استمعت أمس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية إلى المرافعات في قضية أحداث الوردانين التي شملت الرئيس السابق بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي وعدد من اعوان الأمن 4 بحالة إيقاف و4 بحالة فرار. وقد قررت اثر ذلك تأجيل البت في القضية إلى جلسة قادمة. تمسك كل من الأستاذ زهير قريسة وليلى الحداد بثبوت الإدانة في حق المتهمين واعتبار أن نية القتل العمد متوفرة في ركنها المادي والمعنوي. حيث أوضح الأستاذ قريسة انه من الثابت أن جهاز الأمن في بلادنا قد انهار بعد فرار المتهم بن علي وان الانفلات الأمني كان وقعه شديدا على المواطن الذي أصبح غير مطمئن لا على حياته ولا سلامته. ومدينة الوردانين لم تكن مستثناة من نتائج الانفلات الأمني وأصبحت منذ مساء 14 جانفي خالية من أي جهاز مكلف بالمحافظة على الأمن العام. لذلك تكفل شباب كل حي من الأحياء بحماية الأمن العام وطلب منهم الجيش إيقاف أي سيارة مشبوهة بما في ذلك سيارات الشرطة.
وقد كان ضحايا الوردانين من بين المتطوعين لتأمين الحماية. مفندا الادعاء بأن لجان الأحياء بالوردانين كانت متكونة من أصحاب السوابق والفارين من السجون وجودهم لم يكن ليخل بالنظام العام. وليس من باب التجمهر وإنما هو تأمين استمرار وظيفة الدولة. وأكد الأستاذ قريسة ان مدينة الوردانين كانت مستثناة من مهمة الدورية الأمنية التي قرر تسييرها نائب رئيس منطقة الشرطة بالمنستير.
الأسلحة والوسائل
تساءل الأستاذ قريسة ما إذا كان المتهمون قد قصدوا مدينة الوردانين لحفظ النظام في الطريق العام أو فض اجتماع أو تفريق مظاهرة. وقال إنه من الثابت بالملف أن المتهمين لم يكن بحوزتهم مكبر صوت المنصوص عليه بالفصول 16 و 17 و 18 من القانون عدد 4لسنة 1969 كما أنه ليس بحوزتهم جهاز الرش بالماء ولا عصي ولا قنابل وإنما كان بحوزتهم أسلحة وذخيرة معدة للعمليات الحربية..كما أنهم تعدوا عدم التنسيق مع اعوان الجيش الوطني بل دخلوا في حالة عصبية عندما بلغ إلى علمهم وصول دورية للجيش وشرعوا حينها في إطلاق النار بشكل مكثف ثم فروا إلى مدينة المساكن.. وفي نفس السياق أضافت الأستاذة ليلى الحداد أن المسلك الذي سلكوه باعتبارهم متوجهين إلى مركز الشرطة بالوردانين ليس بالمسلك الصحيح فكان عليهم الانعراج إلى وسط المدينة وان منطقة نفوذهم لا تتجاوز مدينة الوردانين لأن منطقة المساكن خاضعة ترابيا لولاية سوسة.
عدم توفر حالة الدفاع الشرعي
تمسك المتهمون بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي زمن وقوع الأحداث إلا أن الأستاذ قريسة أوضح أنه لا يوجد ما يثبت أنه صدر من الشهداء والجرحى أي اعتداء من شانه أن يهدد السلامة الجسدية للمتهمين وبالتالي فإن فعل التعدي غير متوفر بل إن المتهمين استعملوا القوة دون مبرر. ومن جانبها تساءلت الأستاذة الحداد هل أن حماية البلاد تؤدي إلى ازهاق الأرواح؟ مشيرة إلى أن طريقة الدخول إلى الوردانين مسترابة وان المتهمين لم يحترموا التدرج في استعمال السلاح.
صاحبة الصولات
تطرقت الأستاذة الحداد إلى جهاز النيابة العمومية وقالت إنها كالعادة صاحبة الصولات والجولات في ملف شهداء وجرحى الثورة. فحتى بعد هروب بن علي ليس هنالك لا معاينات موطنية ولا تسخير طبي للترشيح لمعرفة أسباب الوفاة ونوعية السلاح المستعمل. اكد القائمون بالحق الشخصي وجود نية القتل العمد وتمسك بتعديل الحكم الابتدائي بخصوص المتهم بديع العشي والقضاء مجددا بثبوت الإدانة وإقرار الحكم في ما زاد عن ذلك.
النيابة العسكرية.. الإدانة ثابتة
رافع ممثل النيابة العسكرية و اعتبر أن إدانة المتهمين ثابتة وفي جميع التهم. وقال إن الحكم الابتدائي الذي برأ ساحة أحد المتهمين قد جانب الصواب. وتمسك في جانب آخر باختصاص القضاء العسكري للنظر في هذه القضية نظرا وان الوقائع جدت بسبب حفظ النظام العام تطبيقا للفصل 22 من قانون قوات الأمن الداخلي.
الدفاع.. لا وجود لجريمة
تمسكت هيئة الدفاع عن المتهمين بالبراءة. وطلبت الحكم بعدم سماع الدعوى في حقهم لانتفاء المسؤولية الجزائية بموجب الدفاع الشرعي.
حيث لاحظ الأستاذ عبادة الكافي أن ماديات ملف القضية تفيد بأن الاعتداء المسلط على أفراد الدورية الأمنية كان يرمي إلى قتلهم والوسيلة الوحيدة التي كانت بيد الأعوان للدفاع عن أنفسهم هي الأسلحة النارية التي كانت متوفرة لديهم. ولا يمكن مجابهة المتظاهرين بالدروع أو العصي أو تفريقهم بمضخم الصوت. وأضاف الأستاذ نورالدين الطياري أن المتظاهرين هم الذين بادروا بإطلاق النار. كما أن الأعوان امتثلوا لأوامر الأهالي وانتظروا وصول اعوان الجيش الوطني. لكنهم تعرضوا في الأثناء إلى الاعتداء اللفظي والمادي. وأكد أن الاختبار الطبي أثبت أن اعوان الأمن تعرضوا إلى الاعتداء بواسطة بنادق صيد. الدفاع أجمع على أن اعوان الأمن كانوا في إطار أداء واجبهم وسلوكهم كان سلوك رجل الأمن الذي يطبق الأوامر.
يذكر أن حادثة الوردانين قد جدت في الليلة الفاصلة بين 15 و 16 جانفي 2011 عندما انتشر خبر مفاده محاولة تهريب قيس بن علي وجدت اشتباكات بين اعوان الأمن والأهالي انتهت بسقوط 4 شهداء وجرح عدد آخر.
وقد وجهت أصابع الاتهام إلى كل من صالح الفرحاني وأحمد جرفال ونجيب منصور وبديع العشي(إيقاف) والصادق الوطوطي ولطفي الغربي وبلحسن السعفي ووائل مبروك وبن علي وليلى الطرابلسي(فرار) واحيلوا على القضاء من أجل الأول القتل العمد ويضاف لهم محاولة القتل العمد بمعية المتهم الثامن والتاسع والعاشر من أجل المؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح وإثارة الهرج والقتل بالتراب التونسي.