تعرض مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) جورج تينيت إلى استجواب مكثف من لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي خلال جلسة سرية عقدتها يوم أمس الأول الخميس. وقال عضو اللجنة ديك ديربن أن تينيت قد اعترف بارتكابه «أخطاء خطيرة» في المعلومات الاستخبارية الخاصة بالحرب على العراق. وقد جاءت هذه الاعترافات في الوقت الذي يتصاعد فيه الانتقاد الموجه إلى المخابرات الأمريكية لفشلها في الحصول على معلومات استخبارية حول المقاومة العراقية تمكنها من اختراقها والقضاء عليها. وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن ال «سي آي إيه» بعثت على وجه السرعة إلى بغداد عددا من ضباطها السريين يصل إلى أربعة أضعاف العدد الذي كانت تعتزم إرساله، ولكنها لم تحرز سوى نجاح ضئيل في ملاحقة خلايا المقاومة العراقية. وكان من المفترض في الأصل أن تقتصر مهمة ال سي آي إيه في العراق على 85 ضابطا ولكن العدد ازداد إلى أكثر من 300 ضابط متفرغ ونحو 500 من العاملين بنصف دوام ومقاولين في مهمات مؤقتة. وعلى الرغم من الكم الكبير لبعثة ال «سي آي إيه» في العراق التي تعتبر الأكبر منذ سايغون في فيتنام قبل ثلاثين عاما، فإن جهود المخابرات الأمريكية لاختراق العراقيين والحصول على معلومات استخبارية عن المقاومة لم تحرز تقدما ملموسا، وقد زاد من صعوبات عمل الوكالة في العراق الضغوط التي تمارسها القيادة العسكرية الأمريكية والبيت الأبيض لإنهاء المقاومة وفرض الاستقرار في العراق مع اقتراب موعد تسليم السلطة للعراقيين في نهاية شهر جوان المقبل، الأمر الذي تسبب في إحداث تغييرات مستمرة على صعيد هيكلية القيادة الاستخبارية في العراق، ففي شهر ديسمبر الماضي تم استبدال رئيس محطة ال «سي آي إيه» في بغداد بضابط أكثر خبرة للتعامل مع التحديات غير المتوقعة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول مخضرم في ال «سي آي إيه» قوله إن الوكالة حاليا «تنتشر بما هو أكثر من طاقتها، حتى في الوقت الذي تقوم به في حملة تاريخية لتجنيد عناصر جديدة»، مشيرا إلى أن تصاعد العنف في العراق يجعل من الصعب جدا على الوكالة أن تعمل. وقد طلبت الوكالة في توجيه خاص من ضباطها في العراق أن يسيروا فقط مرفوقين بحراس مسلحين الأمر الذي يجعل من المستحيل عليهم قريبا عقد اجتماعات سرية مع العراقيين وفق شروطهم. ويعمل ضباط ال «سي آي إيه» في العراق من أكثر من ستة قواعد. وتقوم الوكالة بتدريب مؤسسة أمن خاصة توظف جنودا سابقينمن القوات الخاصة الأمريكية للعمل كحراس مرافقين لضباط الوكالة في العراق. كما تستأجر أيضا شركات أمن خاصة لحماية القواعد والأشخاص وقال مسؤول استخباري أمريكي كبير «ليس لدينا عدد كاف من الناس ممن لديهم المهارات المطلوبة.» ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في الوكالة عاد مؤخرا من العراق قوله «كيف تقوم بعملك على هذا النحو؟ إنك لا تستطيع، إنهم لا يعرفون ما الذي يحدث هناك.» وقد لجأت الوكالة لتغطية احتياجاتها الإضافية إلى تعيين ضباط متقاعدين من الوكالة للعمل كمتفرغين في العراق. ولإغراء مزيد منهم في هذه المهمات الخطيرة، فإن العديد من الضباط وموظفي الإمدادات والدعم يتم استبدالهم وإرسالهم إلى خارج العراق بعد 90 يوما من العمل الصعب. وقال خبراء في المخابرات إن التعيينات المؤقتة جعلت المهمة الرئيسية في تطوير مصادر عراقية مسالة أكثر صعوبة. وقال مسؤول استخباري أمريكي كبير سابق من العاملين حاليا في العراق انه عندما يبدأ بالتعرف على الناس يتركونه، وهذه حسب قوله «مشكلة ضخمة، إذ أن تطوير مجموعة من العلاقات القوية سيكون مسالة مهمة للغاية.»