تواصلت يوم أول أمس فعاليات المؤتمر العالمي الثالث عشر لمنتدى الفكر المعاصر حول الدولة التونسية في أواخر الحكم البورقيبي 1980 1987 والقيادات السياسية العربية : الصعود والانحدار والذي تنظمه مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات. وتضمن برنامج يوم أمس الاستماع الى عدد من المداخلات تهم جوانب مثيرة من التاريخ التونسي المعاصر ومن تاريخ بلدان المغرب العربي قدمها عدد من المختصين من تونسوالجزائر والمغرب. فعاليات يوم أمس للمؤتمر العالمي الثالث عشر لمنتدى الفكر المعاصر تضمنت مداخلة للدكتور البشير بالعربي من كلية الآداب بصفاقس حول الحركة الطلابية وتأثيرها في الحياة السياسية والاجتماعية في العشرية الأخيرة في حكم بورقيبة لتونس. المداخلة تضمنت تشخيصا ملخصا لأزمة الحركة الطلابية التي برزت على اثر ما يعرف بانقلاب مؤتمر قربة. وانطلق الدكتور البشير العربي من فرضية المزاوجة بين ما أنتجته الفترة التي حكم فيها بورقيبة من نمو اجتماعي تجلى خاصة في انخفاض مستوى الأمية حيث تراجعت ما بين 1975 و1989 من 42.3 إلى 26.4 للذكور في حين تقلصت بالنسبة الى الاناث من 67.9 سنة 1975 الى 48.3 في سنة 1989 فهل نجح بورقيبة في تعميم التعليم وتوسيع مستوى الجامعات وتنويع الاختصاصات التعليمية مع مجانية التعليم وتعميمه على مستوى الجنس والوسط الاجتماعي والمستوى الطبقي. أما الفرضية الثانية التي قام عليها البحث فتقدم على مدى قياس قوة الصراع الاجتماعي داخل المجتمع مما يوسع الهوة بين فئات المجتمع ويقوي المجتمع المدني ويدفع الصراع مع المجتمع السياسي ويقول الدكتور البشير العربي بأن الحركة الطلابية في العشرية الأخيرة لحكم بورقيبة وصلت الى مرحلة تنظيم نفسها عبر الهياكل النقابية المؤقتة. ويضيف الباحث أن الطلبة في تلك الفترة لا ينتمون الى طبقة منتجة بل أنهم كانوا مستقطبين من الطبقات الأخرى وهو ما يجعلهم بالمفهوم «الرامشي» مثقفين عضويين مقابل المثقفين التقليديين الذين ينتمون الى طبقة معينة ويؤكد الباحث أن الحركة الطلابية تجمعت على اثر ما يعرف بانقلاب مؤتمر «قربة» وكانت لها شعارات نقابية مطلبية وشعارات سياسية تهم مساندة حركات التحرر في العالم ويضيف إنه بعد قمع الحركة الطلابية من طرف نظام بورقيبة» اتخذ الطلبة في سنة 1975 شكلا تنظيما آخر عبر اللجنة الجامعية المؤقتة وكانت فترة اعادة هيكلة الحركة الطلابية إلا أن تصادمها مع النظام جعلها حركة لها جانب سياسي كبير مقابل الجانب المطلبي وضمت الحركة الطلابية حينها الكثير من التيارات السياسية السيارية والشيوعية والقومية وكانت فترة السبعينات التي أصبح التعليم فيها في متناول كل فئات وشرائح المجتمع التونسي وعرفت بذلك الحركة الطلابية تحولا في الاهتمامات تتناسب مع الجوانب المادية لفئات الطلاب وصارت لها اهتمامات سياسية واجتماعية بالأساس ونجحت في تخريج كوادر انخرطت في هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل رغم أن الحركة الطلابية دخلت في صراع معه واتهمت قيادته بالقيادة «البيروقراطية» وظلت الحركة الطلابية منظمة ومنسجمة الى حدود 1982 وصارت تطرح شعارات تهم المجتمع المدني وحقوق الإنسان. ويؤكد الدكتور البشير العربي في مداخلته بأن الحركة الطلابية صارت هي الواجهة الأمامية للمجتمع في ظل عجز الحركات السياسية عن الوصول الى مواقع في المجتمع التونسي وفي هياكل اتحاد الشغل. وأصبحت بذلك الحركات السياسية فاعلة داخل الجامعة عبر الحركة الطلابية وهياكلها هذه الوضعية يقول الدكتور البشير العربي جعلت النظام حينها يلعب على «الحَبلين» أي التعامل مع أنصار التيار السلفي ومع التيارات اليسارية لتدخل الجامعة حينها في دوامة العنف وهو ما انعكس على المستوى التعليمي. ويختم الدكتور البشير العربي بأن الحركة الطلابية مكنت المجتمع التونسي من قدرات وكفاءات عديدة ومنهم من وصل الى مستوى القيادات السياسية . مداخلات اليوم الثاني تضمنت محاور عديدة تهم خاصة بدايات الانفتاح الاقتصادي في الجزائر وانهيار الشرعية الثورية كما تضمنت مداخلة الدكتور عميرة الصغير الباحث بالمعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية فصولا مثيرة عن تاريخ حكم عائلة البايات الحسينية وضلوعهم في التعامل مع الاستعمار الفرنسي وعدم اتخاذهم لمواقف وطنية.