شهدت الساحة السياسية خلال الايام الاخيرة بداية نوع جديد من التجاذب بين كل من حركة النهضة وحزب حركة نداء تونس يدور حول من يستقطب الدساترة في ما تبقى من المرحلة الانتقالية ويضمن معهم التحالف والتأييد. احتدت المواجهة بين الحزب الأغلبي في الحكم وحزب رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي مباشرة بعد الاحتفال بذكرى مؤتمر قصر هلال عندما اعلن الاخير عن بداية المعركة من اجل الدساترة بقيادة حركة نداء تونس.
وقال السبسي خلال المؤتمر ان الدساترة هم من جاؤوا بالاستقلال وهم من بنوا الدولة الحديثة مشيرا الى ان حزبه لن يسمح بتمرير قانون الاقصاء او ما يسمى ب«قانون تحصين الثورة» في المجلس الوطني التأسيسي مضيفا في اطار مغازلته للدساترة «انتم ملاك ولستم كراي».
وفي الاتجاه ذاته بدأت مرحلة من المغازلة بين حركة النهضة والدساترة حيث بادر حزب المبادر بالتصويت لفائدة الحكومة في المجلس التأسيسي وهو ما جعل رئيس حركة النهضة يشكر الحزب في ندوة صحفية ويكبر ما اقدم عليه الدساترة من منح ثقتهم لحكومة العريض، كما بدأ عدد من قيادات الحركة يتحدثون عن ان الاقصاء لا يمكن ان يكون بمعزل عن مشروع العدالة الانتقالية ككل وهو ما يعني انها قد لا تصوت لفائدة قانون «تحصين الثورة».
كما لاحظنا خلال الأسابيع الاخيرة ابتعاد حركة النهضة ووسائل الاعلام المحسوبة عليها عن الخوض في مسألة «تحصين الثورة» واقصاء التجمعيين او الدساترة بل انه حتى اذا كانت هناك ضرورة للحديث في تلك المواضيع كانت اصابع الاتهام توجه وتركز على حزب نداء تونس دون غيره في ما كان الاخير يقبل تلك الاتهامات بل ويحاول اقناع الرأي العام «التجمعي» او «الدستوري» بأنه بالفعل هو الحاضنة الاقرب اليهم.
ومن هذا المنطلق طرحت «الشروق» سؤالا حول آفاق هذا الاستقطاب بين النهضة ونداء تونس حول الدساترة؟ ومن سيكون الاقرب ليحتضن أغلبيتهم.
محمد الصحبي البصلي «حزب المستقبل» :لا يمكن لأي تيار ان يأخذ الدساترة
اولا الدساترة عائلة تشتتت بجرة قلم او قرار جائر لم يعط الصورة الطيبة للثورة التونسية وانطلقت كل المشاكل من قرار حل التجمع لا أدافع عن التجمعيين لكن نعرف ان هذا الحزب انفرد بالحكم ولم يكن مقبولا وهكذا بالطبع كان لابد ان تنتهي هذه الوضعية وانتهت لكن ما لا يمكن ان نستأصله هو النفس الدستوري من اخذ القرار لم يفهم انه في كل عائلة هناك نفس دستوري وذلك ما لم يتمكنوا من اقتلاعه وفي الحقيقة ما قاله السبسي في 2 مارس رددناه واستمعنا له لأن العائلة الدستورية هي من أتى بالاستقلال وان وقعت اخطاء يجب ان نتداركها لكن لا يجب ان نعمل بالمثل واقصاء الدساترة هي ممارسة قامت ضدها الثورة وبالتالي اصبح مرتزقو الثورة يقومون بنفس التصرفات التي كان يلام عليها الحزب الحاكم او الدساترة وبالتالي القضية ليست قضية ازاحة التجمعيين بل قضية ثقافية وسياسية ليست هناك ثقافة سياسية لكل من هو يتطفل على السياسة وهم كثر.
وقد اعتبروا ان حزب المبادرة الذي هو شأن رئيس المبادرة وهو يتحمل مسؤولياته في اتخاذه قرار التصويت للنهضة لكن هذا لا يعني في مضمونه انه هناك تنسيق بين الدساترة والنهضة الا اذا اعتبرنا ان السيد كمال مرجان هو رئيس الدساترة اليوم وذلك غير وارد في الوقت الحالي، كما ان التصويت جاء لحكومة استجابت لمطالب المعارضة التونسية في ذلك الوقت وبالخصوص وزارات السيادة وبالتالي عندما استجابت حركة النهضة فأصبح من المعقول ومن الموضوعي ان نصوت من اجل انجاح هذه المهمة لكي نصل الى الانتخابات لذلك لا أرى في تصويت المبادرة لتدعيم الحكومة نقاشا بين النهضة والدساترة.
الدساترة مازالوا مع الاسف مشتتين وهم موجودون في كل الاحزاب وآن الأوان للعائلة الدستورية والحاملة للبرنامج الاصلاحي التونسي والبانية للمجتمع التونسي ان تتجمع وان تضم صفوفها في اطار هاته الجبهة التي نحن عازمون على وضعها كي نساهم بتاريخنا وبماضينا وبتجربتنا في بناء تونس التي نريدها ديمقراطية.
نحن نعتبر ان الدساترة لا يمكن لأي تيار ان يأخذهم لانهم العمود الفقري لتونس والجبهة الدستورية ستجمع العائلة الدستورية، ومن طبيعة الامور ان الدساترة الذين ذهبوا الى احزاب اخرى عندما نهيئ لهم المحتوى سيعودون وكل من هو مؤمن بالمبادئ الدستورية سيعود ويواصل النضال بنفس الحماس ورأسه مرفوع وما قاله الباجي هو حقيقة الامور.
اذا التقينا مع نداء تونس في برنامج انتخابي او سياسي او اقتصادي او اجتماعي قريب من مبادئنا من الطبيعي ان نتعامل معه خاصة وقبل كل شيء يقوده دستوري، بالطبع هناك خلافات مع بعض الآراء لدى بعض المكونين لنداء تونس لكن نعتبر ان الدستوريين يجب ان «يلموا» صفوفهم وبعدها يفكرون في اي التحالفات اقرب اليهم.
بوجمعة الرميلي «نداء تونس» : النهضة قامت بمراجعات في خصوص الدساترة
نحن قلنا منذ ان قدم الاستاذ الباجي قائد السبسي مبادرته اننا تواصل للحركة الاصلاحية كما نعرف ان هناك اطرافا مثل المبادرة تقول انها محاولة لإعادة تجميع الدساترة، العلاقات مع الجانب الدستوري علاقات حوار ولكل منا تصوه الخاص ونعتبر اننا تواصل للحركة الاصلاحية مع الانفتاح على اطراف اخرى.
النهضة لديها لغة مزدوجة حتى انه لديهم شعب دستورية اخذوها بكاملها وقلبوها الى نهضاوية كما نعرف ان الاطراف التي كانت تتحدث عن الاقصاء عملوا كثيرا في هذا الاتجاه ثم قاموا بمراجعات وهذا يخصهم، رأينا في بعض التصريحات انهم رفعوا ايديهم عن قانون الاقصاء وكأنهم عادوا الى موقفنا وهو ان الحل الاسلم للمصارحة والمصالحة هو قانون العدالة الانتقالية في حين ان القانون الاخر هو قانون التشفي، وعندما نسمع كلام الغنوشي وديلو نقول هذا جيد ويدل على الرشد والتعقل وان كانت وراءه تكتيكات سياسية هذا لا يعنينا ولسنا في منافسة معهم رأينا كيف صوت نواب المبادرة مع النهضة نحن كذلك استغربنا المسألة لكنها كانت تكتيكا من النهضة والمبادرة ونحن نلاحظ ولا ندخل ضمنها.
طارق بن مبارك «الناطق باسم الجبهة الدستورية» : نقف على نفس المسافة من كل الاحزاب
الجبهة التي هي بصدد التأسيس بالنسبة للدساترة ليس هدفها الالتحاق بأي حركة اخرى في المشهد بل تعنى بلم شمل الدساترة والدفاع عن مكاسب الحركة الدستورية من استقلال وقيم الجمهورية وحقوق المرأة وكل الانجازات وهذا هدفنا.
نحن نعمل في الميدان السياسي وربما هناك نوايا او افكار لجذب هذا او ذاك لكن نحن همنا ومشكلنا الاساسي هو تونس والخروج من عنق الزجاجة واعتبار مصلحة تونس فوق الجميع في المستقبل ستكون هناك اتصالات او تجاذبات وعندما يحين الوقت سيكون لدينا موقف منها.
موقفنا هو ان الجبهة الدستورية على نفس المسافة من كل الحركات السياسية ربما في الايام الفارطة كانت هناك بعض التحاليل التي تقول اننا سنميل هنا او هناك لكن عندما يحين الوقت سنحدد، نحن ايادينا مفتوحة لكل الاحزاب التي تقاسمنا في نفس التوجه وفي الدفاع عن قيم الجمهورية الحديثة.
كمال مرجان قال منذ انتخاب المجلس التأسيسي اننا مع الشرعية ونؤيد كل موقف لفائدة تونس والتصويت الاخير نابع من نفس الموقف وقد قدم تفسيراته وكل نواياه طيبة، كما اؤكد ان الجبهة الدستورية ترحب وتساند كل من يدافع عن نفس المبادئ.
كان هناك فراغ لاطار يجمع العائلة الدستورية وقد استغرقنا وقتا طويلا في التفكير العميق والنقد الذاتي ومحاسبة انفسنا ذاتيا واتخاذ قرار حول التوجه الذي سنسير فيه بالطبع كل الاطراف تسعى الى جذب الدساترة وحركة نداء تونس رئيسها لا احد يشك في دستوريته ونشاطه لعقود وتفكيره لكن اليوم الجبهة الدستورية بصدد التشكل وسترى النور قريبا وستكون لها مواقف من كل الحركات. تونس منذ 4 آلاف سنة هضمت كل الحضارات التي حاولت فسخها واخذت احسن ما عندهم وتونس لم تهضم ولم تهدم ولن تهزم وتونس تبقى تونس.