عاجل/بعد الاعتداءات الاخيرة: عميد المحامين يوجه هذه الرسالة الى رئيس الجمهورية..    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    فتح تحقيق ضد خلية تنشط في تهريب المخدرات على الحدود الغربية مالقصة ؟    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    أوّل أمريكيّة تقاضي أسترازينيكا: "لقاحها جعلني معاقة"    الترجي الرياضي: اليوم إنطلاق التحضيرات .. و"كاردوزو" يقصي لاعبين من النهائي    عقوبة التُهم التي تُواجهها سنية الدهماني    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    بن عروس: اصابة 5 ركاب في اصطدام شاحنة بسيّارة أجرة تاكسي جماعي    وزراء الصناعة والتجارة والفلاحة يؤكدون ضرورة توفير الأسمدة طبقا لخصوصية كل فترة من الموسم الفلاحي    تركيز نظام معلوماتي للتقليص من مدة مكوث البضائع المورّدة بالمطار ..التفاصيل    عاجل/ الديوانة تحذر التونسيين العائدين من الخارج..وهذه التفاصيل..    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    عاجل/ مستجدات الكشف عن شبكة دولية لترويج المخدرات بسوسة..رجلي اعمال بحالة فرار..    تحذير من الديوانة بخصوص المبالغ المالية بالعُملة الصعبة .. التفاصيل    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المعهد النموذحي بنابل ...افتتاح الأيام الثقافية التونسية الصينية بالمعاهد الثانوية لسنة 2024    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    نقابة الصحفيين تنعى الزميلة المتقاعدة فائزة الجلاصي    أخبار المال والأعمال    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    بقيمة 25 مليون أورو اسبانيا تجدد خط التمويل لفائدة المؤسسات التونسية    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    غوغل تطلق تحديثات أمنية طارئة لحماية متصفح Chrome (فيديو)    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    صادم/ سائق بشركة يحول وجهة فتاة ويتحرش بها ويحاول اغتصابها..    عاجل : أكبر مهربي البشر لأوروبا في قبضة الأمن    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 79 ألف جريح..    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    ملفات «الشروق» (4) كيف تغلغلوا في الجامعات التونسية؟.. عندما يتحكّم الفساد يكون المجد للصامدين    مذكّرات سياسي في «الشروق» (22) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... ...لهذا كنّا نستورد الحبوب من أمريكا    مقتل 14 شخصا بعد انهيار لوحة إعلانية بهذه المنطقة جراء عاصفة رعدية..#خبر_عاجل    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الطواقم الطبية تنتشل 20 شهيداً جراء قصف للاحتلال الصهيوني على منازل جنوب قطاع غزة    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية : التشريعات الجارية المنظمة لشؤون التراث في حاجة الى تطوير وإعادة نظر ثقافة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا تصبح الوصفات «خلطات» والإبداع «ابتداعا»: من يحمي أكلاتنا ومطبخنا من «مَغَص الابتكار الزائف»؟!
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

تزخر مختلف جهات تونس بتراث غذائي تقليدي يميزها عن بعضها ويبرز مكانتها الحضارية التي تتمتع بها.
ولعل ثراء المخزون التراثي ونخص منه المطبخ والأكلات التونسية تجعلنا نحتل مكانة متميزة بين سائر البلدان الشقيقة والصديقة التي تربطنا بها علاقات في مجال السياحة، ومن هذه البلدان نذكر بلدان البحر الأبيض المتوسط.
ولأن في كل اختصاص نجد فئة من الدخلاء الذين يغيرون و»يفتون» بغير علم أو معرفة، فإن الطبخ أو مهن الإطعام هي احدى القطاعات الحساسة التي تتضرر كثيرا كلما ولج اليها أصحاب البدع من مدعي «الابتكار الزائف» في المطبخ والأكلات.
وفي سياق المثل الشعبي القائل «الطبخ دبارة وشطارة» أحدثت مجموعة من الاختصاصيين والمهتمين اسم «المنتدى المتوسطي لمهارات الإطعام» فإلى أي مدى يمكن لهذا المنتدى أن يحقق النهوض بمهن الاطعام ومهارات الطبخ؟ وكيف يمكن صدر كل المحاولات الوهمية للابتكار الزائف في أكلاتنا التونسية والأطباق المتوسطية؟ وإذا سلمنا بضرورة التطوير فكيف يمكن تحقيق ذلك من دون المس بأصالتنا وتراثنا الغذائي؟
هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «الشروق» على رئيس المنتدى السيد الأزهر الضيفي وعلى ثلة من الاختصاصيين والميدانيين في مجال الإطعام.
يستحضرنا ونحن في بداية هذا المقال ذاك الطبق الفائز بالجائزة الثانية في المسابقة الوطنية لاختيار أحسن طبق حول محور السمك والذي انتظم منذ أكثر من سنة. فقد جميع رئيس المطبخ صاحب الطبق بين «السردينة» و»الياغورت» وغيرهما من المكوّنات التي لا تنسجم مع بعضها البتة. ولكن رغم ذلك فقد فاز بالجائزة الثانية!
بدعة
وإن كنا من كلامنا هذا نرمي الى انتقاد لجنة التحكيم في ذاك الوقت فإننا نعتبر هذا الطبق بدعة لا إبداعا يستحق جائزة.
ونأتي إلى الخطوة الصائبة التي حققتها لجنة تحكيم مسابقة هذا العام (نفس اللجنة تقريبا) بتتويجها طبق حول محور «العجين وزيت الزيتون» أعده صاحبه من خلال استغلال ثمرة «الخروب» لصنع «الحلالم» ومضيفا إليه بعض الأعشاب العطرية وغيرها من المكونات التي تنسجم مع بعضها ولا تشكل أي نشاز في فن الطبخ والإطعام.
ذكرنا كل هذا الكلام لنبين إلى أي مدى يمكن أن نبتدع في أكلاتنا أو نحقق الاضافة لهذا الفن.
مهارات ومبادرات
وفي الحقيقة من منا لا يرغب في تناول طعام ذي نكهة ومذاق جيد وقيمة غذائية معتدلة وتنوع متوازن؟ ولهذا السبب سوف يركز المنتدى المتوسطي عمله ونشاطه على مَهَارَات الإطعام.
يقول السيد الأزهر الضيفي رئيس المنتدى «نحن نهدف إلى النهوض بمهن الاطعام ومهارات الطبخ في حوض البحر الأبيض المتوسط عموما وتونس خصوصا كما سنبرز المكانة الثقافية لهذه المهن والمهارات وثراء مخزونها الحضاري وطبعا سيقع التركيز على دور الاطعام والطبخ في الدورة الاقتصادية والتجارية والسياحية مع تنظيم عدة تظاهرات في هذا المجال».
ويضيف محدثنا قائلا : «نحن نعتزم القيام بعدة مبادرات في هذا الفن مثل مزيد إبراز الاختصاصات التونسية في المحافل المتوسطية والعمل بمنظومة «لكل جهة اختصاص» نظرا لما تزخر به الجهات التونسية من تراث في المواد وطرق اعداد الأكلات بالاضافة الى تنظيم حلقات تكوينية في اطار التعاون اللامركزي وتنظيم تظاهرات تبرز أهمية مهن الإطعام في التنشيط السياحي».
السيد الأزهر الضيفي واصل يتحدث حول المراحل المتعددة التي يمر بها الطبق أو الأكلة حتى تصل إلى فم الإنسان لذلك لا بد من متابعة كل هذه المراحل حتى لا تحيد احداها بجودة الطبق نحو أسفل الدرجات.
كما أن مهن الإطعام والكلام للسيد الضيفي، هي في حد ذاتها فن له مقاييس ابداعية وله مواصفات محددة. فجمهور هذا الفن هو الإنسانية جمعاء بخلاف سائر الفنون الأخرى التي لها جمهور معيّن.
حول المائدة
يقول عالم التغذية الفرنسي «كيرنونسكي» : «أحسن الأوقات هي تلك التي نقضيها حول المائدة».
هذه القولة ذكرها لنا السيد لطفي بوعبدة مدير مطاعم سلسلة نزل سياحية شهيرة بتونس وهو بهذه العبارة يختزل أسعد الأوقات التي يعيشها الإنسان يوميا، حول مائدة الطعام.
ويعتبر السيد لطفي أن عديد الأكلات التونسية التقليدية قد نسيتها العائلات في حين نجد عددا من النزل السياحية بصدد احياء هذه الأطباق.
ويضيف قائلا «المدفونة أو حجر قرطاج وغيرهما ابتعدت عنها العائلات التونسية ونسيتها تماما، لكن في المقابل نعمل نحن جاهدين لاحيائها وابرازها للسائح التونسي والأجنبي».
وعن التطوير والإبتكار في الأكلات يقول السيد لطفي بوعبدة : «سوق السياحة العالمية أصبح يشهد منافسة شديدة لذلك يجب أن نرتقي بأطباقنا فنطورها ونبتكر فيها دون أن نمسّ بأصالتها مثال ذلك الكسكسي. فنحن نعرف في عائلاتنا «الكسكسي باللحم» أو «بالحوت» أو «بالدجاج» أو «بالعصبان» رغبتنا في الارتقاء بهذا الطبق جعلتنا نعدّ طبق «كسكسي بالكروفات والمول والكلامار واللحم الحوت والدجاج» وقد لاقت هذه الوصفة الجديدة رواجا كبيرا وأصبحت الأكلة المفضلة للأفواج السياحية التي نستقبلها».
سألنا السيد لطفي بوعبدة عن الجانب الغذائي في هذا «الابتكار» الذي جمع بين عناصر كثيرة من نفس النوع الغذائي فأجاب قائلا : «نحن لا نعد أطباقا من دون العودة الى المقاييس الغذائية المعمول بها في القطاع السياحي. كما أننا على اطلاع دائم ومستمر بجديد علوم التغذية. أما بخصوص طبق «الكسكسي» الذي حدثتكم عنه منذ قليل فهو بدوره يخضع للمقاييس الغذائية مع زيادة طفيفة من عنصر البروتينات».
ويرى السيد لطفي بوعبدة أن مهن الإطعام ليست مثل بعض المهن الأخرى التي يكتفي فيها الإنسان بالدراسة ونيل الشهادة، اذ أنها (مهن الأطعام) تتطلب ممن يمارسها الموهبة أولا ثم الدراسة والمتابعة المستمرة لكل جديد يطرأ فيها.
خطوط حمراء
دعوة السيد لطفي بوعبدة الى الارتقاء على حدّ قوله، بأكلاتنا التونسية في نهاية الأمر دعوة للإبتكار.
وقد تعاود تلك «الخلطة» (سردينة بالياغورت) الحضور بمخيلتنا ونحن نتحدث عن «ضرورة الابتكار» في أكلاتنا وحتى لا تختلط علينا الأمور سألنا رئيس المطبخ فتحي الكحلاوي صاحب طبق «حلالم بالخروب وزيت الزيتون والخضر» الفائز بالجائزة الأولى في المسابقة الوطنية الأخيرة للطبخ، سألناه عن الخطوط الحمراء التي يجب أن لا يتجاوزها «المبتكر» فأجاب قائلا : «أولا يجب أن تكون مكونات الطبق من المواد الغذائية المتوفرة بالسوق المحلية وأسعارها غير مرتفعة وثانيا يجب استعمال هذه المواد دون «التفلسف» فيها كثيرا وثالثا يجب أن تنسجم عناصر الطبق مع بعضها وتتناغم وأخيرا يجب أن يكون الطبق ابتكارا حقيقيا، وليس اضافة صغيرة لطبق موجود منذ مئات السنين».
رئيس المطبخ فتحي الكحلاوي في رصيده عديد الأكلات المبتكرة نذكر منها «قرماشي بالجرجير» (نال به الجائزة الأولى في مسابقة الطبخ للسنة الفارطة و»مناني في سفساري» و»مِثرد النعامة» و»عصبان كلامار في قلة» و»طاجين زمبرة» و»كسكاس الشفاء» (الإسم الثاني الذي أطلقه على طبق «حلالم بالخروب وزيت الزيتون والخضر»)... ولعل كل هذه الأطباق المبتكرة يختزلها الهدف الأول للمنتدى المتوسطي لمهارات الاطعام وهو «النهوض بمهن الاطعام ومهارات الطبخ في حوض البحر الأبيض المتوسط».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.