بعمليات احتجاز رهائن واغتيال شخصيات سياسية وإعلامية من بينها شكري بلعيد.
والملفت للانتباه أيضا أن أحد المشتبه بهم بالضلوع في عملية الاغتيال يدعى محمد علي دمق وهو أصيل جهة صفاقس التي ينتمي إليها رجل الأعمال فتحي دمق.
شكري بلعيد... والفيديوالمسرب
كان الشهيد شكري بلعيد من بين الأسماء البارزين المعنيين بالتصفية الجسدية في الفيديو المسرب لرجل الأعمال فتحي دمق. وقد اعتزم الشهيد القيام بالحق الشخصي لدى قاضي التحقيق المتعهد بملف القضية مؤكدا أن وزارة الداخلية على علم بالتهديدات التي يتعرض لها لكنها لم تحرك ساكنا. الشهيد بلعيد نبه بخصوص قضية فتحي دمق الى وجود سلاح بصدد الانتشار في البلاد وطالب بضرورة التصدي لذلك. وقال إن الوضع ينبئ بالعمل على إدخال تونس في دوامة العنف المسلح لتصفية الحسابات والخصوم.
محمد علي دمق... أي دور؟
محمد علي دمق الحلاق المشتبه به في المشاركة في الجريمة النكراء اقتصر دوره حسب الأبحاث على كراء السيارة المستعملة في تنفيذ عملية الاغتيال. لكنه نفى نفيا قاطعا علمه بالقصد الإجرامي لمستعملي السيارة. وحسب أهل الاختصاص يرتقي الشريك أحيانا إلى رتبة الفاعل الأصلي.
وما أثار التساؤل بخصوص السيارة هو ما رصدته كاميراوات المراقبة بالجهة إذ بينت أن تلك السيارة تجولت بمحيط مسرح الجريمة أياما قبل وقوعها وتم تسجيل رقمها المنجمي ثم تم نزع اللوحة المنجمية يوم تنفيذ الجريمة وذلك للفت الانتباه وللتركيز على صاحب السيارة الذي ينتمي إلى التيار السلفي.
فتحي دمق... النية في الانتقام
يواجه رجل الأعمال فتحي دمق تهما تعلقت بتكوين عصابة مفسدين ووفاق والانخراط في عصابة والمشاركة في وفاق قصد التحضير لارتكاب اعتداء على الأشخاص والأملاك. ذلك ما أثبتته الفيديوهات المسربة. كما اتهم بالتخطيط لشراء الأسلحة لتنفيذ مخططه الإجرامي. الأمر الذي جعل بعض الأطراف المعنية في قضيته تطالب بدمج القضية بقضية الشهيد شكري بلعيد في محاولة لكشف خيوط المؤامرة وسعي الى فكّ لغز التصفية والانتقام. خاصة أن صاحب السيارة الموقوف على ذمة قضية بلعيد يحمل لقب دمق. علما أن المتهم فتحي دمق تمسك بالانكار بل وقدح في صحة الفيديوهات. وقال إنها مفبركة.
لا وجود لأي علاقة
أكدت مصادر جديرة بالثقة ل«الشروق» أن الأبحاث المجراة أثبتت انه لا وجود لأي رابطة بين المتهم فتحي دمق والمشتبه به محمد علي دمق فالأول رجل أعمال معروف والثاني حلاق ينحدر من عائلة متواضعة ولا علاقة بينهما سوى تشابه في اللقب العائلي. والانتماء إلى نفس الجهة صفاقس. لكن ما جمعهما هو طبيعة الجريمتين المتورطين فيهما أي جريمة «إرهابية بامتياز» الأولى نفذت والثانية بصدد التخطيط.
لئن ختمت الأبحاث في قضية رجل الأعمال فتحي دمق وتمت إحالته على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس بمعية ابنه المحال بحالة سراح لتقرير ما تراه صالحا بخصوص التهم الموجهة إليهما فإن محمد علي دمق يظل محل شبهة إلى أن تثبت الأبحاث تورطه أو براءته . لكن اللغز متواصل حول الحقيقة في ظل اختفاء الفاعل الأصلي الذي سيكشف الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال. أي من قرر وساعد على التنفيذ ونفذ وساعد على تهريب القاتل الأصلي ثم موّه بعد ذلك؟ تبقى اذا الأبحاث القضائية والأمنية وحدها الكفيلة بفك لغز المخطط الإجرامي في كلتا القضيتين.