يُقرّ الاطباء وأخصائيو الاستشفاء الطبيعي والباحثون في علم الاحياء بأن القضاء على أمراض العصر وتأخير الشيخوخة وحفز وتقوية جهاز المناعة لا يمكن ان تتحقق الا من خلال العلاج الطبيعي. ويؤكد هؤلاء على ان هذا العلاج يبدأ من البحر وينتهي عند مياهه ومنتوجاته فجميعها كنوز للصحة والحياة. من هذه المنتوجات يبرز بقوة العلق النباتي البحري كأحد اهم مستخلص قادر على تحقيق اهداف هؤلاء الاطباء والاخصائيين والباحثين بل ويمنح الانسان اكسير الشباب والحياة. هذا الكلام ليس من وحي الخيال او الأحلام ولكنه واقع استنتجته «الشروق» من مداخلات ونقاشات دكاترة وباحثين ومختصين من تونس والجزائر وفرنسا خلال ملتقى الاستشفاء المائي والبيئي الذي نظمته مجموعة «بيومار» العالمية يوم السبت 21 فيفري الجاري باحد نزل «حمام بورقيبة». ما هو العلق البحري؟ وكيف يتم «تصنيعه» واستغلاله في الاستشفاء الطبيعي؟ والى اي مدى يمكن ان يحقق العلق اهداف الراغبين في الصحة والشباب؟ وماهي الأمراض التي يمكن لهذا النبات البحري القضاء عليها؟ هذه الاسئلة وغيرها بحثنا عن اجابات علمية عنها مع الدكتور ابراهيم الدريدي الباحث والمختص في هذا المجال وصاحب اول مزرعة بحرية متوسطية في الاستشفاء البحري. غني بالمعادن يعرّف الدكتور ابراهيم الدريدي العلق النباتي البحري قائلا: «هو نبات مائي من دون جذور اذ يعْلق بالصخور والتربة تحت الماء. وهو يوفّر حوالي 70 من الأوكسيجين الذي نستهلكه. كما انه غني ببعض المعادن وخاصة منها المانغنيزيوم المفيد جدا لصحة الانسان وايضا الكالسيوم والصوديوم والحديد.. وقد دخلت هذه الكلمة في الالفاط العلمية النباتية بأوروبا منذ سنة 1501 . وقد نصّ القرآن الكريم على ان الله عزّ وجلّ قد خلق الانسان من علق، وهي التسمية المتداولة عالميا وفي كل اللغات . لكن هناك من يقع في الخطإ، باستعماله لفظة «طحلب» (جمعها طحالب) في حين ان اللفظة العربية الفصيحة هي «علق». وفي بعض اللغات يُقال: «ألا» Alaga . يمنع الشيخوخة هناك انواع كثيرة من العلق مثلما يذكر الدكتور ابراهيم الدريدي، وتبدأ عملية استغلاله اثر صيده ووضع بعض الاغصان منه مجمّعة في حوض مائي طبيعي. ويواصل قائلا: «هذه الاغصان تُصبح عاجزة عن الطفو وهو ما يجعلها تقع فوق الطين البحري الذي يفتقد للأوكسيجين. وتتعرض هذه الاغصان الى عملية تخمير اعتمادا على بعض الجراثيم. ويقع في مرحلة لاحقة تحويل هذا العلق المخمّر الى مراهم ومستحضرات تصلح كلها لغسل الشعر وتخليص فروة الرأس من القشرة والجروح وترطيب البشرة وحماية بقية اعضاء الجسم من اشعة الشمس والشيخوخة المبكرة، وايضا كريمات وعقاقير وصابون وغيرها التي تلعب دورا كبيرا في القضاء على امراض العصر التي سيأتي ذكرها لاحقا، وزيادة الطاقة الجسمية وابراز قوى الانسان الفيزيولوجية المختلفة بما فيها المقدرة الذهنية والذاكرة». القائمة تطول ولا تنتهي قائمة الامراض التي يمكن القضاء عليها من خلال استعمال مستحضرات العلق النباتي البحري، وهي مثلما يذكر الباحث ابراهيم الدريدي: الترهل والسمنة المتعبة والإقبال على السكريات والدهنيات بإفراط والعطش المتزايد والتعرق الدائم والحبوب على الوجه والجسم والبثور وحب الشباب والصداع النصفي والأرق والتجاعيد وتساقط الشعر والكوليسترول وآلام الاطراف والأرق والتشنج العصبي والروماتيزم وآلام الظهر والذاكرة الضعيفة. ويضيف قائلا: «لقد امكن احراز نتائج هائلة في مساعدة الرياضيين على استغلال طاقتهم اثناء ممارسة الرياضة والمباريات وايضا الطلبة المرهقين على التركيز ايام الامتحانات وغيرها. ولعل هذه القائمة تطول باعتبار تعدد انواع امراض العصر مع ان اجدادنا اعتمدوا كثيرا على البحر ومنتوجاته من اعشاب وحيوانات وتربة وغيرها في علاج بعض الامراض. وقد اخذ الغرب عنّا استخدام الاملاح المعدنية والأعشاب البحرية وطبّقوها في كل شيء حتى على الرياضيين وجاءت بنتائج مذهلة». دينار واحد قد يتساءل المرء عن كيفية استعمال واستغلال منتوجات العلق النباتي البحري للقضاء على تلك الامراض التي ذكرناها سالفا. كما قد يسأل كل من يرغب في التمتع بمزايا هذا النبات البحري عن تكلفة المستحضر والعلاج. حول هذين السؤالين يقول الدكتور ابراهيم الدريدي: «مستحضرات العلق النباتي البحري لا تخلّف اي اضرار جانبية لأنها طبيعية بنسبة مائة بالمائة على عكس الأدوية الكيمياوية التي تسوّق بالصيدليات. ونستفيد من مستحضرات العلق النباتي البحري من خلال طلاء الشعر والجسم ويمكن أكلها دون الخشية من حصول اي اصابة. وتكمن اهمية مستحضرات العلق النباتي البحري في امكانية استعمالها بمفردنا بالمنزل يوميا وفق طريقة سهلة وبسيطة وغير مكلفة». قاطعنا الدكتور الدريدي لنسأله عن التكلفة الحقيقية لهذا المستحضر فأجاب قائلا: «النقاهة المنزلية او كما يطلق عليها استعمال مستحضر العلق النباتي البحري لا تكلّف الانسان اكثر من دينار واحد في اليوم. ونتيجتها مضمونة مائة بالمائة وهي تمكّن الانسان من حيوية وشباب وصحة لا يمكن له ان يوفرها او يحققها بواسطة اي دواء او علاج كان إلا بالاستشفاء البحري». توازن الباحث ابراهيم الدريدي الذي بعث سنة 1988 اول مزرعة بحرية متوسطية في الاستشفاء البحري وتختص في انتاج العلق وتحويله الى مستحضرات للعلاج الطبيعي والاستشفاء المنزلي الخاص، اكد في اكثر من مناسبة تحدثنا فيها اليه، ان جسم الانسان يقوم على الحقيقة العلمية القائلة بأن لياقة الجسم ومناعته واعتداله تعتمد على توازن الاملاح والمواد المعدنية فيه. ويضيف قائلا: «ان اي خلل في تركيبة هذه الاملاح ينعكس سلبا على الجسم داخله وخارجه ويهدد بحدوث مضاعفات يصعب علاجها اذا استفحلت معنى ذلك ان جسم الانسان يقوم بتبادل الاملاح تماما مثل النباتات وعندما يحصل توازن فيها تنشط خلايا الجسم. ووضع مستحضرات العلق النباتي على الجسم يؤدي هذه الوظيفة ويُكسب الانسان توازن الاملاح في جسمه وبالتالي يصبح امله في الحياة اكبر وتزداد حيويته». علاج للانسانية ولأن هذا المنتوج النباتي البحري على غاية من الأهمية فإن عديد الدول الاوروبية لم تتأخر في الحصول على هذه المستحضرات من بلادنا خاصة وان المواصفات العالمية التي يمتاز بها العلق التونسي يشهد لها بالجودة العالية في اوساط علماء البيولوجيا والإحياء وغيرهم. ويذكر الباحث ابراهيم الدريدي في هذا السياق قائلا: «ان انتاج العلق النباتي البحري بمواصفات عالية الجودة تجعلنا متأكدين من اننا بصدد «تصنيع» «دواء» هام للإنسانية سيسهم في تأخير الشيخوخة والقضاء على عديد الامراض المتفشية في العصر الحالي». اسماعيل الجربي ** دكتور في الاقتصاد أولا وخبير في الاستشفاء البحري ثانيا الباحث ابراهيم الدريدي دكتور مختص في التخطيط الاقتصادي والمالي. تحصل على شهادتي دكتوراه الاولى في الموارد البشرية والثانية في الموارد المالية. وقد اختص في الاستشفاء بالتنشيط البحري منذ 25 سنة وقام بعدة دراسات عن التنشيط البحري والاستشفاء بمياه البحر. كما انه شغل خطة خبير في اليونيسيف والمنظمة الدولية للأمومة والطفولة. عمل بالخارج لعدة سنوات في هذا المجال وعاد لتونس لينشئ اول مزرعة بحرية للعلق النباتي.