أحيل مؤخرا امام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس شخص في الاربعين من العمر لتورطه في جريمة قتل زوجته، بعدما سدد لها في ساعة متأخرة من الليل طعنة بسكين في مستوى جنبها الايمن. وحسب ما جاء في ملفات الادعاء، فان الجاني، عاد الى منزله في حدود الساعة الثانية فجرا، بعدما قضى جل الليل في السهر، فنشب خلاف بينه وبين زوجته، كما يحدث غالبا بين الازواج حين يتأخر الزوج عن موعده وعن مواقيت عودته الى المنزل، وبعد تراشق بالكلام انسحب الجاني الى المطبخ لاعداد وجبة عشاء فيما ظلت الهالكة تتابع برامج على شاشة التلفزة، واثناء ذلك اخذ الزوج سكينا وبدأ بقطع الخبز، ثم احتاج للقيام بشأن ما فنادى زوجته، التي لم تستمع لنداءه نظرا لارتفاع صوت التلفزة فأعاد النداء ثانية بصوت مرتفع، لتلتحق به الى المطبخ وهناك اخذ السكين وغرسه في جنبها الايمن ليصيب الرئة وأمام حدة الطعنة سقطت الهالكة أرضا وتدحرجت على مدرج المنزل لتستقر على نزيف حاد، ورغم ذلك لم يحاول الزوج انقاذ زوجته، بل نادى احدى بناته ليبلغها بتعرض والدتها لطعنة، وبقي الجاني هادئا مستقرا كأن شيئا لم يقع فيما استنجدت ابنته بالجيران الذين حملوا الهالكة الى احدى المستشفيات، لكنها لفظت انفاسها الأخيرة متأثرة بنزيف دموي حاد واصابة في مستوى الرئة جراء الطعنة القوية التي تعرضت لها. تم ابلاغ أعوان الامن بوصول جثمان الهالكة الى المستشفى، وأذنت النيابة العمومية بفتح محضر تحقيقي في الجريمة، وقد أمكن للمحققين من القاء القبض على الجاني، وبجلبه الى مركز التحقيق والتحرير عليه، اعترف باصابته لزوجته بطعنه في مستوى جنبها الايمن، وافاد بانه لم يكن يقصد قتلها، كما صرح بأن الواقعة تمثلت في التحام بينه وبين الهالكة ساعة التشاجر بينما كان يقطع خبزا للعشاء، فاصطدمت زوجته بالسكين دون ان يكون على علم بذلك وارجع الامر الى القضاء والقدر. وبعد انهاء الابحاث في شأنه وقيامه بتشخيص جريمته بحضور السلط القضائية المختصة وباحث البداية، احيل المتهم على أنظار احد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث تمسك بعدم قصده قتل زوجته مؤكدا على نفس روايته ونفس اقواله بأن الطعنة نتجت عن التشابك بينه وبينها مما أدى الى اصطدامها بالسكين، فسقوطها ارضا ثم حدوث النزيف ووفاتها، وامام تصريحاته اصدرت في شأنه النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن بعدما وجهت له تهمة ارتكاب الضرب والجرح الناتج عنه الموت على معنى الفصل 208 من المجلة الجنائية، الذي ينص على أنه «يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب الضرب او الجرح الواقع عمدا بدون قصد القتل، والذي نتج عنه الموت، ويرفع العقاب الى السجن بقية العمر في صورة سبق النية بالضرب والجرح». وقد أيدت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس لائحة الاتهام وفصولها وقرار ختم البحث وقررت احالة المتهم رفقة ملفات القضية على أنظار الدائرة الجنائية المختصة لمقاضاته من أجل ما نسب اليه. وبمثوله امام هيئة المحكمة تمسك المتهم بانتفاء قصد الطعن او القتل مؤكدا على أن الحادث كان قضاء وقدرا، وان وفاة زوجته على يده ادى الى تضرر ابنائه، وقد سأله القاضي عن سبب رفضه اسعاف الهالكة بعد الطعنة التي تعرضت لها من قبله تمسك المتهم بأنهم لم يكن على علم بما جرى لها وبأنه نادى ابنته لاسعاف والدتها، لكن القضاء والقدر كان وراء هلاك زوجته. واعتبر لسان الدفاع ان تكييف الجريمة حسب مقتضيات الفصل 208 لا يستقيم وان الطعنة التي تعرضت لها الهالكة لم تكن على قصد، وأنها فعلا اصطدمت بالسكين الذي كان يستعمله منوبه لقطع الخبز اثناء التشابك الذي حصل بينهما في المطبخ، وطلب المحامي من هيئة المحكمة الطعن في بعض ما ورد بملفات القضية وعدم الاستناد الى جريمة الفصل 208، والقضاء بأخف العقوبات الممكنة في صورة الادانة مراعاة لوضعية المتهم العائلية والاجتماعية باعتبار حاجة الابناء اليه بعد وفاة الام ومراعاة نقاوة سوابق المتهم، فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة وفقا لفصول الاحالة ولائحة الاتهام لتقرر المحكمة وفقا لفصول الاحالة ولائحة الاتهام لتقرر المحكمة في الختام حجز القضية للتصريح بالحكم في وقت لاحق بعد المفاوضة القانونية.