كما لم ينس الرئيس المؤقت الذي سبق له ان استخدم الملابس الداخليّة (الجورب) في تحاليله لتفسير أفكاره للرأي العام أنّ يذكّر المجتمعين بأنّ حزب المؤتمر ليس عدوّا للنهضة وأنّ «الخط الفاصل ليس بيننا وبين النهضة وإنما بين المتطرفين العلمانيين الذين يقشعر جسدهم لا لذكر كلمة إسلاميين وإنما لذكر كلمة إسلام ولا يقولون لنا بصراحة ما الذي يجب أن نفعله بكل مسلمي وإسلاميي هذا الشعب». من يوجّه من؟
مرّة أخرى يتعمّد الرئيس المؤقت استخدام لفظ «العلمانيّة المتطرّفة» والتي سبق وأنّ نطق بها في الدوحة على هامش مشاركته الرسميّة في القمّة العربيّة وأثارت جدلا واسعا لدى بني جلدته العلمانيّة.
وللملاحظة فحسب ما نذكر فإن راشد الغنّوشي رئيس حركة النهضة كان أوّل من نطق رسميّا بلفظ «العلمانيّة المتطرّفة» في ردّه حول تسريب لقاء مصوّر بينه وبين شباب سلفي قائلا «في تونس لدينا علمانية متطرفة تسعى إلى الصدام والمواجهة معنا وتوجد تيارات علمانية معتدلة قبلنا بها في الحكومة التي استطاعت الجمع بينهم وبين الإسلاميين المعتدلين».
المنصف المرزوقي استخدم ذات اللفظ في مناسبتين مناسبة أولى نطق بها بلسانه ومناسبة ثانية نطق بها بلسان عدنان المنصر الناطق الرسمي باسم الرئاسة وعضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر حين تلا على مسامع المشاركين في اجتماع المجلس الوطني الثالث خطاب الرئيس. والسؤال الذي يُطرح بالمناسبة هو التالي: هل ما ينطق به المرزوقي هو ما يدوّنه له مستشاروه؟ من يُوَجِّه من؟ هل المرزوقي هو من يوجّه ترسانة مستشاريه ويستخدم ما لذّ وطاب من الألفاظ بتزكية متواصلة من مستشاريه دون نقد أو مراجعة أو توجيه أو نصح أو استشارة؟ أم أنّ الرئيس يردّد ما يُدَوَّن له؟ هل انفلت الرئيس عن مستشاريه؟ أم أنّ «المستشارين» لا يقدّمون المشورة والنصح؟...ويقال اسْتَشَارَ فُلاَن تَبَيَّن واسْتَنَار واسِتَشَار في الأمْرِ شَاوَرَه وَطَلَبَ رَأْيَهُ وَطَلَبَ مِنْه المَشُورَة.
زيادة في عدد المستشارين
يضمّ القصر الرئاسي بقرطاج فريقا مساعدا للرئيس المؤقت يضم 19 مستشارا تتوزّع مهامهم بحسب الدوائر (دوائر أمنيّة اقتصاديّة سياسية قانونية عسكرية وغيرها).
تبادل الشارع السياسي في تونس ما بعد استقالة حكومة حمادي الجبالي نهاية شهر فيفري الماضي ومغادرة اعضاء من المؤتمر للحكومة خبر زيادة في عدد هؤلاء المستشارين بالتحاق مستشارين جدد هم في الحقيقة مغادرون لحكومة الجبالي مثل الهادي بن عبّاس كاتب الدولة لدى وزير الخارجية سابقا والذي كُلِّفَ في القصر الرئاسي بمهمّة مستشار للشؤون الديبلوماسيّة.
ويقول منتقدو الرئيس إنّ المرزوقي لا يحتاج الى جيش من المستشارين في قصره الرئاسي لأنّ سلطان التنفيذية غادر قرطاج ما بعد الثورة وتحوّل الى قصر الحكومة بالقصبة حيث يباشر رئيس الحكومة صلاحيّات قيادة الدولة فعليّا.
المكتب الاعلامي في قصر الرئاسة نفى في تصريح ممثّلٍ عنه ل«الشروق» الزيادة في عدد المستشارين قائلا «بالعكس تمّ تخفيض العدد ما بعد استقالة أيوّب المسعودي المستشار الاول المكلف بالإعلام وشوقي عبيد المستشار الاول المكلف بالشؤون الاقتصادية. أمّا بالنسبة لالتحاق الهادي بن عباس كاتب الدولة السابق لدى وزير الخارجية فهو يأتي في اطار سدّ شغور مهمة مستشار اول مكلف بالشؤون الديبلوماسية ما بعد تعيين المستشار الاول السابق رياض الصيد سفيرا لتونس لدى كندا منذ أشهر والذي خلف بدوره المستشار الاسبق عبد الله الكحلاوي المستقيل».
دعم موقف المرزوقي
لعب المستشارون في القصر الرئاسي بقرطاج ما قبل استقالة حكومة حمادي الجبالي دورا في دعم مواقف المرزوقي.
وكان الرئيس المؤقت قد انتقد سابقا أداء الحكومة وطالب بتشكيل حكومة كفاءات مصغّرة قائلا في خطاب توجه به للتونسيين ما بعد أحداث سليانة «المشكلة الكبرى اليوم أنه ليس لنا سليانة واحدة...أخشى ما أخشاه أن تقع أعمال العنف والاحتجاجات في المستقبل في أكثر من منطقة بما قد يهدد مستقبل الثورة». واعتبر المرزوقي في خطابه أن «المصلحة العليا للبلاد تقتضي تشكيل حكومة كفاءات مصغرة غير متحزبة».
موقف لاقى مساندة من مسشتاريه الذين أطلقوا نيرانا صديقة على حكومة حمادي الجبالي من ذلك ما كتبه الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان المنصر في مقال نشره في موقع الكتروني بعنوان «حتى لا تحفر الحكومة قبرها وقبر الثورة» وجه فيه نقدا لاذعا لأداء القضاء الذي اعتبره «لا يستجيب لاستحقاقات الثورة». وتساءل المنصر عن اولويات الحكومة قائلا «لا أحد تقريبا متفق على المهمة التي يفترض بهذه الحكومة أن تنجزها ولا على ترتيب دقيق للأولويات». هذا الدعم إن دلّ على شيء فهو يدلّ على أنّ ما ينطق به المرزوقي قد يكون ما يقدّمه مستشاروه من بدائل وحلول وأفكار وقد يكون لفظ «العلمانيّة المتطرّفة» وألفاظ الملابس الداخليّة دُوِّنَت للمنصف المرزوقي، المناضل الحقوقي العلماني الذي يتولّى منذ بداية ديسمبر 2011 مهمّة رئيس دولة مؤقّت الى حين تنظيم الانتخابات العامة وبناء المؤسسات السياسيّة الدائمة، من قبل مستشاريه.
يتّفق الجميع بأنّ أداء الدكتور المنصف المرزوقي في قصر قرطاج بصفته رئيسا مؤقتا لتونس غير مقنع. فالمناضل الحقوقي بدأ مشواره كرئيس بالتفريق في أول خطاب له تحت قبّة التأسيسي بين التونسيات على اساس اللباس ليصف غير المحجبات بالسافرات. ثمّ وقع الرئيس في العديد من الأخطاء كان آخرها مهاجمة العلمانيين. كما يتّفق الجميع بأنّ وراء كل سياسي ناجح ترسانة مستشارين تعتمد خطّة عمل استراتيجيّة فهم في الحقيقة جنود الخفاء.
منهم المكلف بالأمن الغذائي والوقاية من الكوارث: «جنود» المرزوقي في قصر الرئاسة
وزراء مستشارون لدى رئيس الجمهوريّة: عماد الدايمي (أمين عام حزب المؤتمر): وزير مدير الديوان الرئاسي عبد العزيز كريشان (عضو مكتب سياسي لحزب المؤتمر): وزير مستشار الشؤون السياسية.
المستشارون الأول لدى رئيس الجمهوريّة: عدنان المنصر (عضو مكتب سياسي لحزب المؤتمر) الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية. سامي بن عمارة (حزب المؤتمر): مستشار أول مكلف بالمؤسسات الخاضعة لإشراف رئاسة الجمهوريّة. الهادي بن عبّاس (عضو مكتب سياسي لحزب المؤتمر) مستشار أول مكلف بالشؤون الديبلوماسيّة. إبراهيم نافع مستشار أول مكلف بالادارة العامة للمصالح المشتركة. خالد بن مبارك مستشار اول مبعوث خاص لرئيس الجمهورية.
الامتيازات الممنوحة للمستشارين تعذّر علينا الحصول على أجور المستشارين في القصر الرئاسي. كما تعذّر علينا الحصول على حجم الامتيازات التي يتحصّل عليها هؤلاء باستثناء امتياز السيّارة والسكن بحسب ما أوضحته مصادر من المكتب الإعلامي.
مصادرنا قالت إنّ المستشارين برتبة وزير والمستشارين الأوّل يتحصّلون على امتياز السكن والسيّارة مع توفير سائق خاص فيما يتحصّل المستشارون على امتياز السيّارة فحسب لتسهيل التنقّل.