تونس - رفع عميد الهيئة الوطنية للمحامين بتونس دعوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين السياسيين والعسكريين "الإسرائيليين" بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة, وسط تحرك حقوقي عربي وأوروبي منسق لتجريم "إسرائيل". ويباشر العميد البشير الصيد هذه الدعوى التي رفعها في الأيام القليلة الماضية بصفته منسقا بين عدة منظمات تونسية، أبرزها الهيئة الوطنية للمحامين والاتحاد العام التونسي للشغل وجمعية المحامين الشبان ونقابة الأطباء والصيادلة.
وأكد الصيد أول أمس في اجتماع بدار المحامي في تونس أن قاضيين من المحكمة الدولية تسلّما وثائق القضية، مشيرا إلى أنها باشرت النظر في بعض الدعاوى المقدمة إليها.
ورفعت مئات المنظمات العربية والدولية غير الحكومية شكاوى ضد "إسرائيل" إلى المحكمة الجنائية الدولية مطالبة المدعي العام لويس مورينو أوكامبو بفتح تحقيق في الحرب "الإسرائيلية" على غزة.
تنسيق ووجهت لإسرائيل تهم بخرق اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، واستخدام قنابل الفوسفور الأبيض المحرمة، وذخائر محتوية على يورانيوم منضب، وتدمير مقرات تابعة للأمم المتحدة.
ويقول البشير الصيد للجزيرة نت "نسعى إلى التنسيق بين مختلف المنظمات الحقوقية العربية والدولية لملاحقة المسؤولين الصهاينة وتقديمهم للعدالة الدولية بشتى السبل".
ويقول رئيس الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية المحامي أحمد الكحلاوي للجزيرة نت إن الملاحقة القضائية أربكت إسرائيل ودفعتها إلى التستر على القادة العسكريين للحيلولة دون محاكمتهم.
وكان رئيس الوزراء "الإسرائيلي" إيهود أولمرت قد تعهد مؤخرا بحماية العسكريين "الإسرائيليين" من المتابعات القضائية بسبب الجرائم التي اتهموا بارتكابها خلال الحرب على قطاع غزة.
وتوقع الكحلاوي أنّ تقود حملة الملاحقات إلى نتائج، خاصة أن التحرك الحالي يشمل العديد من الدول التي لها صلاحية تقديم الشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية، حسب رأيه.
خيارات قانونية وفي السياق نفسه, أكد عبد العظيم المغربي نائب رئيس اتحاد المحامين العرب للجزيرة نت أنه "يمكن رفع القضية ضد إسرائيل إلى المحاكم الأوروبية التي يتمتع قضاؤها بالاختصاص الكامل".
ويوضح المغربي –الذي يزور حاليا تونس للتنسيق بشأن القضية- أنه "استنادا إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك يمكن لأي جهة عربية أن ترفع قضية ضد إسرائيل أمام المحاكم الوطنية حتى لو كانت هذه الجرائم ارتكبت خارج حدودها".
لكنه في المقابل أشار إلى أنه "حيال التبعية والعجز اللذين يتصف بهما الكثير من الأنظمة العربية فإننا لا نلاحظ تفعيل هذا الأمر، لكننا نأمل أن يكون قضاؤنا يتمتع باستقلالية عن أنظمتنا".
وكشف أن هناك دعوة لأن تتقدم الجامعة العربية مدعومة بالاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز وبلدان أميركا اللاتينية إلى الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بطلب عاجل لعقد اجتماع للجمعية العامة من أجل استصدار قرار لإنشاء محكمة خاصة للتحقيق فيما وصفه بالجرائم "الإسرائيلية".
واعتبر أن هناك تعقيدات للوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تقصر طلب الإحالة بتهمة جرائم الحرب على ثلاث جهات هي: أن تكون هناك دولة طرف في النزاع مصدقة على نظام المحكمة، أو أن ترفع القضية عن طريق مجلس الأمن، أو بواسطة المدعي العام للمحكمة نفسه.
فيتو أميركي وفي هذا الصدد يقول المغربي –وهو أيضا رئيس المركز العربي لتوثيق جرائم الحرب والملاحقة القانونية- إنه "بالنسبة إلى الدول الأطراف التي يمكنها تقديم القضية وهي الأردن وجيبوتي وجزر القمر، فالأمر يبدو مستبعدا جدا".
ويتابع "فيما يتعلق بإمكانية أن يرفع مجلس الأمن قضية إلى المحكمة فالأمر يبدو أشبه بالمستحيل نظرا لوجود الفيتو الأميركي، وبالتالي أملنا متعلق بموافقة المدعي العام للمحكمة نفسه على التحقيق في القضية".
وانتقد المغربي بشدة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد رفضه رفع دعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره مخولا بذلك، واتهمه بالتواطؤ مع الاحتلال الصهيوني ضد المقاومة الفلسطينية. خميس بن بريّك