بين الحين والآخر يُفرض على المشهد المصري العام حديث المعونة الأمريكية بخلفيات مختلفة ومقاصد متباينة ، حديث ملتبس ومضلل يوهم المصريين أن المعونة هي عماد الاقتصاد المصري وربما شريان الحياة الوحيد ، في هذه المرة كان الطرح على خلفية فتح ملف تمويل المنظمات الحقوقية الماثلة أمام جهات التحقيق "17 منظمة و 43 متهماً منهم 19 أمريكياً 14 مصرياً 10 من جنسيات أخرى"بتهمة مخالفة أغراض الترخيص والعمل في مجالات سياسية ما يُعد انتقاصاً وتهديداً للسيادة الوطنية ، لذا كان التناول بهدف توضيح الرؤية عن هذه المعونة وفيما تنفق وما هو المقابل وما هي تداعيات قطعها أو رفضها أو استمرارها؟! نقطة البداية المعونة الأمريكية مبلغ ثابت سنوياً تتلقاه مصر من أمريكا كجزء من اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حين أعلن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 810 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية ، تمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، سواء من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما ، و مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري ، وقد بلغ الحجم الإجمالي للمعونة منذ عام 1975 حتى اليوم حوالي 28.6 مليار المعونة لماذا؟! الأهداف المعلنة هي تنمية الاقتصاد المصري لكي يصبح قادراً علي التنافسية العالمية ويحقق الاستفادة العادلة لجميع المصريين ، وذلك في مجالات النمو الاقتصادي" البيئة والآثار والزراعة" والبنية التحتية "المياه والصرف الصحي والطاقة الكهربائية والاتصالات" والتعليم " التعليم الأساسي والعالي" والصحة " تنظيم الأسرة ونظام رصد والاستجابة للأمراض المعدية " والديمقراطية والمجتمع المدني" إدارة العدالًة ومشاركة المواطنين" فضلا ً عن المجال العسكري مخاطر وتداعيات وفقاً لقاعدة المصالح المتبادلة في العلاقات الدولية كانت المعونة لأغراض عدة في مجالات عدة ترتب عليها جملة من المخاطر والتداعيات منها : (أ)المجال العسكري والأمني ** السماح للطائرات العسكرية الأمريكية باستخدام الأجواء العسكرية المصرية، ومنحها تصريحات على وجه السرعة ل861 بارجة حربية أمريكية لعبور قناة السويس خلال الفترة من 2001 إلى 2005، وتوفيرها الحماية الأمنية اللازمة لعبور تلك البوارج. ** قيام مصر بتدريب 250 عنصرا في الشرطة العراقية، و25 دبلوماسيا عراقيا خلال عام 2004. ** أقامت مصر مستشفى عسكريا، وأرسلت أطباء إلى قاعدة باجرام العسكرية في أفغانستان بين عامي 2003 و2005، حيث تلقى أكثر من 100 ألف مصاب أمريكي الرعاية الصحية. ** شراء مصر لمعدات عسكرية "حوالي 11,1 مليار دولار " ترويج المنتج الأمريكي ** التعاون الأمني والمخابراتي خاصة في مجال الحركات الإسلامية وتأمين حدود الكيان الصهيوني ** انكشاف مستوى التسليح والتدريب العسكري أمام الخبراء الأجانب ما يهدد المن القومي المصري (ب)المجال السياسي والاقتصادي ** التعاون في وضع السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالمسائل الحيوية في مجال التنشئة والتعليم والإعلام والمرأة ** الحصول على امتيازات في عبور قناة السويس من حيث حجم المرور وسرعته والرسوم والتأمين ** التدخل في تحديد بعض الصناعات الثقيلة والزراعات الإستراتيجية "القمح – القطن " بل ومعدلات وأماكن التعمير واستصلاح الأراضي "سيناء" ** إتاحة الفرصة للمنظمات الحقوقية المصرية والأجنبية الممولة أمريكياً للحركة والعمل في المجتمع المصري ** إفراز طبقة من رجال الأعمال تري مصالحها مع إسرائيل وأمريكا وليس مع محيطها العربي والإسلامي وأصبحت هذه الطبقة تمثل زواج السلطة بالثروة ومهمتها حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية داخل مصر . خلاصة الطرح .... المستفيد الأكثر من المعونة هو الطرف الأمريكي بالتدخلات والتسهيلات والمصالح والامتيازات ، فضلاً عن أن المعونة في الغالب ذهبت لجيوب وحسابات نظام الحكم المستبد الفاسد وبطانته من رجال المال والأعمال وجنرالات الإعلام والأمن ، وبالتالي نحن بحاجة ملحة لإعادة النظر في المعونة وغيرها من الاتفاقات لتكون مصلحة الشعب المصري هي الهدف الأسمى. مدير مركز النهضة للتدريب والتنمية*