الوطن ليس فقط رقعة جغرافية تجمع عددا ما من بني الإنسان في حاجة للمدنيّة كما قال بن خلدون ، وليس سفسطة جاهلة أو واعية واستبلاه للناس وبراعة في الخطابة والتواصل الجماهيري ما لم يحذقه الإسلاميون لحسن نواياهم ، وليس حديثا عن نبذ العنف وممارسته ، وعن التنمية وتعطيلها ، وعن محبة هذا الشعب التونسي الطيب وتدميره ، وعن العمالة الأجنبية وخدمة الصهيونية وعملاءها من الفرنسيين والأمريكان ولو بغباء وبيدقية تحتار العقول المتبصرة أحيانا في تفسيرها ...الوطنية رباط وثيق لا تفوقه إلا الصّلة الأبدية مع الخالق سبحانه وتعالى في الدّارين...حاجة بن آدم لأخ يحاوره بنفس اللغة ويبادله نفس المشاعر بنفس المرجعية العرقية وقد تكون دينية وثقافية... روافد محصّلتها كينونة متمايزة تنسج بين عناصرها الفردية والفئوية مشاعر الإنتماء والتاريخ والحاضر والمستقبل والمصلحة العليا المشتركة ...وجدان يفرض حتما على من ينتمي إليه أن يحرص بما جبل ذهنا وبما اكتسب قوة وعلما ومالا وما وسع وقتا أن يحميه ويفديه بما غلا ونفس ، وأن يُفيد بمطلاقية المعنى ويتجنب الإضرار في كل تفاصيل معانيه...تونس لا تستحق من أبنائها الصادقين في الهيام بها أن يدعوا لآحتلالها كما تفعل في مالي، ولا أن يحرقوها أو يكسروا أو يختلسوا من محلات وممتلكات يفترض أن يكون أصحابها إخوة في الوطن ... من أخلص لتونس لا يعطل اقتصادها بعد ثورة وهي في حاجة لكل مليم ولا يغلق مصانع ولا يقطع طرقات ولا يتباهى بالتخريب ويقول" نحن وراء أحداث سليانة" ولا يعترف في برنامج تلفزي مباشر بصريح أن " المعارضة لها أن تضع قشرة الموز في طريق الحكومة" ولا يدعو إلى إسقاط أول حكومة شرعية منتخبة في تاريخ تونس والوطن العربي وجزء هام من العالم وحتى أثناء جنازة شكري بلعيد ، ولا يبتهج لما يلُمّ بها من خطب ومصائب ولا يكتفي بالمشاهدة التلفزية لمنكوبي الثلوج في عين دراهم والأمطار في بوسالم ...الوطنية أن نقبل بأن يكون في السلطة من يخالفنا الإيديولوجيا ولنا أن نتحد معه في سقف المصلحة العليا ولنلتقي في أماكن العمل نُشيّد تونس ولا حديث لنا عن الدّين ثم نفترق بين الجامع والخمارة ...لكم أن تقارعوا الأحزاب الإسلامية ومشروعها المجتمعي بأطروحات مناقضة وعليكم أن تقنعوا الناخبين وهنيئا لكم من اتبعكم منهم وليس عليكم أن تفرضوا الإضرابات وأي تحركات كانت فتلك حجة القوّة وليست قوة الحجة...وليس لكم أن تنفذوا إضرابا عاما لا يكون إلا لإسقاط أنظمة ...ولا تقارنوا مع ما كان بعد اغتيال فرحات حشاد وضدّ الإحتلال الفرنسي...ولماذا تتناسون اغتيال صالح بن يوسف والعشرات من الإسلاميين وبصور أفضع بكثير من الرصاص...؟ ثُرنا على القهر في شمولية تطبيقاته وتوفي من حانت ساعة التحاقه بالمالك القادر برصاص بوليسية بن علي ...رفضنا الظلم بما تفرع من وجوه ومظاهر ...أمِلنا أن نؤسس لتونس القانون والديمقراطية الفعلية وقبول اختيار الناخبين ، وأن لا نتّهم بالجريرة والنوايا وقد نكون فيها أيضا مخطئين ... لم يكن لكم أن تتجاوزوا الإدعاءات اللفظية التخمينية للنهضة إلى حرق مقراتها وإتلاف وثائقها...ألم يكن من المنطقي لأي ديمقراطي أن يتحقق ثم يّدين ؟ ألا يوجد بينكم عقلاء حريصون حقيقة على معرفة قاتل شكري بلعيد ومن وراءه ؟ أغاب عنكم المستفيد ؟ لماذا لم نر منكم حرصا على تطهير تونس من بقايا نظام بن علي وهم بيادق الصهيونية عدوة العرب يساريين وإسلاميين ؟ لماذا لم نشهد لكم تحرّكا واحدا لإقصاء التجمعيين سياسيا ببديهية ما يلي كل ثورة ؟ بل صرتم تقفون ضد إقصائهم حتى استنتجنا بأنكم معهم وجهين كعملة واحدة لنظام بورقيبة - بن علي ! أميّزت الطائرات الأمريكية عند قصفها للعراق بين أهله بمكوناته الفكرية المختلفة ؟ تبصروا عدوكم الحقيقي فما فرض عليكم الإسلاميون شيئا بل عليكم أن تكونوا حقيقة وطنيين من أجل تونس وفقط ... ولكم أن تهتدوا لدين الحق أنّى تشاؤون فسبحانه وتعالى لا وسيط بينه ومخلوقيه ... النهضويون والسلفيون والتحريريون وكل مكونات الطيف السني ملتزمون بفرض ربهم بأن لا يوالوا الأعداء كما يفعل التجمعيون جهرا وبكل وقاحة ولا يسرقون ولا يرتشون ولا يعطلون العمل والإنتاج والإقتصاد والتنمية بل هم يسهرون الليالي لحماية أرواحكم وعائلاتكم ومنازلكم وممتلكاتكم وهم أحرص الناس على كل الخير لتونس ولا يريدون الإقصاء السياسي إلا لمن أجرموا في حقها من نظام بورقيبة-بن علي فعوا عدوكم الحقيقي قاتل شكري بلعيد، وأدركوا ما تفعله وتريده فرنسا داعمة بن علي حتى آخر ساعاته ومن معها من الصهيونية العالمية ولا تكونوا بيادق غبية تفقؤون أعينكم بأنفسكم وتخونون وطنكم ولو عن جهل ... تناشدكم تونس المسلمة أن تتبصّروا ما بها تفعلون وتكفوا عن إيذائها بوعي أو بجهل حتى تناسبوا ما لأنفسكم تدّعون وقد دفنتم زعيمكم في مقبرة إسلامية وأكيد أنكم صلّيتم عليه ورجوتم له المغفرة وذكرتموه بما يقول في قبره .