«المنحة» كلمة سحرية وحّدت معظم النواب, واسقطت كل الخلافات الايديولوجية والسياسية ليقف معظم النواب صفا متراصا امام من يحاول الوقوف في طريق وصولها الى التأسيسي, هذا الاصطفاف المفاجئ ظهرت ملامحه امس في الجلسة العامة. الترفيع في منح النواب معطى اذاب الجليد المتراكم بين شق الترويكا والمعارضة وتقاطعت اراء معظم النواب بمختلف الولاءات في ادانة تصريح الرحوي الذي استطاع ان يوحد ويجمع ما عجز عنه حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق الذي ارهقه البحث عن توافق بين مختلف الاطراف السياسية وعجز عن ذلك, وسلّم المشعل الى رئيس الحكومة الحالية علي العريض الذي خاض لقاءات ماراطونية بين مختلفات الحساسيات السياسية في المجلس التأسيسي لكنه فشل في توسيع رقعة الترويكا ليخرج بعد اسابيع من المفاوضات بترويكا مكررة .
شتائم توجه لمنجي الرحوي
«المال قوام التوافق» مقولة مستحدثة رسخها معظم النواب في التأسيسي امس, بعد ان اعماهم الغضب واطلقوا عقيرتهم بالصياح والشتائم, حيث قالت احدى نائبات حركة النهضة لمنجي الرحوي «نشريوك ونبيعوك يا كلب»، ولم تقف المشادات في هذا المستوى بل وصلت حد التراشق بالتهم والمشاحنات قبل ان يعود النواب الى لجنة التشريع العام لمواصلة النظر في نفس القانون المتعلق بمنحهم وكأن شيئا لم يكن. وكانت الجلسة العامة قد رفعت امس بعد توتر الجو العام بين النائب منجي الرحوي وعدد من النواب حول تصريحه الذي تحدث فيه عن المنحة ,واضطر رئيس الجلسة العامة والنائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي العربي عبيد الى رفع الجلسة بعد ان عجزا عن السيطرة على الجلسة العامة . مقال «الشروق» يثير الخلاف
التوتر في الجلسة العامة حصل بسبب المقال الصادر في جريدة الشروق في عدد الامس والمتعلق بتقديم منح لنواب المجلس التأسيسي على خلفية مناقشة مشروع مقترح ينظم العمل في المجلس التأسيسي ,واجتمع معظم النواب حول ادانة تصريح النائب منجي الرحوي الذي انتقد تمتيع النواب بمنح اضافية في الوقت الذي تعاني فيه تونس من اشكالات مالية ترهق الاقتصاد التونسي .
رئيس كتلة حركة النهضة الصحبي عتيق قال انه من غير المعقول استهداف كتلة معينة دون باقي الكتل ومشروع القانون ينسحب على كل النواب, واستظهر في خطابه الموجه الى نائب المجلس التأسيسي عن الجبهة الشعبية بصحيفة «الشروق» وتحديدا بالمقال الذي تم نشره امس تحت عنوان «قانون يثير خلافا في التأسيسي ,ملياران منح للنواب و39 مليونا لمحرزية العبيدي».
كما اعتبر الصحبي عتيق ان مثل هذه التصريحات «غير مسؤولة» واضاف انه من غير المعقول التوجه مباشرة الى النائبة الاولى لرئيس المجلس محرزية العبيدي .
منجي الرحوي نائب المجلس التأسيسي عن الجبهة الشعبية قال ان كل ما قاله سابقا «صحيح» ,وتم منعه من اكمال حديثه بعد ان حصلت مشاحنات شديدة وجه خلالها عدد من النواب اتهامات لاذعة لمنجي الرحوي ,وعجز النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي العربي عبيد عن السيطرة عن مجريات الجلسة العامة بعد ان قام عدد من النواب من مقاعدهم ووتروا الجو العام ومنهم النائبان عبد الستار الضيفي ومبروك الحرزي.
وعند خروجه من قاعة الجلسات العامة صرح النائب منجي الرحوي ل«الشروق», ان النواب الذين يحتجون اخذوا 7 الاف دينار مؤخرا ومحرزية العبيدي اخذت 37 الف دينار والان كل نائب ينتظر ان يأخذ 8 الاف دينار كمنحة .
«جشع» النواب
ودعا النائب منجي الرحوي الشعب الى التظاهر سلميا ,وطالب النقابات بالمطالبة بالزيادة في المنح, واعتبر ان مطالبة بعض النواب بالزيادة في المنحة «جشع» واشار الى ان هناك في تونس من يتقاضى 100 دينار او 150 دينارا تعيش منها عائلة ,واضاف ان نواب حركة النهضة هم من احتج عليه واستهدفه ,وشدد على ان الفصل المتعلق بالزيادة في المنحة اقترحه مقرر الدستور الحبيب خضر منذ مدة في جلسة ليلية وتحديدا بعد منتصف الليل.
واشار الرحوي الى انه يقول الحقيقة كما هي وبلا تزييف «هذا موقفي الحقيقة اقولها كما هي و لا ازيف الحقائق» . كما هدّد بالاستقالة من التأسيسي في صورة ما إذا كان كلامه خاطئا وطالب باستقالة النّواب الذين عارضوه إن ثبت انه على حق.
تحريض ومزايدة
واضاف «لا توجد فيه الاشارة البتة الى زيادة في المنح او غيرها وهذا الموضوع المثار اليوم لا يعدو ان يكون من باب التحريض والمزايدة السياسية فالنائب المنجي الرحوي منذ قليل وفي تسجيل لاحدى القنوات دعا الشعب الى الثورة وهذا في غير محله ولا يكشف عن شيء الا عن نية مبيتة لمزيد تأزيم الوضع في البلاد».
كما اشار الى انه في ما يتعلق بمنحة السكن فمن المعلوم ان النواب قد تنازلوا عن السكن في النزل وكان انذاك تم النقاش في جلسة عامة بتعويض ذلك بمبلغ قدره 900 دينار والى الان لم يتم صرف اي مبلغ منها وهي محل جدل قضائي مع العلم انها وفرت للمجلس ارباحا تناهز 700 الف دينار.
اما رئيس كتلة التكتل المولدي الرياحي فقال انه «مع كل المودة التي تربطني بمنجي الرحوي فاني اعتبر مثل كثير من نواب المجلس ان ما قاله يجانب الحقيقة ويغالط الرأي العام, ويركب موجة «شعبوية» من المفروض ان نتجنبها».
مصارف النواب مشطة واضاف «اما عن اصل الموضوع فان اسناد الاستقلال المالي والاداري للمجلس امر طبيعي ومطلب عليه توافق واسع لانه سيساعد على حل عديد المشاكل العالقة و المتعلقة بمستشاري المجلس وموظفيه وعملته, هذه المشاكل تتعلق خاصة بتسوية الوضعية المهنية وبالترقيات المتعطلة, هذا علاوة على ان ظروف عديد النواب اصبحت صعبة اليوم وخاصة من النواب المنتخبين عن التونسيين بالخارج والنواب الذين يعيشون في تونس بعيدا عن عائلاتهم ويتحملون مصاريفهم الخاصة هنا ومصاريف عائلاتهم في الولايات الداخلية, علما وان عملية الكراء في محيط المجلس وفي العاصمة أصبحت مشطة. فبالتالي ليس من حق الاخ منجي الرحوي ولا غيره من النواب ان يتحدث عن منح خيالية يتمتع بها النواب او يريدون اسنادها الى انفسهم و ليس من حقه ان يتحدث عن السيدة النائبة الاولى للرئيس بذكر منح خيالية تتمتع بها لا علاقة لها بالواقع, هذا علاوة على ان هذه الاقوال تمس من سمعة النواب و من سمعة المجلس عامة».
اما محمد الحامدي رئيس الكتلة الديمقراطية قال ان ماقاله النائب منجي الرحوي لا يمثل موقف الكتلة ولا يلزمها وهو يلزم الرحوي فقط. واضاف «ليكن الامر واضحا بلا مزايدة ولا شعبوية نحن نرفض كما سبق ان رفضنا اي زيادة في جراية النواب ولكن لا علم لنا بما ورد في تصريحات الزميل منجي الرحوي ولا ندري مدى صحته لذلك اكتفينا بالقول انما نسب للمنجي الرحوي لا يلزمه الا هو».