وزير الشؤون الاجتماعية: هناك فارق كبير في جرايات القطاع العام والخاص    اليوم..محاكم تونس الكبرى دون محامين..    وزير الشّؤون الاجتماعيّة: "التمديد في سنّ التّقاعد بالقطاع الخاص سيدخل حيّز التنفيذ قريبا"    تونس: في ظلّ تحقيق الاكتفاء الذاتي في مُنتجات الدواجن مساعي للتوجه نحو التصدير (فيديو)    مفزع: أكثر من 10 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض بغزة..    تشاجرت مع زوجها فألقت بنفسها من الطابق الرابع..وهذا ما حل بمن تدخلوا لانقاذها..!!    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لمن يهمّه الأمر: هكذا سيكون طقس ''الويكاند''    المرسى: القبض على شخصين و حجز أكثر من 130 قرصًا مخدرًا    طقس اليوم الخميس    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    ستيفانيا كراكسي ل"نوفا": البحر المتوسط مكان للسلام والتنمية وليس لصراع الحضارات    وزيرة التربية تكشف تفاصيل تسوية ملفات المعلمين النوّاب    بينهم ''تيك توكر''...عصابة لاغتصاب الأطفال في دولة عربية    حالة الطقس ليوم الخميس 02 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    المهرجان الدولي للثقافة والفنون دورة شاعر الشعب محمود بيرم التونسي .. من الحلم إلى الإنجاز    البنك المركزي : نسبة الفائدة في السوق النقدية يبلغ مستوى 7.97 % خلال أفريل    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    أمطار غزيرة بالسعودية والإمارات ترفع مستوى التأهب    الشرطة تحتشد قرب محتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة كاليفورنيا    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    تركيا ستنضم لجنوب إفريقيا في القضية ضد إسرائيل في لاهاي    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    في خطإ على الوطنية الأولى: دكتور وكاتب يتحول إلى خبير اقتصادي    مدرب بيارن : أهدرنا الفوز والريال «عَاقبنا»    أخبار الاتحاد المنستيري...رهان على «الدربي» وفريق كرة السلة يرفع التحدي    وفاة الفنانة الجزائرية حسنة البشارية    سعيد يعود احد مصابي وعائلة احد ضحايا حادثة انفجار ميناء رادس ويسند لهما الصنف الأول من وسام الشغل    اتفاقية تمويل    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    غدا الخميس: وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي يوقعان اتفاقا ينهي توتر العلاقة بينهما..    وزارة السياحة تقرّر احداث فريق عمل مشترك لمعاينة اسطول النقل السياحي    عيد العمال العالمي: تدشين المقر التاريخي للمنظمة الشغيلة بعد أشغال ترميم دامت ثلاث سنوات    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    ندوات ومعارض وبرامج تنشيطية حول الموروث التراثي الغزير بولاية بنزرت    بعد تتويجه بعديد الجوائز العالمية : الفيلم السوداني "وداعا جوليا " في القاعات التونسية    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    الاحتفاظ بتلميذ تهجم على استاذته بكرسي في احد معاهد جبل جلود    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    هام/ وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية دعما لتلاميذ البكالوريا..    وزارة التجارة: لن نُورّد أضاحي العيد هذه السنة    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الحرث في البحر والزرع في الصحراء : د.منصف المرزوقي
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 06 - 2009

مداخلة د.منصف المرزوقي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في مؤتمر المهجرين - جنيف 21 جوان 2009
الفجرنيوز
اخوتي أخواتي في الوطن تحية نضالية حارة وصادقة لكل واحد وواحدة منكم ....جزيل الشكر أيضا لمنظمي هذا اللقاء حول حق العودة والذين شرفوني بدعوتي للمؤتمر التأسيسي لجمعيتكم، ومن ثمّ مكنوني من فرصة التوجه إليكم . اسمحوا لي في البداية بعد التنويه بصبركم أمام المحن ووفائكم للوطن بالتذكير بأن على الشجرة ألا تحجب عنا الغابة ، والغابة اليوم هي تونس التي لا نعرف أي مصير ينتظرها . إنه السؤال المركزي الذي يجب ألا نتوقف على إلقائه إذ فيه بداية الردّ على السؤال الهام الثاني: أين بقية واجبنا ؟
إنه من الضروري أن تكون لنا رؤيا واضحة لما ينتظرنا ، أو حتى نؤقلم أفعالنا، فلا تخطئ المرمى. اسمحوا لي هنا بمواصلة استعمال منهجية الطب فالسياسة أيضا مطالبة بالتشخيص الموضوعي للواقع وبتجريب أقل الحلول ضررا وسوءا وأيضا بالتنبؤ بما سيؤول الوضع العام . وللتذكير فإن التنبؤ في الطب ليس قراءة في فنجان، وأنما توقع لأكثر الاحمالات إمكانية. هذا التوقع مبني على التجربة الشخصية على الحدس، على معرفة عميقة بالمرض المعني، ناهيك عن اطلاع واسع على دراسات علمية قارنت بين تطوره عند مجموعات مختلفة في ظروف مختلفة . إن مكافحة هذه المعطيات هي التي تسمح بتنبؤ معقول لكنه لا يرقى أبدا لليقين. حتى الخطأ يبقى أحسن من الانطلاق نحو الأهداف دون رؤيا لأن الفشل هنا مؤكد.من هذا المنطلق أي من مفهوم استشراف مستقبل تونس القريب كتنبؤ أي pronostic لا كنبوة أيprophétie يمكن التقدم بما يلي بخصوص ما يترصد بنا في السنوات القليلة المقبلة.
على صعيد الشعب في غياب رغبة وقدرة السلطة على الإصلاح وقدرة المعارضة على التأطير، وفي غياب حلم جماعي ومشروع ينبثق عنه ويجنّد حوله ،فإنّ موقف الشعب سيتبقى متسما بالسلبية والانتظار والشكّ والإحباط التام ، مع انفجارات ظرفية هنا وهناك يسهل قمعها مثل ما حدث مع الحوض المنجمي السنة الفارطة. وفي الأثناء فإن التفكك الاجتماعي سيتزايد بارتفاع نسبة الفقر والبطالة خاصة بين الشباب والجريمة والانتحار والإدمان والطلاق والهروب في قوارب الموت. كل هذا سيفاقم الأزمة النفسية الخانقة التي يعيشها كل تونسي .
على صعيد الدولة في غياب رغبة وقدرة السلطة على الإصلاح ، وفي ظل تراكم المشاكل الظرفية والهيكلية، وفي ظل حالة سوء التسيير والفساد وغياب المبادرة والالتزام الحقيقي الناجم عن تغييب الكرامة والحرية ، فإن أمراض النظام القضائي والإعلامي والتعليمي والأمني والاقتصادي ستتفاقم يوما بعد يوما ، مما سيزيد من صعوبة العيش عند كل التونسيين وعلى رأسهم المكلفين بهذه المؤسسات، والحاصل تزايد العجز عن مواجهة أمهات المشاكل مما يهدد بصفة جدية مستوى عيش التونسيين المادي والمعنوي ومستقبل الأجيال القادمة.
على صعيد النظام في ظل مرض الدكتاتور وشيخوخته سيتزايد صراع العصابتين الرئيسيتين حول خلافته المرتقبة أي عصابة زوجته وأخوتها وما يتبعهم ، وعصابة صهره ومن معه ، ولكل طرف رجل الواجهة الذي سيقدمه كخلف للسلف الطالح . ولمن يعرف تاريخ الدكتاتوريات فإنه من المحتمل جدا أن العصابة المنتصرة ستقدم رأس العصابة المهزومة - بالمعنى السياسي وربما للأسف حتى المادي - للرأي العام والدولي كدليل على نهاية عهد الفساد ، ومن الأرجح أن تكون العصابة الخاسرة هي عصابة ليلى الطرابلسي لما تدركه الأطراف الداخلية والخارجية من عمق كره الشعب لها ولإخوتها ورفض الناس المطلق لحكم تكون صاحبته المباشرة أو محركته من وراء الستار. ومن ثم فإن رأسها سيكون أحسن مدخل لبطل تغيير التغيير،أيا كان ،ليقبل به الشعب. المشكل أن بطل تغير التغيير هذا لن يصل السلطة -وذلك بعد فترة قد تكون قصيرة كما يحلم البعض وقد تكون أطول بكثير مما يعتقدون- إلا مدعوما بتحالف العصابات المنتصرة والجهاز البوليسي الاخطبوطي ، مما سيجعل مهمته الأساسية - عدا تقديم كبش الفداء للشعب وبعض التنازلات للمعارضة - المحافظة على ثروات السلب وتواصل حكم الأجهزة.
على صعيد الطرف الخارجي في إطار الستراتجية الغربية المعروفة وأولوياتها في المنطقة العربية أي الحفاظ على ما يسمى الاستقرار ومنع تدفق المهاجرين وفرض سلام على الفلسطينين والعرب بالشروط المعروفة ومواصلة التحكم في الأسواق ، فإن خيار هذا الطرف سيكون الرهان على رجل من داخل النظام يقوم بالحدّ الأدنى من الإصلاحات دون مساس بثوابت نظام الدكتاتور خاصة في مستوى السياسة الخارجية والاقتصاد . المؤكّد أن الحكومات الغربية لن تدفع كثيرا في اتجاه ديمقراطية حقيقية لتأكدها أن الانتخابات الحرة والنزيهة لن تفرز كما حدث ذلك كل مرة إلا قوى وطنية وإسلامية .
على صعيد المعارضة. جزء منها سيواصل ما أسميه ستراتجيات الحرث في البحر و تمثلت في نهاية الثمانيات في المراهنة على الدخول في صلب النظام والتغيير من الداخل، ورأينا من غيّر من.
وفي نهاية التسعينات وإلى اليوم أصبحت المراهنة تغيير النظام من الخارج باستعمال المساحات الضيقة من الحريات التي يسمح بها مثل اغتنام انتخاباته للضغط عليه وإجباره على توسيع هامش الديمقراطية مع استعمال الضغوطات الغربية لحمله على مزيد من التنازلات ....ورأينا نتيجة هذه الستراتجية ليس فقط في " انتخابات" 1999 وخاصة 2004 وإنما في اشتداد القمع سنة بعد سنة وتضييق الخناق المتزايد على هوامش الهوامش من هوامش الحريات المتبقية.آخر أوهام هذا التيار المراهنة على بطل تغيير التغيير الحال أنه أيا كان البيان رقم 1- إن لم يتعهد بالدعوة لانتخابات عامة وحرة رئاسية وتشريعية وبلدية في ظرف ستة أشهر - فالعملية لن تكون إلا تكرارا لما عرفنا وجعل دكتاتور يرثنا من دكتاتور وكأننا قطيع بقر لا شعب له حقوق غير قابلة للتصرف.
جزء آخر من المعارضة سيواصل ستراتجية الزرع في الصحراء وهي ستراتجية تنطلق من القناعة أنه لا مجال لبدائل حقيقية وإصلاحات جذرية تضمن كرامة هذا الجيل ومستقبل الجيل القادم إلاّ بالقطع مع النظام الاستبدادي واعتبار نهايته هدفا لا خيار عنه، ومن ثمّ ضرورة رص الصفوف واستنفار القوى المعطلة واستشراف وسائل جديدة للنضال السلمي تحقق يوما لتونس استقلالها الثاني. أقول أننا أمام ستراتجية الزرع في الصحراء لأنه لا وهم حول حجم المعوقات االداخلية والخارجية ، لكن أيضا لا وهم حول جدوى أي خيار آخر غير العمل على الأمد الطويل والصبر والتضحية والقبول بكل المصاعب.
إخواني أخواتي
هذا هو المشهد للحاضر البائس وللمستقبل القريب الذي لا ينذر بكثير خير، ولا أظنّ أننا نختلف كثيرا في رؤيتنا للأمور.يبقى الردّ الآن على السؤال أين واجبنا ؟
لقد أثبتت ستراتجيات التغيير من الداخل أو بالضغط الخارجي عقمها حيث لم تحقق كسبا واحدا للبلاد ولا للأحزاب التي انتهجتها ولا حتى للأشخاص الذين لم يجنوا منها إلأ تضييع المصداقية في أحسن الأحوال والشرف في أسوأها. هذا الفشل ليس نتيجة قصور في التضحيات وإنما نتيجة تشخيص مغلوط من البداية. فمنذ بداية التسعينات كان جليا أننا لسنا أمام نظام ما قبل الديمقراطيPré ou proto- démocratie سيتطور ولو على الأمد الطويل إلى ديمقراطية حقيقية وإنما أمام دكتاتورية قديمة في ثوب عصري لم تضع البلاد على مسار ديمقراطي بطيء وإنما على مسار دكتاتوري سحق ببطء وبثبات وبعناد كل مؤسسات المجتمع المدني ومصرّ على التحرّك في في نفس الطريق كجرافة لن تتوقف إلا إذا أوقفت.
ورغم بداهة عبثية ستراتجيات الزرع في البحر وبعدها التام عن كل واقعية سياسية وتعلقها بأضغاث أوهام فلا زلنا نرى من يقول بجدواها بل ويدعونا لتكرار سيناريو 2004 دون تغيير.
للأسف لا أحد قادر على منع تواصل هذا الخيار وعوض الدخول مع أصحابه في جدل عقيم لنقل "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " ولنتركهم لخيارهم آملين أن يحققوا على الأقل شيئا من الإزعاج للدكتاتور. إن كنا غير قادرين وغير راغبين في التعرّض لخيار نعرف أنه لن يجني من حرثه البحر إلا بعض الزبد فليس بقدرة أحد التعرض لخيار المقاومة ولو كانت زرعا في الصحراء .إنه أيضا خيار نابع من داخل المجتمع التونسي الذي يتصرف ككائن جماعي ذكي يلعب على أكثر من حبل للوصول لأهدافه.
اسمحوا لي هنا للتأشير بقوة على خطأ من يربط فكرة المقاومة بالمؤتمر من أجل الجمهورية أو بشخصي.
ملحمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بداية التسعينات كانت مقاومة.
صمود الإسلاميين في السجون والمنافي وصمود عائلاتهم كل هذه السنوات كانت مقاومة. تضحيات حزب العمال الشيوعي وكل الديمقراطيين العلمانيين كانت مقاومة.
صراع النقابيين القاعديين والجامعيين والصحافيين والمحامين وحتى القضاة من أجل شرف مهنتهم وحقوقهم كانت مقاومة.
بروز المجلس الوطني للحريات ونضاله كان مقاومة.
تحدي السلطة وبناء أحزاب وجمعيت محظورة ناهيك عن لجان مساندة هذه القضية أو تلك مقاومة.
إضرابات الجوع العديدة ومنها إضراب 18 أكتوبر مقاومة.
موجة ارتداء الحجاب مقاومة .
مقاطعة المهازل الانتخابية مقاومة.
خلاصة القول وخلافا لمن يتهمون شعبنا بالتقاعس أو يئسوا منه وهو كالسبع الذي يرصد اللحظة الملائمة للانقضاض على معذبيه، أقول أن هذا الشعب لم يكفّ منذ عشرين سنة عن المقاومة المدنية السلمية . المشكل أن علينا أمام اليوم أمام حجم الخراب المرور إلى مرحلة جديدة من هذه المقاومة . يجب المرور من ردّ الفعل إلى الفعل ، من التردّد إلى الإقدام ، من المناوشات المتفرقة إلى معركة جماعية.
إن ما يحتاجه شعب أرهقه نظام الفساد والتزييف والقمع لكي يتحرك أسوة بشعوب شبيهة بنا مثل الشعب الموريتاني والإيراني، ولا أتحدث عن شعبنا الفلسطيني العظيم، هو أن نقدم له قيادة يثق فيها وبرنامجا للحكم لا لإصلاح الدكتاتورية، وخطة عمل تتوجه للشباب أساسا .
إخواني أخواتي
تونس بأمس الحاجة لجبهة سياسية تقبل بتعدد المرجعيات العقائدية ولا تجادل فيها ...تقبل بتعدد الزعامات الفكرية والسياسية والحقوقية ،لأنه لم يعد لشخص أو لحزب أو لجيل قدرة تحرير تونس بوحده ...تفهم أن دور المعارضة الديمقراطية هو أن تكون البديل للنظام الاستبدادي لا مصلحته......تستغل المخزون العارم من الغضب المسكوت عنه والقادر على التفجّر عنفا أعمى ومدمّرا في أي وقت...تستنفر كل قوى المعارضة داخل أجهزة الدولة وحتى النظام الرافضة لمزيد من إذلال التونسيين...تتوجه لكل الآليات الحديثة للاتصال لتحريض الشباب والشعب عموما للذود عن حقوقه وحرياته وكرامته.
هذه الجبهة لو تكونت في التسعينات لما كنا في المستنقع الذي نتخبط فيه اليوم. لكن هذا لا يجب أن يحبطنا وإنما ان يزيد من عزمنا على عدم تضييع مزيد من الوقت في الاختلافات التي ضيعتنا وضيعت البلد.
وإذا ارتأيتم الانخراط في هذه الستراتيجيا فإن مهمة هذا المؤتمر- الذي يمكن أن يكون في حد ذاته مرحلة مصيرية لبناء هذه الجبهة - ليست في إصدار بيانات الاحتجاج والتظلم والبحث عن الضغط على نظام أثبت أنه بلا قلب ولا ضمير، أو عن ضمانات لن يلتزم بها حتى إن أعطاها. إنها في البحث عن أنجع السبل لتطبيق الشعار الذي رفعناه في المجلس الوطني للحريات " حقوقنا نمارسها ولا نطالب بها "
ما اقترحه عليكم تدارس كيفية الإعداد لقوافل طائرات ترجع للوطن بمناسبة العيد المقبل نقضيه بين أهلنا وذوينا دون طلب الإذن من أحد ودون مساومة أحد ...كيفية الاعداد للحملة الاعلامية التي يجب أن تسبق عودتنا وتغطيها ...كيفية الإعداد للمعركة الحقوقية لمواجهة الاستفراد والمحاصرة والتهديد والإيقاف وباقي التقنيات التي ستركن إليها السلطة إذا رفعنا مثل هذا التحدي.
مثل هذه العودة الجماعية مرفوعي الرأس ومتضامنين وقابلين لكل التضحيات ليست إلا واحدة من بين وسائل المقاومة المدنية التي يجب أن تدعو إليها وتنظمها وتنسقها جبهة سياسية هي الأمل الوحيد الباقي لشعب خانته نخبه إن بالوصولية والدخولية وإن بالتفرق والنزاع على مشاكل سريالية وزعامات وهمية وآن لها أن تضطلع بمسؤوليتها كاملة كامتداد للحركة الوطنية هدفها تحقيق الاستقلال الثاني أو استكمال الاستقلال الأول الذي صادره بورقيبة ومن بعده المصيبة الكأدأ التي تركها لنا.
إنها مهمتنا جميعا وخاصة مهمة الشباب ، فلنكن جميعا في الموعد الذي ضربه لنا التاريخ.
وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحيا تونس
الاثنين 22 حزيران (يونيو) 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.