في اطار اليوم الثقافي الفرنسي الذي نظمته الجامعة العربية للعلوم تحدّث السيد ايف اوبان دي لاموسيزيار سفير فرنسا ببلادنا عن العلاقات بين البلدين وعن بعض المسائل الدولية. ووصف السفير الفرنسي هذه العلاقات بأنها ضرورية ومبنية على قيم ومبادئ مشتركة اضافة الى أنها منفتحة على المحيط الاقليمي والدولي. واستعرض السفير الفرنسي مراحل تاريخية من العلاقات الرابطة بين تونسوفرنسا، مشيرا الى ان الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس شيراك لبلادنا أعطت هذه العلاقات حيوية جديدة على كل المستويات. **عامل استقرار وأشار الى وجود جالية تونسية هامة في فرنسا هي الجالية الاجنبية الثالثة هناك عددها يناهز الاربع مائة ألف. وقال ان ذلك يساهم في تبادل متواصل على مستوى الأفراد وكذلك الأفكار. وبالمقابل يتواجد في تونس حوالي ألف فرنسي أو من أصحاب الجنسية المزدوجة (تونسية وفرنسية). وقال ان تونسوفرنسا قد اختارتا اتباع سياسات منفتحة على المحيط الاقليمي والدولي سواء في اطار مسيرة برشلونة او في اطار مجموعة خمسة زائد خمسة مذكرا بمبادرة تنظيم قمة على هذا المستوى. وقال ان بلاده ترتبط بعلاقات قوية مع كل من تونس والجزائر والمغرب. وأشار الى ان السياسة الفرنسية تجاه منطقة المغرب العربي والتي تتقاسمها مع الدول الاوروبية الجنوبية تدعم بناء المغرب العربي وتعتبره عامل استقرار ونمو في المنطقة. وقال ان نسبة التبادل التجاري بين المغاربين لا تتجاوز نسبة بالمائة من مبادلاتهم مع بقية العالم، واصفا هذه النسبة بأنها ضئيلة. وقال إن فرنساوتونس تشتركان في مواقف عديدة بشأن القضايا الدولية الكبرى وان البلدين يدعمان الحوار حول هذه القضايا مؤكدا قدرة تونس على التأثير في محيطها العربي والاسلامي والافريقي. **أهداف وحدد السفير الفرنسي في اطار العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط بين البلدين جملة الاهداف التي تقوم عليها هذه العلاقات وهي مساعدة تونس في جهودها لتعصير اقتصادها ولإقامة علاقات وثيقة مع الاتحاد الاوروبي، قائلا ان تونس هي التي تتحصل على أكثر دعم في اطار الاتحاد الاوروبي (مقارنة بعدد السكان) أو في علاقاتها الثنائية مع فرنسا التي تساهم أيضا بنسبة بالمائة في برامج الاتحاد الاوروبي وخاصة برنامج «ميدا» مشيدا في نفس الوقت بقدرة الاقتصاد التونسي على الاستفادة من كل هذه الامكانيات، ملاحظا ان هذه الجهود ستتواصل لدعم تونس في تأهيل اقتصادها وخاصة على مستوى النسيج الصناعي استعداد الموعد الاول من جانفي مع انطلاق منطقة التبادل الحر في المتوسط. كماأشار الى التعاون في المجالات الثقافية والعلمية من ذلك وجود حوالي طالبا تونسيا يدرسون بفرنسا في اطار منحة من الدولة الفرنسية وعدد مماثل في اطار منحة من الدولة التونسية اضافة الى حوالي الاف طالب تونسي آخر يدرسون في مختلف الجامعات الفرنسية دون اعتبار للطلبة التونسيين من الجيل الثاني. **الشريك الاول وأشار الى ان فرنسا تعد في المجال الاقتصادي والتجاري الشريك الاول لتونس حيث يعمل بتونس حوالي ألف مؤسسة فرنسية او فرنسية تونسية ( بالمائة منها في قطاع النسيج). كما أشار الى رغبة فرنسا في الاستفادة من الخبرة التونسية مذكرا بالاتفاق الذي حصل لاستقبال حوالي مائة مختص في الاعلامية للعمل في المؤسسات الفرنسية... وقال السفير الفرنسي ان كل ذلك يفتح آفاقا واسعة للعلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين، معبّرا عن ثقته في مستقبل هذه العلاقات وفي مستقبل تونس. **مواقف مبدئية وفي ردّه على أسئلة أساتذة وطلبة الجامعة العربية للعلوم نفى السفير الفرنسي حصول تغيّر في مواقف فرنسا من قضيتين أساسيتين هما الشرق الاوسط والعراق. ونفى ان تكون فرنسا تتجه نحو الاقتراب من الموقف الأمريكي قائلا ان موقف بلاده مبني على المبادئ، ورددّ متسائلا ما اذا كانت الولاياتالمتحدةالامريكية هي التي تحاول الاقتراب من الموقف الفرنسي في هاتين القضيتين. وذكّر بالموقف الذي أعلنه الرئيس شيراك خلال زيارته مؤخرا للجزائر عندما قال بشأن الشرق الأوسط، انه لا يمكن حسب القانون الدولي تغيير الحدود وان أطراف النزاع فقط هي المخوّلة للقيام بذلك عبر التفاوض. وقال ان الموقف الفرنسي واضح ايضا في العراق. وذكّر بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي شريك وحليف لفرنسا ولكن اختلاف وجهات النظر حول بعض المسائل وارد وان الحوار يقرّب المواقف متسائلا مرة أخرى ما اذا كانت واشنطن هي التي تحاول الاقتراب من الموقف الفرنسي. وقال ان سياسة فرنسا من هذين القضيتين لم تتغير وان هناك عمل جدي يتم القيام به في هذا الصدد، مشيرا الى صلابة المحور الفرنسي الالماني ومؤكدا تمسّك فرنسا في سياستها بالمبادئ وبالقانون الدولي. وفي رده على سؤال حول توجه المستثمرين الفرنسيين نحو أوروبا الشرقية والوسطى ونحن آسيا على حساب جنوب المتوسط، قال السفير الفرنسي ان سياسات بلاده لا تقوم على تشجيع المؤسسات الفرنسية لمغادرة فرنسا والاستقرار في بلدان أخرى بل فقط تلك المؤسسات التي بتوسعها في الخارج انما تفتح آفاقا جديدة للمؤسسة الأم في فرنسا. وأشار الى وجود جمود في حركة الاستثمار الدولية بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الدولية الا انه أشار الى ضرورة ايجاد حوافز جديدة مثل توخي مزيد الانفتاح او تقليص بعض الاشكالات الادارية. وقال ان الاتحاد الاوروبي الموسع ليس له نفس الاهتمام بالعلاقة مع جنوب المتوسط. وقال ان الشركاء الاوروبيين اليوم وعندما يفكرون في وضع اتفاقيات جوار جديد انما يفكرون في روسيا ومولدافيا... وليس في المشرق او المغرب وقال ان فرنسا تدفع باتجاه هذه المنطقة «فهؤلاء اي المشرق والمغرب هم جيراننا القدامى وليسوا الجدد» وقال «ان مسيرة برشلونة اتخذت على المستوى الوزاري عدة مبادرات ولذلك نريد اندماجا أقوى على المستوى المغاربي، مشيرا الى الرهانات الاقتصادية الامنية في المنطقة... وقال ان الأوروبيين يطرحون على المنطقة المتوسطية شراكة استراتيجية وهم يدعمون بالمقابل ايجاد اصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية حسب نسق كل طرف. وأضاف معلقا عن الاهتمام الذي تبديه واشنطن بالمنطقة انه من المهم جدا وجود شركاء آخرين يهتمون بهذه المنطقة الا انه أشار الى ان ارساء تعاون عميق واستراتيجي مع المغرب العربي وافريقيا هو محور يحظى بالأولوية في السياسات الفرنسية. وفي رده على سؤال حول الفرنكفونية وما اذا كان هناك توجه نحو أوروبا الشرقية على حساب جنوب المتوسط، أشار السفير الفرنسي الى ان الفرنسية تدرّس في المغرب العربي وافريقيا على مستويات عديدة في حين ان تدريس الانقليزية في أوروبا الشرقية والوسطى، يتقدم بسرعة كما ترغب دول من هذه المنطقة في الانضمام الى منظمة الفرنكفونية. وأشار من ناحية أخرى الى تراجع اللغة الفرنسية في ايطاليا واسبانيا والبرتغال مثلا. وقال ان الفرنكفونية ليست تقاسم لغة فقط بل هي تقاسم رهانات سياسية واستراتيجية، ملاحظا انه حصل مثلا تقدم هام في الموقف الكندي من قضية الشرق الاوسط عبر رابطة الفرنكفونية. الدكتور مراد بن تركية رئيس الجامعة العربية للعلوم افتتح هذا اللقاء باستعراض علاقة هذه الجامعة بالثقافة الفرنسية وبفرنسا والفرنكفونية مذكرا بالملتقى الدولي الهام الذي نظمته الجامعة العربية للعلوم السنة الماضية مع المرصد الدولي للفرنكفونية. وقال ان تنظيم هذا اليوم الثقافي الفرنسي يدخل ضمن اختيار استراتيجي تبنته الجامعة العربية للعلوم وهو الانفتاح على المستوى الدولي، وعلى فرنسا والجامعات الفرنسية المختلفة...