هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    دورة مدريد: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة العاشرة عالميا    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    انتشار ''الإسهال'' في تونس: مديرة اليقظة الصحّية تُوضح    تقلبات جوية في الساعات القادمة ..التفاصيل    مفزع: 17 حالة وفاة خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    الكشف عن توقيت نهائي رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي و الأهلي و برنامج النقل التلفزي    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    غار الدماء: قتيلان في انقلاب دراجة نارية في المنحدرات الجبلية    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الكامل مع الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية: المرزوقي وبن جعفر وجبالي ليسوا ''طراطير'' يسيرهم الغنوشي بإمكان الديمقراطية نقل السلفيين من صناديق الذخيرة إلى صناديق الاقتراع
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 02 - 2012

'إسلاميو الجزائر سيفوزون بالانتخابات رغم انقسامهم''
تونس: أكد الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة ''النهضة'' التونسية ذات الأغلبية النيابية في المجلس التأسيسي، أن ''تونس تؤيد موقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري في سوريا''. ولمح إلى أن ''تونس سوف تعترف بالمجلس الوطني السوري المعارض خلال مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيعقد فيها''. ولدى استقباله لنا بمكتبه في الطابق الخامس لمقر حركة النهضة الإسلامية بالعاصمة تونس، شدد الشيخ راشد الغنوشي على أنه لن يترشح للرئاسيات المقبلة، المقررة بعد نحو عام. مشيرا إلى أنه لو كان يريد الرئاسة لما حال بينه وبينها أي شيء، خاصة أن حزبه فاز بالأغلبية. وتوقع الغنوشي أن يفوز الإسلاميون في الجزائر بالانتخابات التشريعية القادمة رغم انقسامهم ''إن جرت بنزاهة على غرار ما شهدناه في تونس ومصر والمغرب''. كما تناول نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العديد من القضايا التي تهم الشأن الداخلي التونسي والمغاربي والعربي، تتابعونها في هذا الحوار.
عشتم سنوات في المنفى الاضطراري محكوما عليكم بالمؤبد غيابيا في عهد الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، وأنتم الآن زعيم أكبر حزب سياسي في تونس، ما الذي تغير في الغنوشي الإنسان والسياسي؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، في البداية أحيي ''الخبر'' وقراءها، وأحيي عبرها أهلنا في الجزائر منبع الثورات.. تغير الكثير في النهضة بانتقالها من حزب مضطهد ومشتت بين مهاجر عديدة، فنحن كنا موزعين عبر 50 دولة، كما كنا موزعين على السجون التونسية التي كانت تستضيف قادة وأعضاء نهضويين، يحكمون البلاد اليوم بالاشتراك مع حليفين. والانتقال من المحنة إلى الدولة خطوة كبيرة وبعيدة ومعقدة وليست بسيطة. فنحن نتعرف اليوم على الأرض الجديدة التي نحن عليها. وكما تعلمون أن لا تجربة سابقة لنا، بل إن شعبنا كله يتعلم، لأننا في السنة الأولى ديمقراطية.
هناك قوى في تونس تسعى لتحويل الحرية إلى فوضى
ولكن بعد عام ستجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية، ألا تجازفون سياسيا بتحمل أعقد الملفات الداخلية في الحكومة مقارنة بشريكيكم؟
نحن نثق في شعبنا، وعلينا أن نكون عند حسن ظنه. فبعد أن وضع الشعب ثقته فينا، لم تبق لنا حرية في أن نتأخر، وإلا سيكون الأمر عبثا بالديمقراطية. لأنك عندما تتقدم لطلب ثقة الشعب ويخولك هذا الأخير أمره، ثم تجبن وتتأخر وتقول إن مصلحتي السياسية في ألا أتقدم، فهذا عبث. نحن منحنا الشعب التونسي ثقته وسنكون في المستوى.
هناك من يتحدث عن حضور قوي لرئيس الجمهورية بل أقوى من النهضة بجميع وزرائها بمن فيهم رئيس الحكومة. ألم تستغل حركتكم الأغلبية التي حصلت عليها ليكون لها حضور أكبر في صناعة القرار داخل الدولة؟
في تونس حكومة واحدة وليس ثلاث حكومات، وكل خير وكل كسب يحققه وزير أو رئيس أو رئيس حكومة هو خير وكسب للحكومة كلها وللشعب بكل فئاته. وإذا كنا نسعد لكل نجاح يحققه رئيس الدولة، فلأنه رئيس دولتنا وليس رئيس دولة أخرى، اخترناه بحريتنا وإرادتنا، لذلك نبتهج بكل نجاح يحققه.
القيادي السابق في النهضة، عبد الفتاح مورو، يتهم الحكومة التي تقودها الحركة بعدم الصرامة في التعامل مع كثرة الإضرابات والاعتصامات وحتى الاعتداءات على المواطنين. أليست الليونة المفرطة خطرا على الدولة وعلى المواطن؟
الديمقراطية هي مزيج بين الحرية والنظام، ونحن نحاول أن يكون هناك توازن بين الحرية والنظام، وعلينا ألا ننسى بأننا نعيش في مناخات الثورة التي تتغلب فيها الحرية على النظام، والناس عندنا تعودوا على أن النظام يفرض بالقمع وبالرعب وكثرة البوليس، والثورة أسقطت الخوف من قلوب الناس، لذلك لا يمكن التعويل على البوليس لحفظ النظام، بل إن الأمن نفسه يمر بحالة مخاض، عندهم نقابات وهذه الأخيرة تمارس أحيانا الاعتصام، فهل نأتي ببوليس آخر لقمع البوليس. وعليه ينبغي أن ندرك بأن ما نعيشه هي أجواء زمن الثورة وليس مناخات زمن بن علي، التي كان الضامن للأمن فيها عصا الشرطي، وهي اليوم سقطت، ونحن نحاول أن نتعلم كيف نحفظ النظام على أساس الحرية وليس على أساس القمع.. هذا يحتاج إلى وقت حتى نحسن المشي على رجلين، رجل اسمها الحرية ورجل أخرى اسمها النظام. فالديمقراطية ليست مجرد إعلان قانون، وإنما هي أيضا ثقافة وممارسة. وحتى تترسخ تحتاج إلى وقت. ثم إن هناك قوى تحاول أن تستغل الحرية لتحويلها إلى فوضى، لكن هؤلاء ينسون أن في البلاد ثورة وأن الثورة الآن ترفع شعار ''الشعب يريد تطبيق القانون''، وشعار ''الشعب يريد حفظ النظام''، لأن الناس أصبحوا يشعرون بالخطر على أمنهم وحريتهم وعلى معاشهم.
هناك قراءات تتحدث عن قطبين يحاولان إسقاط الحكومة، الأول يمثل تحالف التيارات العلمانية واليسارية المتطرفة، وآخر يمثل التيار السلفي بجناحيه الجهادي والعلمي.. كيف تتعاملون مع هذه التناقضات الموجودة في المجتمع؟
الانتقال من الثورة إلى الدولة عملية معقدة جدا وتحتاج إلى مزيد من الوقت، القدر ما يزال يغلي في تونس ولم يهدأ، لذلك فمن التبسيط القول إن هناك صراعا بين علمانية وإسلام وبين حداثة وتقليد، لأن القوى المشاركة في الحكومة ليست قوى تقليدية، هي قوى حداثية سواء كانت علمانية أو إسلامية، وهناك قوى علمانية متطرفة ترى في قوة النهضة خطرا على مصيرها. والأكثر من ذلك والأخطر تأثيرا، هم فلول النظام القديم، هؤلاء ليسوا قوى حداثية بل قوى تدافع عن مصالحها، لأن الثورة هددت هذه المصالح، ولذلك فهي تريد الانتقام من الثورة وجر البلاد إلى الخلف، خاصة وهي ترى بأن كبار رجال أعمالها يوجدون اليوم تحت الحراسة وكبار زعمائها في السجن. فالمعادلة إذن معقدة جدا، وليست بالبساطة التي تسمح لنا باختصارها في صراع بين الحداثة والتقليد.
ومن يدافع عن هذه الثورة وهي تواجه كل هذه المخاطر؟
يدافع عن الثورة الشعب الذي فجرها قبل البوليس. هذا الشعب الأبي يدافع عنها ضد كل من يكيدون لها سواء كانوا متطرفين علمانيين أو متطرفين باسم الدين أو كانوا من القوى ذات المصالح والتي قامت الثورة على أنقاضها.. أي التجمع الدستوري المحل.
نريد أن نجعل من الرئاسة منصبا رمزيا
المجلس التأسيسي المنتخب أوكلت له مهمة رئيسية تتمثل في إعداد الدستور، فما هي النقاط التي لم يحدث توافق بشأنها حتى بين أحزاب التحالف؟
التحالف بين الأحزاب الثلاثة هو تحالف حكومي أكثر منه تحالفا على مستوى المجلس التأسيسي الذي توجد به وجهات نظر مختلفة، وقد تتشكل محاور مختلفة عن المحاور في الساحة السياسية. فهناك اتفاق حول إرساء نظام ديمقراطي في البلد، وكل الفرقاء متفقون على هذا، كما اتفقوا على استقلالية القضاء والفصل بين السلطات وحرية الإعلام، وعلى حقوق الإنسان وعلى المساواة بين الجنسين.. هناك قيم مشتركة مثل الهوية العربية الإسلامية. وهذه الأمور محل اتفاق. وكانت النخب التونسية قد اتفقت عليها حتى قبل الثورة، ووثائق 18 أكتوبر التي تم التوقيع عليها بين حركة النهضة ومختلف أحزاب المعارضة في ,2006 تبقى قيما مشتركة بين الأحزاب بمختلف توجهاتها، لكن يظل الخلاف حول طبيعة النظام، هل يكون برلمانيا أو رئاسيا أو مزيجا بينهما.
وماذا تفضل حركة النهضة؟
النهضة برنامجها نظام برلماني..
رغم أن النظام البرلماني هو الأقل استقرارا ويناسب أكثر الأنظمة الملكية الدستورية، فلماذا تراهنون عليه؟
شعبنا موحد ولا خشية من النظام البرلماني عليه. وأحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الثورة هو تضخم موقع الرئاسة الذي ابتلع الدولة كلها، لذلك لا نريد العودة إليه، نريد أن نجعل من الرئاسة منصبا رمزيا، حيث ستحظى المناطق الداخلية بقدر كبير من الحرية في التصرف في مواردها، بدل أن تكون العاصمة التي تجلب لها كل الموارد وتبقى المناطق الداخلية التي تجلب منها كل الثروات موضع الاستغلال والنهب.
الرئاسيات التونسية بعد أقل من عام فهل ستترشحون لهذه الانتخابات؟
لو كنت أطمح إلى ذلك لترشحت في المرة الماضية ولم يكن هناك شيء يحول بيني وبين أي منصب في الدولة، باعتبار حزبنا هو الحزب الأكبر والجميع يعلم ذلك.
ولماذا ترفض منصب الرئاسة وهو موضوع بين يديك على طبق من ذهب؟
ليست السياسة كلها رئاسة ووزارة، وليست الحياة كلها سياسة أصلا. وإنني أرى أن الثقافة والفكر لهما موقع أفضل من السياسة، فضلا عن أن هذه الثورة أنجزها الشباب وكل شهدائها من الشباب، فينبغي أن يترك المجال للشباب.
من ترى الأنسب لقيادة تونس في المرحلة القادمة؟
النهضة.
كشخص؟
الذي ستختاره النهضة.
ومن ستختاره النهضة؟
المؤتمر سيقرره.
ومتى سيعقد هذا المؤتمر؟
في جويلية القادم.
معظم السلفيين يبشرون بثقافة ولا يهددون الأمن العام
ماذا تردون على من يقول إنكم رئيس الحكومة الفعلي وإنكم تلتقون يوميا السيد حمادي جبالي لإعطائه التعليمات؟
هؤلاء لم يتحرروا من عقلية ما قبل الثورة، وهم يعتقدون أنه لا بد أن يكون هناك شخص واحد هو الذي يدير كل الأمور، والثورة يا أخي قامت ضد هذه العقلية، لماذا نحتقر زعماء هذا البلد؟ ولماذا نقلل من شأن الدكتور المرزوقي؟ لماذا نقلل من شأن الدكتور بن جعفر؟ ولماذا نقلل من شأن حمادي جبالي؟ ولماذا نعتبرهم مجرد ماريونات (عرائس الفرافوز) و''طراطير'' يسيرهم راشد الغنوشي؟ هذا احتقار لشخصيات لها تاريخ، واحتقار للأحزاب.
تتهمون بالوقوف وراء حظر اعتماد حزب التحرير القريب من التيار السلفي، فهل أنتم ضد دخول السلفيين المعترك السياسي؟
لسنا نحن من رفض اعتماد حزب التحرير وإنما الحكومة السابقة (حكومة باجي قايد السبسي) ونحن عبرنا عن رأينا بأننا مع الاعتراف بكل حزب يسعى لتحقيق أهدافه بالطرق السلمية، خالفنا الرأي أو وافقنا، وحزب التحرير ليس حزبا عنيفا حتى وإن خالفناه في إيديولوجيته.
وزير الداخلية تحدث عن تفكيك خلية مقربة من تنظيم القاعدة، وقبله قتل مسلحين في صفاقس وبالأمس وقعت مطاردات لعشرين مسلحا في ضواحي مدنين.. هل تواجه تونس خطر استهدافها من طرف السلفية الجهادية؟
هذا مستبعد، ما يحصل في تونس هو نتيجة حتمية للتحولات الحاصلة في المنطقة، الوضع في ليبيا لم يستقر، هناك سلاح متداول داخل ليبيا وهناك جماعات تتمسك بحقها في الاحتفاظ بالسلاح واستخدامه، ومناطق الحدود الصحراوية مفتوحة فتسربت مجموعات من الشباب والأسلحة، ولكنها لا تمثل ظاهرة خطيرة، فالبلاد تعيش حالة ثورة وحالة انتقال من الثورة إلى الدولة، وهذه الجماعات تستغل حالة التحول هذه، ولكن ليس بإمكانها أن تربك الوضع العام أو أن تمثل تهديدا حقيقيا لأنها مجموعات صغيرة.
لكنها بدأت تسيطر على المساجد وتفرض كلمتها في بعض المناطق؟
السلفية ليست شيئا واحدا، وفي تقديرنا أن معظم السلفيين يبشرون بثقافة ولا يهددون الأمن العام، ويمكن للمجتمع المدني أن يتعامل معهم بالحوار والاستيعاب، ويمكن للديمقراطية أن تتعامل مع كل هذه التيارات الفكرية. ففي مصر كانت هناك جماعات مسلحة قوية ومثلت تهديدا حقيقيا لأمن البلاد والعباد، بينما اليوم تحولت هذه الجماعات إلى أحزاب واستطاعت الديمقراطية أن تستوعبها. وليس بعيدا أن تأخذ السلفية التونسية نفس المسار وأن تعبر عن نفسها من خلال صيغ حزبية، وتكون الديمقراطية بذلك قد نقلتها من صناديق الذخيرة إلى صناديق الاقتراع. ثم إن الظاهرة السلفية سببها الاضطراب الحاصل في الإقليم، خاصة على حدودنا الجنوبية، والسبب الثاني هو أعمق ويتمثل في الفراغ الذي تركته دولة الاستقلال بنسفها للمؤسسات الدينية التاريخية في تونس مثل جامع الزيتونة، ما جعل تونس في النهاية منطقة منخفضة تستورد تدينها من الخارج، بعد أن غيبت عنها مرجعيتها الدينية عندما تم القضاء على جامع الزيتونة، وبعد الضربة العميقة والواسعة التي وجهت لحركة النهضة، فأصبحت تونس بلدا مسلما، ولكن ليست له مرجعية إسلامية، فألقت ببصرها إلى الخارج، فكانت الفضائيات تزود قسما من شباب تونس بما يحتاج إليه من تدين في غياب مرجعية وطنية دينية.
الزواج العرفي انتقاص للمرأة لأنه يحولها إلى مجرد لذة
هناك نقاش ساخن في تونس حول الزواج العرفي، أو ما يعرف في الجزائر بزواج الفاتحة، فهل ستقننون هذا النوع من الزواج؟
الصيغة الوحيدة للزواج التي نقرها ويقرها الشرع هي الصيغة القانونية التي ينص عليها القانون التونسي، باعتبارها تمثل ضمانات كافية للمرأة، ولأنها تجعل الزواج ليس مجرد لذة عابرة، وإنما هو التزام أخلاقي وديني وقانوني بين الطرفين. والزواج العرفي وزواج المتعة لا يحققان هذا الأمر، بل هو انتقاص للمرأة ونيل من حقوقها وتحويلها إلى مجرد لذة.
وماذا عن تعدد الزوجات الذي يقره القرآن وحرمه زين العابدين بن علي؟
نحن لا نخالف شيئا أتى به القرآن الكريم، ولكن القرآن لم يجعل من التعدد فريضة دينية، وإنما هو مجرد إباحة ويجوز للسلطة الشرعية أن تقيد المباح إذا رأت بأنه يؤدي إلى عكس مقصوده.
وهل ستقيدون المباح؟
وقع تقييد المباح في قانون الأحوال الشخصية.
زيارتي للجزائر هي نوع من الاعتراف بفضلها عليّ
بشأن العلاقات الجزائرية التونسية، كانت الجزائر أول دولة تزورونها بعد فوزكم بالانتخابات، فما هي أهم النقاط التي ناقشتموها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟
زيارتي للجزائر هي نوع من الاعتراف بفضل الجزائر علينا، باعتبارها كانت المحطة الأولى لهجرتنا، حيث أقمت وأسرتي والمئات من إخواني عدة سنوات بالجزائر، وتمتعنا بكرم الضيافة.. كنا مكرمين من الجزائر، وهذا نوع من التحية والاعتراف بفضل هذا البلد. وقد لبيت دعوة صديقي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لزيارة الجزائر، وكرمت أيما كرم في هذه الزيارة، وحظيت باستقبال كبار المسؤولين، وختمت الزيارة بضيافة من قبل الرئيس بوتفليقة، وكان الحديث وديا ودار حول قضايا التعريف بما يجري في تونس وفي ليبيا ومصر والمشرق العربي.
وكيف كانت رؤية الرئيس بوتفليقة للتطورات الجارية في المنطقة العربية؟
هناك تفهم واضح وتوجه مستنير أيضا لاستئناف مسار المغرب العربي المعطل منذ عدة سنوات.
الربيع العربي أتى بالإسلاميين إلى السلطة في تونس والمغرب ومصر، ومن المرجح ألا يختلف الأمر في ليبيا. فهل تتوقعون نفس السيناريو في الجزائر رغم تشرذم الإسلاميين وانقسامهم إلى عدة أحزاب؟
أتوقع أن تكون النتائج جيدة إن شاء الله، رغم الانقسام، فعندما تجري العملية الديمقراطية في نزاهة يكون الجميع قد نجحوا، وعندما تكون العملية الديمقراطية مغشوشة يكون الجميع قد فشلوا، فالعدل أن تنجح العملية وذلك هو النجاح الحقيقي.
كيف تقيمون زيارة الرئيس المرزوقي إلى كل من المغرب وموريتانيا والجزائر وقبلها إلى ليبيا؟
كانت زيارة إيجابية. فقد استقبل في كل هذه البلاد استقبالا حارا، واليوم لم يعد الحديث عن المغرب العربي مجرد حلم، وإنما أصبح هنالك جدول أعمال لعقد قمة بين الرؤساء المغاربيين، وهي الآن في مرحلة التحضير الفعلي لها.
تقف قضية الصحراء الغربية حجر عثرة أمام بناء المغرب العربي، فهل لديكم في حركة النهضة تصور معين لحل هذه القضية؟
زرت المغرب الأقصى وزرت الجزائر، وتحدثت بنفس اللغة في البلدين، وقلت إن قضية الصحراء الغربية هي نتيجة مشكلة أخرى وليست سببا في تعطيل بناء المغرب العربي، وإنما الذي عطل مشروع المغرب العربي هو عدم الإقدام على إقامة الوحدة، فلو تقدم مسار الوحدة لهمش موضوع الصحراء، بل لحل من تلقاء نفسه، لأننا عندما نصبح أرضا واحدة فإنك لن تسأل إذا كانت هذه القطعة من الأرض لي أم لك، فالأوروبي يسير من فرنسا إلى حدود روسيا لا يسأله أحد عن بلده، هل هذه الأرض أرضك أم أرضي؟.. في غياب الوحدة حدثت عدة إشكالات من بينها هذه القضية، لذلك فلنعد إلى الأصل، وبعد ذلك المشكلات التي نتجت عن غياب الوحدة ستحل من تلقاء نفسها.
نؤيد موقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري في سوريا
في الشأن السوري، هل أنتم مع التدخل العسكري الأجنبي وعسكرة الثورة؟
لا، نحن نتفق مع طرح الجزائر بعدم التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، فوزيرنا للخارجية اشترط لاستضافة مؤتمر أصدقاء سوريا شروطا من جملتها ألا يتخذ قرارا بالتدخل العسكري في سوريا، وأن تشارك كل الأطراف في المؤتمر بما في ذلك الروس والصينيون.
وهل ستعترفون بالمجلس الوطني السوري المعارض؟
أتوقع أن تتجه السياسة التونسية إلى هذا.
كيف تتصورون مستقبل العلاقات مع فرنسا التي كانت تربطها أواصر متينة مع النظام البائد؟
تونس تربطها مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية التبادل التجاري المشترك، وحكومة الثورة حافظت على هذه الاتفاقيات، بل ارتقت بها إلى مستوى الشراكة الممتازة.
آخر كلمة ترغبون في قولها لقراء ''الخبر'' والشعب الجزائري؟
تحية للشعب الجزائري ورجائي أن يحقق الله للجزائر أسمى أمانيها.
حاوره مصطفى دالع /تصوير: رشيد تيفناتين
''الخبر''


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.