من المؤلم جدّا أن من المسلمين في هذا العصر من ظنّ هداه في هواه، وجرفته حضارة زائفة، شديدة الجذب والإبهار، تمثّل المادّة فيها الوسيلة والغاية وتقصي الإنسان كقيمة أولى، عليا، رفيعة وأساسيّة!! بالرّغم من ادعاء مفكّريها وفلاسفتها تأسيس [رؤية إنسانية منقذة للعصر] (انظر: الفلسفة: أنواعها ومشكلاتها لHentermit باريس 1976)، وذلك تنظيرا وتمويها وتضليلا، بعد أن حاربت ومازالت تحارب هذه الأفكار وحضارتها الأديان والرسالات السماويّة الربّانيّة، وآخرها وخاتمها الإسلام، دين الله الحنيف الذي تكن له عداء مجذرا ومبرمجا!! ومن المسلمين من فتنتهم الدّنيا وزينتها، وانحرفت بهم عن طريق الحقّ والصّواب، وسوّغوا لأنفسهم التطلع إلى أحكام الشريعة بالتفسير والتأويل والتعديل، يرومون نقضها وتدميرها وهدمها، بسعيهم هذا البغيض، وماهم ببالغين لتحقيق مشروعهم العدمي !! وليتهم كانوا صادقين، ولكنّهم إذا وجدوا في الكتاب ما يصادمهم، عمدوا إلى إسقاط الدّليل، باقتحام التأويل، عن غير بصيرة، ولا حجّة مستنيرة، وعن جهل عميق ومخجل بأحكام الشريعة الإسلامية السمحة !! لكن عزيزي القارئ، لنقل معا إلى هؤلاء: [على رِسلِكم]، فإنّه والله [لا يصلح آخر المسلمين إلاّ بما صلح به أوّلهم]!! وأن الاعتصام بكتاب الله وسنّة رسوله (ص) هو الذي ينفعهم وينجيهم وينجي الأمّة بأجمعها !! وإن ما أنزل إلينا من القرآن شامل لما يثبت بالسنّة، لقوله تعالى:{وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم، ولعلهم يتفكرون}(النحل: 44). وقوله سبحانه وتعالى: {وما آتاكم الرّسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، واتّقوا الله، إنّ الله شديد العقاب} (الحشر: 7). وقوله جلّ مِن قائل: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر، ذلك خير لكم وأحسن تأويلا}. (النساء: 59).
والرسول الكريم عليه أفضل الصّلاة والتسليم يرشد إلى هذا الحديث المنوّه عنه سابقا والذي يقول فيه: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيّا، فإنّه من يعش منكم بعدي، فسيرى خلافا كبيرا. فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور، فإنّ كلّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». (رواه الشيخان وغيرهما). ويقول ربّ العزّة:{قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحقّ. قل الله يهدي للحق. أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع، أمّن لا يَهَدّي إلاّ أن يُهدى، فمالكم كيف تحكمون}. (يونس: 35).