كان الجوادي شاهرا مسدسه برأس والدي يتوعّده ويهدّده... وكنت بغرفة الجلوس إذ جاءني "معمر" مكشّرا عن أنيابه أمسكني ورجّني بكلّ قوة وكاد يسقطني على الأرض إذ كنت إذاك نحيفا لا أقوى على الصمود في وجه هذا "الوحش"... كان الكل يسأل عن "حطاب"… أين هو؟ لا أعلم. تكلّم أين هو؟ قلت لك لا أعلم. كاد يقلع أذني تكلم... والله لا... أترك "والله" و "محمّد" خارج الباب وتكلم أين هو؟ ... ... ... لا تريد أن تتكلم خذ يا كلب وصفعني... كان الكفّ غليضا قويّا وحادّا تصدّعت له أبواق أذني... وكاد يسقطني أرضا... انفعلت انفعالا شديدا ولم أستطع كتم غيضي فاستجمعت قواي وصحت بأعلى صوتي "لماذا تضربونني لم أفعل أي شيء" ويا ليتني لم أقلها. فبمجرد أن أتممتها حتى انهالت علي الصفعات واللكمات ثم بسرعة جنونية رفعت بين أيديهم وبسرعة البرق أخرجوني إلى ساحة منزلنا حيث استفردوا بي وكانت الشتائم تأتيني من كل اتجاه... كانت ساحة المنزل كبيرة أي بالطابق الأرضي قبالة منزل أخي الأكبر "العروسي"... لكمة نورالدين والإغماءة الأولى: كانت الشتائم تكال إلي من كل جهة وكنت أدير رأسي في كل مرّة تجاه الصّوت الذي "أتتني منه مذمّتي" وبينما أنا كالتائه أدير برأسي إذ سدّد لي "نور الدين" لكمة بوجهي... أرداني بها طريحا على الأرض... سقطت على الأرض فاقدا الوعي... فقدت الوعي... ولم أفق إلا عندما وجدت نفسي واقفا بين أيديهم وبقيت على تلك الحال... وشعرت بثقل برأسي وأحسست بدوار شديد... كنت أسمع تهديداتهم لي بحملي إلى مركز الشرطة حيث سيقومون بتعذيبي كما "يجب" وكانت أصواتهم تصل إلى أذني كأنها بث على أمواج بعيدة كانت تلك الأصوات تتقلص ثم تزداد وتيرتها كانت أصواتا غليظة خشنة "مستخنشة" قذرة لا يسكت أحدهم حتى يقوم الآخر بتعليق بنفس القذارة ...كنت قد سلمت أمري كله إلى الله وكانت أصابعهم الغليظة لا تنفك عن "تقليع" أذني وأصواتهم المرعبة لا تكف عن التهديد والوعيد كانت زوجة أخي "العروسي" قد راقبتهم من خلال فتحة الباب لم ينتبهوا إليها بادئ الأمر وكانت قد شاهدت بأم عينيها ما فعلوه بي خلال إسقاطي أرضا فصاحت دون أن تشعر " لماذا فعلتم به هذا ما الذي فعله بشير لتضربوه"..." كانت تردّد لي ذلك بكل افتخار"... حينئذن انتبهوا إليها فأسرع إليها أحدهم ونهرها بكل وحشية "بكلمات لا تمت إلى الجنس الآدمي بصلة"... ثم أردف قائلا: "اقفلي الباب وراءك وإلا أخذناك معه" نهرها بكل قسوة فانكسرت إلى الداخل... داخل بيتها... أحسست بشيء ذي طعم مغاير لطعم ريقي بفمي... مرّرت لساني بالناحية التي أحسست بها هذا القادم الغريب... كان لساني يتحسس قضما يبدو أنه انشقاق داخل فمي ناحية الأضراس التي وقعت عليها اللكمة... يبدو هذا الغريب دما...أسالوا دمي هؤلاء "الأنذال"... كم قلوبهم قاسية لماذا كلّ هذه القسوة ما الذي فعلته لهم.. ثم أخذت أقلب لساني ما استطعت ناحية أضراسي هل بقيت سليمة أم انهارت ... "أرجوك يا أضراسي قاومي ... قاومي معي بكل قوّة أرجوك لا تنهاري ... فطالما اشترى لك أخي "حطاب" العسل والحليب وتناولناه معا في الصّباح ألم يقل لنا أن العسل يقوي الأضراس... قاومي يا أضراسي أرجوك"... كنت منهارا جدا... ولكن إلى من "أشكو ضعفي إلى من أشكو قلة حيلتي"... ثم تساقط "الجوادي" وبقية فرقته من على "الدروج" هبطوا حيث نحن بالسّاحة تجمعوا بقيادته بعد أن عاث بمنزلنا فسادا وبعد أن أرعد وأزبد في وجه أبي الشيخ الجليل الكبير الطاعن في السن... ثم أعطاهم إشارة الانصراف فخرجوا ولم يأخذوني معهم...لقد "نسوني"... أكاد أقول لهم لقد نسيتموني... أكاد أصرخ فيهم "هاي" أنتم لقد نسيتم أن تأخذونني إلى المركز... لقد توعدتموني بذلك... ما الذي أعماهم عني...ولكن لعلها العناية الإلهية هي التي أعمت قلوبهم عني... أو لعلها الحرب ... الحرب على الأعصاب التي انتهجها "الجوادي" وأعوانه قصد تحطيم معنوياتي إذ كيف يعقل بي أن أنادي جلادي ليجلدني...++++يتبع بقلم بشير الهمامي * ماجستير بحث أدب