تحت عنوان «الجريمة السياسية» انتظمت أمس ندوة بدار المحامي بشارع باب بنات بالعاصمة. وذلك تحت إشراف الهيئة الوطنية للمحامين وبمناسبة أربعينية الشهيد شكري بلعيد. إحياء أربعينية المناضل الوطني شكري بلعيد لم تقتصر على العائلة القانونية بل جمعت الندوة بين شكري بلعيد المحامي وشكري بلعيد السياسي وحضر عدد من ممثلي المجتمع المدني وكل من آمن بأفكار الشهيد ورفض سياسية التصفية الجسدية.
منذ وقوع جريمة الاغتيال أجمع التونسيون على أنها جريمة سياسية بامتياز . وقال العميد شوقي الطبيب خلال افتتاحه الندوة إن الجريمة السياسية مخصصة لظاهرة غريبة عن المجتمع التونسي لكنها،ظاهرة عالمية موجودة منذ الإنسانية.
وأكد أن المطلوب اليوم من القضاء أن يكشف للشعب من خطط للجريمة؟ من ساهم في تنفيذها؟ من نفذها؟ وأضاف أن هيئة الدفاع استبشرت في بداية التحقيقات لكن اليوم لا جديد يذكر في ملف القضية عدا التسريبات الإعلامية. وقال إن الغاية من الوصول إلى الحقيقة وكشف الجناة هو القطع مع الاغتيال في ظل تواصله تدخل تونس في دوامة العنف.
اغتيال بلعيد.. جريمة سياسية
قال الأستاذ محمد صالح التومي مدير مركز البحوث والدراسات للمحامين إن عملية اغتيال الشهيد شكري بلعيد تدخل ضمن باب الجريمة السياسية. فالمراد من الاغتيال السياسي هو إخماد صوت الحق لتحقيق المنفعة السياسية. والشهيد بلعيد اقلق خصومه بصوته العالي وكان من بين المدافعين عن القضايا العادلة. وأوضح أن الأفكار النبيلة لا تموت بموت أصحابها بل تصبح أشد تأثيرا. خاصة إذا تعلق الأمر بالاعتداء على أهم حق من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة. الاستاذ التومي تطرق إلى مسيرة الشهيد النضالية وأشاد بتحركاته ودفاعه المستميت عن توجهاته. وقال انه كان يعي أن التصفية في انتظاره وان نهايته قريبة لكنه أصر على مواصلة النضال.
واسترجع في جانب آخر من مداخلته سلسة الاغتيالات السياسية التي شهدها العالم والتي مازالت محل استفهام. وتساءل هل يمكن أن تفلت الحقيقة في قضية الشهيد شكري بلعيد؟ وهل سيكون تدويلها الحل الأمثل؟ واقترح تكوين لجنة تحقيق مستقلة تتركب من محامين وإعلاميين وخبراء أجانب يمكن أن يدفعوا بعجلة الأبحاث نحو الأفضل.
المعركة لم تنته
اعتبر الأستاذ نورالدين حشاد النائب السابق للأمين العام لجامعة الدول العربية ورئيس مؤسسة حشاد لبحث تاريخ الشهيد إن اغتيال الشهيد شكري بلعيد دليل على أن المعركة لم تنته وان المعاناة مستمرة. واستشهد بمقولة والده الزعيم فرحات حشاد «إلى الامام فالمستقبل لنا» وقال إنه يجب مواصلة المشوار لتحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها الشهيد بلعيد.
وأوضح أن السياسة أساس العنف خاصة عندما تقترن بالدين. وندخل بالضرورة في صناعة الموت الممنهج على غرار ما يحصل في لبنان وفلسطين. وطالب أن تكون قضية الشهيد شكري بلعيد من أولويات المجلس الوطني التأسيسي حتى لا تضيع الحقيقة. وتسقط الدعوى بمرور الزمن مثلما عللت به قضية والده وهو طلب نال استحسان الحاضرين.
لم تمر مداخلة الأستاذ حشاد التي تمحورت حول تاريخ الجريمة السياسية دون التطرق إلى واقعة اغتيال الزعيم الشهيد فرحات حشاد وذكر الحضور بتفاصيلها وكيفية وقوعها. وصولا إلى الصعوبات التي اعترضته عند إثارة الدعوى. وأكد أن من يخطط للاغتيال يخطط أيضا للتصرف في ما بعد الاغتيال وهو أمر اعتبره أهم من الاغتيال في حد ذاته.
خصص جانب من الندوة للحديث عن المحكمة الخاصة بلبنان و ظروف نشأتها وطبيعة العمل بها. و شارك كل من الأستاذ جوهان الصوفي عضو مكتب الدفاع بالمحكمة الخاصة بلبنان والأستاذ جون لؤي قليسان المحامي بلجيكا والأستاذ فرانسوا رو رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. في التعريف بذلك. لماذا محكمة خاصة؟
كان لحادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الدافع لإنشاء محكمة خاصة باعتبارها جريمة إرهابية. وقد دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مقاضاة مرتكبي العمل الإرهابي ومنظميه ومموليه. وتم بعث لجنة لتقصي الحقائق إلى بيروت في 25 فيفري 2005 ثم تم الاتفاق على الشروع في تحقيق دولي مستقل. وانشئت لجنة للتحقيق بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن بغية جمع الأدلة ومساعدة السلطات اللبنانية. وقد باشرت مهامها في 1مارس 2009.
تعمل هذه المحكمة الدولية الخاصة على إرساء العدالة الدولية ومحاكمة مرتكبي الأعمال الإرهابية. وتمنح للمتضررين حق المشاركة في الإجراءات وتجيز محاكمة المتهمين غيابيا.
وتطرق الأستاذ فرانسوا رو إلى مسألة الدفاع أمام المحكمة الجنائية الدولية وقال إن مكتب الدفاع بالمحكمة الخاصة بلبنان هو الضامن لحقوق المتهمين ويهدف إلى خلق التوازن وتفادي تضارب المصالح. وهو مكتب مستقل يحمي حقوق المتهمين في جميع المراحل حرصا على محاكمتهم محاكمة عادلة طبق المعايير الدولية كما تسهل عمل المحامين من الشقين.
نشير هنا إلى أن هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد وكذلك عائلته وحزبه لوحوا بإمكانية تدويل القضية وذلك تنديدا بسير الأبحاث وعدم رضاهم عن كيفية التعاطي مع الملف.