دخل «الجوال» البيوت والجيوب والمكاتب وآنس الناس فاستأنسوا به، وبات طرفا في كل مجال وعلى كل صعيد. وتدرّج استعماله حتى طالته أيدي العابثين، فأسّس بالتالي الى عديد القضايا التي تكاد لا تخلو منها جلسات الدائرة الجناحية بمحكمة بن عروس. تتكدّس شكاوى سرقات الجوال ونشلها في مراكز الأمن. وتسري كلمة الجوال على ألسنة القضاة والمحامين والمتقاضين سريان النار في الهشيم حاملة عناوين مختلفة لقضايا مستحدثة كالغزل الفاضح والدّعوات الاستثنائية جدا، الموجّهة الى فتاة عزباء وامرأة محصّنة وعجوز للاستجابة لنداء «S.M.Sس مجهول المصدر ولكنه معلوم الهدف : انه الحاق الأذى بالآخر واخضاعه الى الازعاج والمضايقة والبلاغات الكاذبة.. وهي مروقات نتجت عنها مواقف تضرّر من جرّائها عدد كبير من النّاس نورد بعضها.. صور من القذف نفد صبر امرأة متزوجة جرّاء ما خضعت له طيلة أيام عديدة من استفزاز عبر جوّالها وماعانته من رسائل لا أخلاقية مذيّلة برقم هاتف تجهل هوية صاحبه فتقدمت بشكوى الى فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني ببن عروس فقاموا بالاجراءات الضرورية واستطاعوا بمساعدة المصالح الجهوية للاتصالات الكشف عن صاحب الرقم المفترض فتمّ استدعاؤه. وبالتحقيق معه تبيّن أنه مواطن من مدينة سيدي بوزيد، بعيد تماما عن الشبهات وليست له أية علاقة بالرسائل الموجهة الى المتضررة رغم أن الرقم رقمه، فأطلق سراح الرجل. ومثل هذه الحادثة تعرضت لها ربّة بيت أخرى، تقطن بجهة بومهل، داهمتها الرسائل وحوّلت حياتها الى خوف على مصير العائلة لو تطورت الأمور نحو شكّ الزوج بأخلاقها، فسارعت برفع أمرها إلى أعوان الأمن الذين تعرفوا على صاحب الرقم وتبيّن أيضا أنه كهل على خلق كريم وبعيد عن كلّ شبهة فأطلق سراحه أيضا.. وطفا على السطح سؤال لغز ما هي الخدعة التي يستعملها العابثون لاظهار رقم مخالف لأرقامهم على شاشات جوالات مخاطبيهم؟ صور من الخداع نشرت خريجة جامعة على أعمدة احدى الصحف اعلانا للبحث عن عمل أرفقته برقم جوالها فتلقت مكالمة هاتفية ادّعى فيها المخاطب أنه يؤمن لها وظيفة مغرية في شركته الكائنة بإحدى مدن الساحل.. فتحوّلت الفتاة على متن القطار ووجدت في انتظارها سيارة نقلتها الى مقر اقامة الرجل عوضا عن مقر شركته.. تمكنت المخدوعة من الفرار في الوقت المناسب وتشكت الى مصالح الأمن الذين اكتشفوا أن الجوال الذي استعمل للاتصال بالفتاة وقع نشله من صاحبه. وبالسؤال عن ظاهرة استعمال الهواتف الجوالة لأغراض دنيئة حصلنا على معلومات من فرقة الشرطة العدلية بسيدي البشير تفيد أن عشرات الشكاوى يتقدم بها المواطنون (من النساء والفتيات خاصة) من أجل «الاعتداء على الأخلاق الحميدة والقذف بواسطة الهاتف» ويولي أعوان الفرقة كل الأهمية الى هذه الشكاوى غير أنهم يصطدمون بطول الاجراءات الادارية للحصول على هويات أصحاب الأرقام (محضر لدى عدل منفذ، عريضة دعوى، تسخير..). وحين يتعرف المحققون على صاحب الرقم غالبا ما يتبيّن أنه فقد جوّاله.. وأكد مصدرنا أن أغلب العابثين هم ممّن يسرقون أو ينشلون الاجهزة ويستعملونها لإقلاق راحة غيرهم مستغلين الأرقام المخزّنة في ذاكرة الجوال ذاته. أما عن الحلول فقد اقترح المصدر ذاته أن تحدث مصالح الاتصالات دلائل خاصة بحرفائها تحمل عناوينهم القارة فتحدّ بالتالي من ظاهرة التستر والتخفي وراء أرقام هواتف تعدّ بالملايين الآن.. اثبات المضرّة في بن عروس أكد أعوان الشرطة العدلية أن ظاهرة القذف بواسطة الهواتف الجوالة انتشرت كثيرا وبصفة خاصة «الرسائل» وأفادوا أن الأسلوب المتبع لتعقب العابثين يقتضي أن يقوم المتضرر بإثبات الرسائل الموجهة إليه بواسطة محضر لدى عدل منفذ ثم يتقدم بعريضة الى وكيل الجمهورية الذي يأذن بالبحث في الغرض (تسجيل المكالمات وتتبع أرقامها عن طريق مؤسسات الاتصالات) وقد ثبت الى حدّ الآن نجاعة هذا التمشي خاصة في اثبات المضرّة.