تطاوين.. ارتفاع عدد الاضاحي مقابل ارتفاع في اسعارها    جندوبة: السيطرة على حريق أتى على 3 هكتارات من حقول القمح    سعيّد يدعو للاسراع في تسوية أوضاع عمال الحضائر والمتعاقدين والمتقاعدين    صفاقس.. إنهاء تكليف كاتب عام بلدية العين    مصر.. مصرع 9 وإصابة 9 آخرين في حادثة سقوط حافلة بنهر النيل    المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    تقليد السيّد منجي الباوندي المتحصّل على جائزة نوبل للكيمياء لسنة 2023.    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    عاجل/ محكومون بالسجن بين 6 و16 سنة: ضبط 3 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم    التضامن: حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي    نواب الشعب يدعون الى استغلال الأراضي الفلاحية الدولية المهدورة لتجاوز أزمة الحبوب    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    التوقعات الجوية لهذه الليلة    يُخفي بضاعة مهربة داخل أكياس نفايات !!    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    وزير الداخلية: 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة منذ بداية العام    نبيل عمّار يتلقّى دعوة من نظيره القطري لزيارة الدّوحة    بسبب مذكرة الاعتقال ضدّ نتنياهو: المدعي العام للجنائية الدولية يتلقى تهديدات    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    النادي الصفاقسي: اليوم إنطلاق تربص سوسة .. إستعدادا لمواجهة الكلاسيكو    الاحتفاظ بتونسي وأجنبي يصنعان المشروبات الكحولية ويروّجانها    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    الرئاسة السورية: تشخيص إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    عشرات الهزات الأرضية غير المسبوقة تثير الذعر في جنوب إيطاليا    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الكلام عبدالحميد العدّاسي
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 04 - 2012

الكلام صناعة برع فيها اليوم الكثير من النّاس، ممّن سمحت لهم الظروف بالبروز واعتلاء المناصب وتبوّؤ الإشراف على المجالس!... فالنّاس في هذه الدّنيا كما أرى صنفان، صنف سار تحت الأنوار وقد يُخشى عليه – لا قدّر الله – من قلّة النّور بين يديه يوم القيامة إن هو حاد عن الحقّ، وصنف وُجد في الظلّ بعيدا عن الأنوار فلا أنار ولا استنير بفكره؛ وقد يظلّ على ذلك حتّى يُقبض!... وقد كان حريّ بالصنف الأوّل أن يحتاط لنفسه ويتخيّر لها ما ينفعها فينظر كيف تكون الأنوار والأضواء مساعدة له على التزام الحق والنطق به، وكيف تكون عامل تنميّة لعمله، فإنّ أجره يعظم بقدر ما أشاعت الأنوار كلماته الرّسالية فساعدت على إيقاظ همّة أو تجديد عزمة أو قيام ثورة ضدّ الباطل. وإنّ وزره ليتعاظم بقدر ما نُقِل عنه باطل أو رغّبت كلماتُه في باطل أو أعان بكلمة واحدة على باطل حتّى ليأتي يوم القيامة لا قدّر الله آئسا من رحمة الله تعالى!...
وقد نظرت حولي فرأيت الصورة بشعة جدّا لكلمة سمعها أناس فأرادوا العمل بها وتنزيلها في واقعهم فوجدوها عصيّةً لا تستجيب شحيحةً لا تتكرّم بخيلةً لا تتحرّر من القعود خوّارةً لا تتجاسر ناقصةَ الإيمان لا تتوكّل على الله كما أراد، فأنّى لها التأثير في النّاس وأنّى لقائلها أن يُحترم لدى النّاس وأنّى للنّاسِ أن يأخذوا بها وإن جيّش النّاسُ من حولها النّاسَ!... وإذا كنّا هذه الأيّام نتحدّث عن الرّبيع العربي وإزهاره؛ فإنّ الرّبيع لا يزهر في أرض جدباء غارت مياهها. وإنّ مياهَ أراضينا إيمانٌ بالله صادق يُروَى منه كلّ النّاس ولا سيّما المؤمنين وبالأخص منهم المنكوبين ذوي البلايا والرزايا!... أؤلئك الذين فقدوا الغالي والنّفيس، أولئك الذين ابتلوا في ديارهم بمَن يعيد أيّام فرعون وهامان وقارون ومَن قبلهم أو بعدهم مِن الظلمة المارقين من حدود الإنسانيّة!...
يجتمع الأعيان ويجتهدون – جزاهم الله خيرا – في استدرار الدعم لإخوانهم في سوريا، فيتّفقوا على إقامة جمعة جامعة لأهل كوبنهاغن كلّها، جاعلين المساجد لتلك الجمعة مفتوحة فقط لأصحاب الأعذار الذين منعتهم سنّ متّقدّمة أو أمراض مقعدة أو أسقام مُذهلة. وتُنتظر الأعداد الهائلة التي قد تعسّر على المارّة المرور، فلا يلتحق بالساحة المهيّأة للحدث (ساحة البرلمان) إلّا أعداد قليلة تؤكّد مدى خطورة الدّاء الذي أصابنا والذي قتل فينا الاهتمام حتّى ما بات منّا من هو منّا!...
تقام مؤتمرات ضخمة تأكل أموالا ما إنّ بعضها ليَقِي غزّة الضنك!... تتمخّض عن منع رفع راية كاد أهلها جميعا يهلكون دون رفعها!... بحجّة مراعاة ما لا يمكن مراعاته في سوق كلمة تحدّت كلّ المصاعب وذلّلت كلّ المسافات من أجل المناداة بحقّ المهجّرين في العودة والتحرّر والحياة!... وعجبا كيف نطلب لأنفسنا ما لا نراه صالحا أو مناسبا لغيرنا من بني جلدتنا؛ ممّن سهروا معنا الليالي لإنجاح مؤتمراتنا وتظاهراتنا ودرّبوا سواعدهم على رفع راياتنا!...
لا بدّ أن يقتنع صنّاع الكلمة بضرورة الإقلاع عن القوالب القديمة للكلمة، فإنّ الرّبيع ما أزهر في بعض البلاد العربيّة إلّا بتحطيمها واعتماد غيرها ممّا يُعلي من مقادير الصراحة ومن القدرة على مواجهة الظالم وممّا ينفي الانحناء لغير خالق هذه الأجساد!... كان على أصحاب الحسابات الضيّقة ألّا يقلقوا غيرهم الذين فكّوا قيودهم فلا يكدّروا عليهم صفو ربيعهم ولا يفسدوا فطرة حركاتهم وواقعية تحرّكاتهم!...
تريد الكلمة للرّبيع أن يزهر ولكنّ الكلمة وحدها لا تجعل ذلك ممكنا إلّا إذا صادفت من قائلها صدقا وعزما وإخلاصا، وإلّا فقد يستمرّ الخريف ويعقبه شتاء فيه الزمهرير المجمّد الدّماء في العروق والمشلّ الحركة!...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.